لاحظ المراقبون أن
العلاقات اليمنية القطرية لم
تتقدم، أسوة بالعلاقات السعودية القطرية، بعد انتهاء الأزمة وتوقيع بيان قمة العلا
التي عقدت في الرياض في الخامس من كانون الثاني/ يناير الحالي.
وكان رئيس الحكومة اليمنية، معين عبدالملك، قد
أعرب مطلع الشهر الجاري، عن ثقته في "أن تنعكس المصالحة إيجابا على الأوضاع
في اليمن ودعمها سياسيا واقتصاديا، وعلى مهمة إنهاء الانقلاب، واستعادة الدولة، وتحقيق السلام".
"تحت تأثير التحالف"
وفي هذا السياق، يرى الأكاديمي والباحث العماني
في الشؤون الاستراتيجية، عبدالله الغيلاني، أن حكومة الرئيس هادي لم تكن بحاجة إلى
الاشتباك مع الدوحة، بل كانت المصلحة اليمنية تقتضي التمسك بالعلاقة مع قطر.
وقال في حديث لـ"عربي21": "حكومة
هادي، غاصت في مستنقع الأزمة مع قطر؛ امتثالا لإملاءات التحالف السعودي-الإماراتي
وحسب، دون النظر إلى المصلحة الوطنية العليا"، مؤكدا أنها اليوم، تدفع أكلاف
خيارها ذاك.
وأشار الغيلاني إلى أن المصالحة الخليجية لا
تزال في طور التخلق، وهي في مرحلتها الراهنة أقرب إلى الهدنة منها إلى المصالحة
الناجزة.
وأضاف الأكاديمي العماني أن معنى هذا أن عودة
العلاقة القطرية-اليمنية ليست قضية مركزية في أجندة التفاوض.
وتابع : "خاصة أن الدوحة لا تظهر حرصا
استثنائيا على استئناف علاقتها مع حكومة الرئيس هادي، لما تمثله الحالة اليمنية
الراهنة من عبء استراتيجي من جهة، ولتنكر الحكومة اليمنية لقطر إبان الحصار
وانحيازها التام للمحور السعودي-الإماراتي خلال فترة الأزمة من جهة أخرى".
وبحسب الغيلاني، فإن قمة العلا اقتصرت على منظومة
التعاون ومصر (ممثلة بوزير خارجيتها)، باعتبار القاهرة أحد أطراف الأزمة.
وأوضح أن اليمن لم تُدع لحضور القمة؛ لأنها ليست
ضمن فرقاء الأزمة، ولأنها واقعة تحت تأثير التحالف.
وأردف قائلا: "ما لم تخرج حكومة هادي من
حالة الارتهان التام للتحالف، فإن خيارها الاستراتيجي سيبقى أسيرا لحسابات إقليمية
بعيدا عن مصالح اليمن الحيوية".
وذكر الباحث الاستراتيجي العماني أن الأزمة
اليمنية، بتداعياتها الجيوسياسية، غدت أحد مكونات الأمن الإقليمي الخليجي، مشددا
على أن علاقة اليمن بالكتلة الخليجية، بما فيها قطر، تعد "ضرورة استراتيجية
للأمن الإقليمي، خاصة مع المقاربة الأمريكية المرتقبة إزاء أمن الخليج، والتي
ستشمل الملفين اليمني و الإيراني".
"خطوة من طرف اليمن"
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني
ياسين التميمي إن عودة العلاقات اليمنية القطرية بعد أن أقدمت الحكومة الشرعية على
قطعها دون مسوغات، تحتاج إلى مبادرة من الشرعية، وإلى تحرك يقوده وزير الخارجية،
أحمد عوض بن مبارك.
وأضاف في حديث لـ"عربي21":
"يفترض أن تتضمن تلك المبادرة القيام بزيارة إلى الدوحة إن لزم الأمر، لما من
شأنه أن يرمم ما تصدع من العلاقات الممتازة التي كانت قائمة بين البلدين".
وبحسب التميمي، فإنه ما بات معلوما، أن الخاسر
الأكبر من انقطاع العلاقات بين اليمن وقطر هو الشعب اليمني الذي كان أحد الأهداف
الموضوعة ضمن لائحة الدعم القطري في ظل ما يمر به من ظروف، مع الأخذ بعين الاعتبار
المصالح المشتركة التي تجمع بين البلدين والتي تهم قطر كما تهم اليمن.
وأشار إلى أن أي خطوة باتجاه استعادة العلاقات
ينبغي أن تأتي من طرف الشرعية، وأن تعبر عن الاستقلالية المفترضة في إدارة
العلاقات الدولية، بحيث لا تأتي ملحقة بخطوة استعادة العلاقات السعودية القطرية.
وأكد الكاتب اليمني أن قطع العلاقات كان "مسببا
ومشفوعا باتهامات لقطر بأنها تدعم الإرهاب في ترديد يخلو من المسؤولية لادعاءات
صدرها محاصرو قطر في ذلك الوقت".
السياسي اليمني التميمي، لفت إلى أن اليمن لم
يكن طرفا في محاصرة قطر، ولم يفعل أكثر من كونه قطع العلاقات بضغط من الجانب
السعودي.
في المقابل، يوضح التميمي أنه ينبغي أن تكون
تحركات السلطة الشرعية متسقة مع طبيعة الموقف الذي اتخذته تجاه قطر، وضامنا لعودة
قوية للعلاقات بين البلدين والتصرف من منطلق أن اليمن بلد مستقل، وأن المستقبل واعد
بالتعاون المفيد لقطر كما هو لليمن.
لكنه استدرك قائلا: "الحكومة بتركيبتها
الحالية، تبدو أقل قدرة على اتخاذ موقف مستقل يعبر عن التكافؤ المفترض في العلاقات
الدولية لليمن، والكف عن إبقائها ملحقة بالإرادة السعودية أو الإماراتية".
ووفقا للمتحدث ذاته، فإن التحرك باتجاه قطر "سيبقى
متأثرا بحالة الاستقطاب والتأثير التي تسيطر على وزراء الحكومة الذين يخضع العديد
منهم للإرادة الإماراتية، ولا يتصرف على أنه جزء من الدولة اليمنية أصلا... وأعني
بهم وزراء المجلس الانتقالي الموالي للإمارات".
وشدد الكاتب والسياسي اليمني على أن ينهض وزراء
الحقائب الأربع السيادية بدورهم في إزالة الآثار السيئة لقرار قطع العلاقات مع
قطر، وإعادة الحيوية إلى العلاقات مع هذا البلد ومع بلدان أخرى عربية وإسلامية
وضعت ضمن الدوائر الحمراء السعودية والإماراتية طيلة الفترة الماضية.
ولم يتسن لـ"عربي21" الحصول على تعليق
من قبل الحكومة اليمنية حول هذه الجزئية، رغم تواصلنا مع متحدثها الرسمي.