منذ أن أعلنت تونس في بلاغ لوزارة الخارجية يوم 22 كانون الأول/ ديسمبر 2020 عن رفض التطبيع بالشكل القاطع والجذري الذي تم، كان يجب أن نتوقع ردة فعل ما من الجانب الإسرائيلي، وأتت فعلا عبر بلاغ من مؤسسة الأحبار الأوروبيين يتهم الرجل باطلا بمعاداة السامية.
لن تكون "معركة التطبيع" سهلة، خاصة بالنسبة لدولة تواجه وضعا هشا من كل النواحي، وخاصة إزاء حالة الالتفاف على "التضامن العربي" في مواجهة إسرائيل. "موجة" التطبيع جرفت مجالات كبيرة، وبالنسبة للمنطقة المغاربية جرفت جناحها الغربي- الأطلسي إثر تطبيع المغرب الأقصى مقابل اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء. الطرف الجزائري ليس في أفضل حالاته مع تراجع مداخيل النفط ومرض الرئيس الجزائري تبون.
لن تكون "معركة التطبيع" سهلة، خاصة بالنسبة لدولة تواجه وضعا هشا من كل النواحي، وخاصة إزاء حالة الالتفاف على "التضامن العربي" في مواجهة إسرائيل
بلاغ مجلس الأحبار اليهود في أوروبا يعتبر خطوة جديدة في مسار الحملة على سعيد. إذ أصدر بيانا أعلن فيه اتهامات للرئيس التونسي على أساس أنه ذكر اليهود في كلمة له تخص الاحتجاجات الشعبية واعتبارهم مسؤولين عن الأحداث
تناقل الإعلام الإسرائيلي مضمون البيان، وسارعت الرئاسة التونسية إلى تكذيب ما ورد فيه، والتأكيد على أن الرئاسة تفرق جيدا بين اليهودية والصهيونية. الجملة الأخيرة تحديدا لا يمكن أن تطمئن الطرف الإسرائيلي، بل ستزيد حنقه، إذ هو معني بعدم التفريق أبدا بين اليهودية والصهيونية.
وهكذا تواصلت الادعاءات.. صحيفة الجيروزاليم بوست ادعت نقلا عن ناطق باسم مؤسسة الأحبار أن قيس سعيد "اعتذر عن أقواله"، وهو عكس ما ورد في بلاغ الرئاسة الذي نفى أصلا ذكره لأي أقوال.
لا يحدث كل هذا بالقطع بشكل عفوي.. نحن إزاء انطلاق حملة علنية تقودها أوساط اللوبي الإسرائيلي ومنصاته الدعائية للتحرش بقيس سعيد، ونحن على الأرجح في المرحلة الأولى والمبكرة جدا لهذه الحملة. ولا تجب الاستهانة بنوايا الطرف الإسرائيلي الذي لن يتوانى عن شيء لمحاولة "تأديب" الرئيس التونسي الذي تجرأ على "الذات الإسرائيلية". إن نموذج ديمقراطية مستمرة يقودها شخص بربطة عنق ليس متطرفا دينيا ويقوم أيضا برفض التطبيع هو بالتحديد النموذج الذي لن تقبله تل أبيب، هي معنية فقط بخصوم يظهرون في الغرب كمرتادين للكهوف. داعش خصم مفضل لإسرائيل، وليس قيس سعيد. يجب توقع المزيد من الضغط، والحماية الوحيدة للرئيس التونسي ستكون شرعيته الديمقراطية وشعبه.
twitter.com/t_kahlaoui
تعديل وزاري في تونس بطعم الاستقرار
"إسرائيل".. خطوة أكثر اندماجاً في تحالف شرق أوسطي
المشهد السياسي التونسي يعدل نفسه ويتقدم