سلطت صحيفة "
واشنطن بوست" في تقرير أعدته مريام بيرغر وأدم
تيلور الضوء على علاقة شركة "
تويتر" بالمرشد الأعلى للجمهورية
الإيرانية
آية الله علي
خامنئي وإن كان التالي على قائمة المنع بعد قرارها وقف حساب الرئيس السابق
دونالد ترامب.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن حساب خامنئي في أي يوم
عادي يشارك مئات الآلاف من المتابعين له بتغريداته على منصة التواصل الاجتماعي الأمريكية.
وعادة ما تكون تغريداته لطيفة وتحتوي على تعليقات نارية ضد الناشطين الإيرانيين وإسرائيل
وفي الفترة الأخيرة لقاحات فيروس كورونا.
ورغم استخدام المرشد المستمر للمنصة إلا أن "تويتر" ممنوع في
إيران منذ 2009 وفي أعقاب الانتخابات التي قادت لاحتجاجات عرفت بالثورة الخضراء.
وعادة ما يلجأ الإيرانيون العاديون إلى التحايل على المنع الحكومي من
خلال الشبكات الافتراضية الخاصة أو VPN وبسبب تقييد مساحات حرية التعبير في إيران يقدم "تويتر" منصة
نادرة للإيرانيين في داخل وخارج البلاد لمواجهة قادتهم وانتقادهم.
إلا أن بعض المعارضين والناشطين
الإيرانيين يتساءلون بعد وقف ترامب في أعقاب أحداث 6 كانون الثاني/يناير واقتحام الكونغرس
عن سبب استمرار حساب خامنئي على "تويتر".
وتقول سمين كارغر، الباحثة غير المقيمة في مجال حقوق الإنسان والتكنولوجيا
بالمجلس الأطلنطي: "من المنظور المحلي، سيكون منطقيا للكثير من الإيرانيين لو
تم وقف حساب خامنئي لأن قادتهم يمارسون معايير مزدوجة". وأضافت: "من منظور
المحتوى المعتدل، أعتقد أن "تويتر" بعد منعها ترامب دخلت في محور غامض"،
و"لأنها تتعرض للضغوط من كل جانب من أجل أن تكون متناسقة مع سياساتها وهو أمر
صعب".
وتنتفع ماركة "تويتر" من كونها المصدر المهم للساسة والمنصات
الإعلامية والرموز المؤثرة. وطالما تعرضت "تويتر" للنقد، وأنها سمحت لخطاب
الكراهية بالانتشار. وتقول ماشا علي مرداني، الزميلة في معهد أوكسفورد للإنترنت ومنظمة
البند19: "أنا لست مع الرأي الذي يطالب بمنع خامنئي لأنه ديكتاتور أو لأنه يشرف
على بلد تمنع تويتر" و"أعتقد أنه يجب منعه لأنه خرق قواعد الخدمة ووضع محتويات
إشكالية".
وقالت شركة "تويتر" إنها سمحت بمنشورات مثيرة للجدل لرموز عامة
من أجل أن يتفاعل مع ما يقولون. وفرقت بين الدعوات الغامضة للعنف والتي أبقت عليها
وبين تلك المحددة ضد أفراد، وتدعو إلى الانتقام كما تقول.
وفي كانون الثاني/يناير علقت "تويتر" حسابا مرتبطا بخامنئي
بعدما شارك صورة ألمحت للعنف ضد ترامب، مع أن "تويتر" قالت إنها أغلقت الحساب
المزيف الذي لم يتم ربطه بخامنئي. وهو تفسير خالفه المحللون في الشأن الإيراني.
وقبل ذلك بأسبوعين حذفت "تويتر" تغريدة لخامنئي تساءل فيها
عن مصداقية لقاحات كورونا البريطانية والأمريكية، مشيرة إلى أنها تخرق قواعدها في مشاركة
معلومات مضللة عن الفيروس.
وفي جلسة استماع أمام الكنيست الإسرائيلي في تموز/يوليو دافع ممثل عن
شركة "تويتر" عن عدم حذف تغريدات لخامنئي وصف فيها إسرائيل بـ"الورم
السرطاني". وقالت رئيسة "تويتر" لدول الشمال وإسرائيل يالوا بيترسون:
"الصخب في السياسة الخارجية بشأن الموضوعات السياسية والاقتصادية لا يعتبر من
الناحية العامة خرقا لقواعد تويتر"، وبحسب معايير الشركة التي حدثت في 2019
"لو خرقت تغريدة نشرها زعيم عالمي قواعد "تويتر"، فهناك مصلحة للرأي
العام بالإبقاء عليها. وربما أرفقناها بملاحظة لتقديم سياق يسمح للناس بالنقر عليها
حالة أرادوا التعرف على محتواها".
