سياسة دولية

أربعاء أسود للجمهوريين: حسم ديمقراطي للشيوخ وفوضى ترامب

أصبح الديمقراطي "تشاك شومر" أول يهودي يتزعم أغلبية مجلس الشيوخ في تاريخ أمريكا مطيحا بالجمهوري ميتش ماكونل- جيتي

شهدت الولايات المتحدة "أربعاء أسود" للحزب الجمهوري، حيث خسر الأغلبية في مجلس الشيوخ لصالح الديمقراطيين، الذين باتوا يسيطرون على جميع مفاصل صنع القرار في واشنطن.

 

وتزامن ذلك أيضا مع فوضى صادمة أثارها الرئيس دونالد ترامب، الذي دعا أنصاره للاحتشاد أمام البيت الأبيض، مكررا على مسامعهم مزاعم تزوير الانتخابات التي خسرها أمام الديمقراطي جو بايدن في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ليتوجهوا بعد ذلك لاقتحام الكونغرس وتعطيل جلسة المصادقة على النتائج، في سابقة بالديمقراطيات الحديثة.

 

"هاريس".. الصوت القوي

 

ومساء الأربعاء، وأثناء محاولات إخراج أنصار ترامب من مبنى الكونغرس، تم الإعلان عن نتائج جولة الإعادة على مقعدي مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا، التي أجريت الثلاثاء، ليتأكد انتزاع الديمقراطيين لكلا المقعدين.

 

ويتقاسم الحزبان بذلك مقاعد مجلس الشيوخ الـ100 مناصفة، ويصبح لدى رئيسته القادمة، الديمقراطية كامالا هاريس، نائب الرئيس المنتخب جو بايدن، صوت "فك التعادل".

 

 

وأثارت الهزيمة استياء واسعا في أوساط الجمهوريين، لا سيما أن الولاية كانت محسوبة عليهم لعدة عقود، وكان ترامب قد خسرها أيضا أمام بايدن.

 

وبفوز جون أوسوف ورافائيل وارنوك، على الجمهوريين ديفيد بيردو وكيلي لوفلر، يصبح الديمقراطي "تشاك شومر" أول يهودي يتزعم أغلبية مجلس الشيوخ في تاريخ الولايات المتحدة.

 

 

اقرأ أيضا: الديمقراطيون على أعتاب انتزاع "الشيوخ" بجولة الإعادة بجورجيا

 

عزل ترامب

 

ومن شأن الأغلبية الديمقراطية في غرفتي الكونغرس تمكين بايدن من تمرير إدارته وسياساتها بسهولة، كما يدور حديث عن إعادة النظر في محاكمة ترامب برلمانيا وعزله.

 

ويتطلب عزل الرئيس عبر محاكمة في الكونغرس مصادقة ثلثي أعضاء الشيوخ، لكن الاستياء العام إزاء ما أقدم عليه أنصار ترامب بات يعزز التوجه نحو الإطاحة به حتى من داخل معسكره، رغم أن أسبوعين فقط تبقيا له في المنصب.

 

ونقلت عدة وسائل إعلام رئيسية عن مسؤولين جمهوريين تأكيدهم أن وزراء في إدارة ترامب بحثوا إمكانية تفعيل التعديل 25 للدستور الأمريكي الذي يمنحهم حق اعتبار الرئيس غير مؤهل للبقاء في المنصب.

 

 

 

 

اقرأ أيضا: نائب جمهوري: ما تشهده واشنطن هو محاولة انقلاب

 

شرخ جمهوري عميق

 

وتتعقد حسابات قادة الحزب الجمهوري بسبب الشعبية الكبيرة التي أظهرت نتائج الانتخابات أن ترامب يحظى بها، حيث حصد أكثر من 74 مليون صوت (47 بالمئة من الأصوات) رغم كل ما فعله وما قيل عنه خلال السنوات الأربع الماضية، فيما أقدم الآلاف منهم على أشكال من الاحتجاج غير مسبوقة بتاريخ البلاد الحديث دفاعا عنه واستجابة لنداءاته.

