يقولون إن الذهب لا تظهر قيمته إلا بعد أن يتم صقله بالنار، وهذا هو حال غزة وحال العاملين فيها في كافة المجالات فهم كالمعادن النفيسة تصقلهم التجارب والمحن، ولم تكن هناك محنة أعظم من محنة كورونا التي مرت على القطاع الصحي. ففي الحروب التي خاضتها غزة والانتفاضتين كان العدو معلوما، أما في وباء كورونا فالعدو مجهول وغير مرئي، فقد يكون بين أهلك وأولادك وفي الشارع والسيارة وفي كل مكان.
وسنسلط الضوء من واقع تجربتي في هذا المقال على ما قدمته غزة ووزارة الصحة في محاربة هذا الوباء، فيسجل لغزة ووزارة الصحة فيها التالي:
1- أنها أول من أعلن عن وجود حالات مصابة بفيروس كورونا في قطاع غزة فجر يوم 22 آذار/ مارس 2020 عبر مؤتمر صحفي عقده وكيل وزارة الصحة بعد منتصف الليل، وأن أهل القطاع أخذوا المعلومة من مصدرها وليس عبر الشائعات.
2- وأن العديد من كوادر وزارة الصحة من أطباء وممرضين قاموا بخطبة صلاة الجمعة واعتلاء المنبر، والتوضيح لجمهور المصلين المعلومات عن مرض كورونا.
3- قامت بعمل مراكز حجر للقادمين من المعابر ولمدد تصل إلى 21 يوما دون أن يدفع مواطن أي شيكل، مع أنه في كثير من الدول الحجر يكون على نفقة المواطن.
4- لم تتوقف الخدمة في المستشفيات للمرضى وبقيت المنظومة الصحية متماسكة، بل زاد عدد الكوادر الصحية عبر توظيف المئات من الممرضين والأطباء.
5- عدد من فقدناهم من أبناء الكادر الصحي نتيجة تعاملهم مع المرض بسيط جدا مقارنة مع عدد المرضى.
6- وفرت وزارة الصحة رغم ضيق ذات اليد كافة المستلزمات التي تساعد على حماية الطواقم الصحية التي تتعامل مع المرضى مما قلل حجم الإصابات والحمد لله، بل تم تفريغ مستشفيي الصداقة وغزة الأوروبي للتعامل مع الحالات.
7- تلقى الجميع ومن مختلف المستويات المعيشية نفس الخدمة وفي نفس المستشفيات وفي نفس الغرف، فلم يتم التمييز بين مسؤول وبين مواطن عادي.
8- تم تأخير انتشار الوباء في الموجة الثانية عبر كثير من الإجراءات التي ساعدت في التعامل الجيد مع هذا الوباء، والتقليل من آثاره الكارثية.
9- أصبحت في كل مستشفى كبير أقسام تتعامل مع مرضى كورونا، فأصبح التعامل مع المرض ومرضاه جزءا من ثقافة وأداء الطاقم الصحي في مرافق وزارة الصحة.
10- بفضل هذه الجهود انخفض معدل الإصابات العام من حوالي 45 في المئة من مجمل العينات التي تم فحصها إلى حوالي 10 في المئة هذه الأيام، بل إنه في يوم الأحد (24 كانون الثاني/ يناير 2021) لم تسجل حالة وفاة وهذا لم يحدث منذ فترة طويلة.
الصورة ليست وردية ولكنها أفضل من أماكن كثيرة والحمد لله، والإنجازات أكثر بكثير مما كُتب، ولكنها لمسة وفاء لمن وصل الليل بالنهار من أجل خدمة أبناء شعبه ودفع هذا البلاء عنه.
الحمد لله على نعمة غزة
الحمد لله الذي سخرنا لخدمة أهلينا ومرضانا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* مدير تمريض مستشفى ناصر بغزة