وتشاجرت "تويتر" مع خامنئي من قبل، ففي 2019 علقت الخدمة حساب
المرشد بالفارسية وطلبت حذف تغريدة عن الكاتب سلمان رشدي الذي دعا المرشد السابق لقتله
بسبب رواية له مسيئة للإسلام. وقالت الخدمة لاحقا إن تغريدات خامنئي التي شكك فيها
بالهولوكوست ستظل وسط جدل بشأن القرار.
وقال علي مرداني إن المشكلة مع "تويتر" هي عدم وجود قواعد
بشأن المنشور وما يمكن اعتباره تجاوزا لقواعد النشر. وأضاف أن الشركة انتظرت حتى اندلعت
الفوضى في أمريكا قبل أن تعيد النظر في سياستها "قادة العالم" وتوقف حساب
ترامب و"لا يعرف ما هي العتبة التي يجب على خامنئي اجتيازها كي يوقف حسابه. ولو
كان حسابه عاديا لمنعته تويتر".
وإيران التي يحكمها خامنئي منذ عام 1989 منعت منصات التواصل الاجتماعي
مثل "تويتر" و"فيسبوك" و"تلغرام" وتستهدف الآن "سيغنال".
مع أن قادة النظام لديهم حسابات على هذه المنصات في وقت وجد فيه الإيرانيون طرقا للتغلب
على الرقابة.
ولدى خامنئي حساب على "تويتر" بالعربية والإنكليزية والفارسية
والروسية والإسبانية. وتصف كارغر استخدام المسؤولين الإيرانيين مثل خامنئي لـ"تويتر"
على أنه "امتداد للسياسة الخارجية للحكومة".
وفي المقابل، يستخدم الإيرانيون في الداخل والشتات هذه المنصة "كلوبي"
لمواجهة ما ينشره المسؤولون.
ويوافق أمير رشيدي، الباحث في
الحقوق الرقمية بتركيز على إيران أن منع ترامب أثار عددا من الأسئلة التي لم تجب عليها
الشركة بشأن معاملة الآخرين في السلطة.
وقال: "لو طبقوا قاعدة على ترامب فيجب عليهم تطبيقها على خامنئي
وبوتين وأردوغان وأيا كان". لكنه حذر من وقف حساب خامنئي على "تويتر"
لأنه يمنح الحكومة المبرر لتضييق الإنترنت واستخدامها في البلاد "لو حذفت خامنئي
من "تويتر"، فأنت لا تفعل شيئا سيئا لخامنئي"، مشيرا إلى أن المرشد
لديه أتباع في كل الإنترنت والوسائل الإعلامية في إيران التي تسيطر عليها الحكومة.
ومن خلال الإبقاء على حسابه فأنت تعطي المجتمع المدني فرصة لنقد سياساته. و"تستطيع
أن تدخل إلى "تويتر" بحساب مجهول وتقول ما تريد عن خامنئي وأي شخص آخر".
وقامت إيران خلال السنوات الماضية بتطوير خدمة إنترنت محلية وبدائل عن
"تلغرام" و"جي ميل"، فعندما أغلقت الحكومة الإنترنت في أعقاب احتجاجات
2019 كان باستطاعة الناس الدخول إلى حساباتهم المصرفية وبريدهم الإلكتروني ومواقع الإنترنت
الأخرى.
وقال رشيدي: "هدف إيران هو جعل الإنترنت محلية وكل شيء داخل البلد".
ولو "قطعت الخطوط الدولية للإنترنت فأنت تقدم خدمة لذلك المشروع وأنت تساعد الحكومة
الإيرانية على جعل الخدمة محلية".
وفي فترة ترامب فرضت عقوبات شديدة على إيران بما في ذلك منعها من استخدام
النظام المصرفي العالمي، وفي هذا قدمت خدمة لطهران. و"تقضي الحكمة الإستراتيجية
أن نبقي على إيران تابعة للخدمات الدولية وشبكة الإنترنت العالمية" كما يقول رشيدي.