 

وفي بدايات جلسة المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية، الأربعاء، أظهر العشرات من النواب الجمهوريين ميلا لمزاعم ترامب، واعترضوا على تمرير فوز بايدن بعدد من الولايات، فيما أصدر نائب الرئيس مايك بنس، بيانا يرفض فيه الامتثال لضغوط ترامب برفض النتائج.

 

 

ويحق لبنس، باعتباره، دستوريا، رئيسا لمجلس الشيوخ، أن يطلب من الولايات إعادة النظر في تصديقها على نتائج الانتخابات.

 

وأثار موقف بنس وعدد آخر من القادة الجمهوريين غضب ترامب، مطلقا تصريحات ضدهم، ما أظهر أن الحزب يقف على أعتاب شرخ كبير.

 

اقرأ أيضا: إعلام أمريكي: وزراء لترامب بحثوا تنحيته بعد أحداث الكونغرس

 

وبعد تعليق الجلسة وتفجر المشهد في محيط الكونغرس وداخله، توالت التصريحات والمواقف المنددة من كلا الحزبين، ومن وسائل إعلام وكتاب أعمدة ورجال أعمال، حملت أغلبها ترامب المسؤولية، وصولا إلى المطالبة بعزله.

 

وفجر الخميس، أعلن مات بوتينغر، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، استقالته احتجاجا على اقتحام الكونغرس، بعد أن فعلت ذلك أيضا سارة ماثيوز، نائب المتحدث باسم البيت الأبيض، فيما أكدت وسائل إعلام أن العديد من المسؤولين الآخرين يعتزمون الإقدام على الخطوة.

 

نزيف مستمر بجلسة الحسم

 

ووفق رصد "عربي21"، فقد شهدت جلسة المصادقة على تصويت المجمع الانتخابي انقساما بين الجمهوريين، وسط مضي بعضهم وراء رغبة ترامب، رغم المشهد السوداوي الذي شهده الكونغرس.

 

ولدى تمرير نتيجة ولاية أريزونا، اعترض العشرات من الجمهوريين في مجلس النواب على فوز بايدن بها، وساند ذلك بالمجمل 121 نائبا عن الحزب، فيما رفضه 83 عضوا إلى جانب 220 ديمقراطيا (ديمقراطيان وخمسة جمهوريين لم يصوتوا).

 

أما على مستوى الشيوخ، فقد صوت لصالح الاعتراض ستة جمهوريين، ورفضه البقية (45)، إلى جانب الديمقراطيين جميعا (48).

 

كما ساند 138 نائبا جمهوريا اعتراضا على فوز بايدن بولاية بنسيلفانيا، مقابل رفض 64 إلى جانب 218 ديمقراطيا (أربعة ديمقراطيين وسبعة جمهوريين لم يصوتوا).

 

وفي الشيوخ، ساند سبعة أعضاء جمهوريين ذلك الاعتراض، مقابل رفض 44، اصطفوا مع الأقلية الديمقراطية في المجلس.

 

ولم تشهد المصادقة على نتائج بقية الولايات اعتراضات تم التصويت عليها، وفق متابعة "عربي21"، حيث يشترط أن يدعم سيناتور واحد على الأقل الاعتراض حتى يتم التصويت عليه.

 

وحتى لو تم تمرير اعتراضات أريزونا (11 مقعدا بالمجمع الانتخابي)  وبنسيلفانيا (20 مقعدا)، فإن اللوائح تقضي بأن يأمر رئيس مجلس الشيوخ، بنس، الولايتين بإعادة النظر في التصديق على النتائج وحسب، فضلا عن كون رصيدهما بالمجمع الانتخابي غير كاف لقلب النتيجة، حيث حصد بايدن 306 مقاعد، متجاوزا الحد الأدنى الضامن (270) للفوز بـ36 مقعدا، مقابل 232 لترامب.