قالت صحيفة "
الغارديان" البريطانية؛ إن
اليمن غدا الآن ساحة معركة بين الفاعلين
الإقليميين ووكلائهم الذين يتنافسون على الهيمنة وسط الأطلال الرملية لواحدة من أقدم
الحضارات على وجه الأرض.
وطالبت الصحيفة في افتتاحيتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بالدفع من أجل
إصدار قرار جديد عن مجلس الأمن، كبديل للقرار الحالي الذي يتصور حدوث أمر غير واقعي، يتمثل في استسلام الحوثيين لحكومة انتقالية تمارس صلاحياتها من داخل فندق سعودي.
كما طالبت بمغادرة جميع القوات الأجنبية من اليمن. وأكدت أن المطلوب هو عملية
تفاوضية تشتمل على أصوات محلية تمثل جميع الأطراف في الصراع؛ بما في ذلك الحوثيون،
والانفصاليون الجنوبيون والإخوان المسلمون.
واختتمت الصحيفة بالقول؛ إنه "ما فتئت المكونات المتعددة والمنوعة للمجتمع
في اليمن قادرة على التوصل إلى تسويات فيما بينها. ليس بوسع السيد بايدن حل مشاكل اليمن،
ولكن بإمكانه، بل ويتوجب عليه، أن يلم شمل اليمنيين حتى يقوموا هم بحل مشاكل بلدهم".
وفيما يلي نص الافتتاحية:
"ينبغي أن تتوقف هذه
الحرب." هذه الكلمات للرئيس جو بايدن حول الصراع
المريع في اليمن مرحب بها. لكن النطق بها أسهل من ترجمتها إلى فعل. فمنذ عام 2015،
خلف القتال في اليمن ربع مليون قتيل وثلاثة ملايين نازح، وارتكبت جرائم الحرب من قبل
جميع الأطراف، بينما وقف العالم متفرجا على الكارثة الإنسانية وهي تحدث. غدت البلد
الآن ساحة معركة بين الفاعلين الإقليميين ووكلائهم الذين يتنافسون على الهيمنة، وسط
الأطلال الرملية لواحدة من أقدم الحضارات على وجه الأرض.
وعد بايدن بإنهاء مبيعات السلاح ومشاركة الولايات المتحدة في الحرب التي تقودها
السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن. هذا أمر يستحق الترحيب، وهو ما صوت لصالحه
الديمقراطيون داخل الكونغرس. ينبغي على رئيس الولايات المتحدة ضمان ألا يتمكن أحد من
الالتفاف على الحظر. مما يعاب على بريطانيا أنها لم تبادر بعد بفرض حظر مشابه. بالإضافة
إلى ذلك، رفع السيد بايدن تصنيف الإرهاب عن الحوثيين، المجموعة المدعومة إيرانيا، التي
كان زحفها السبب في غزو الرياض وأبوظبي. هذه أخبار سارة، إذ إن المرء لا يمكنه أن يصنع
السلام إلا مع أعدائه، وفيما لو عادت الدبلوماسية، كما يزعم الرئيس الأمريكي، فإن الدبلوماسيين
بحاجة لأن يتحدثوا مع خصومهم ومع أصدقائهم على حد سواء.
لربما بقي لبعض الوقت غافلا عن الأمر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي
تعتبره المخابرات الأمريكية مشاركا في جريمة القتل المريعة التي راح ضحيتها الصحفي
جمال خاشقجي. فقد كان محمد بن سلمان ومعه حاكم الإمارات محمد بن زايد هما من أعلنا
الحرب، ثم شغلا الغرب وموسكو فيما بينهما لضمان تمرير قرار لمجلس الأمن يوفر لهما الغطاء
للمضي قدما في ارتكاب المذابح، ثم احتلا أجزاء مهمة استراتيجيا من أراضي اليمن.
يحتاج بوريس جونسون، الذي ما فتئ يجامل الأمير السعودي خلال سنوات ترامب،
إلى أن يتحرك بسرعة إذا ما أريد لبريطانيا، بدون حلفائها الاستراتيجيين في أوروبا بعد
بريكسيت، أن تؤدي دورا بناء في مستعمرتها السابقة. لا يمكن لهذا الأمر أن يغفل باعتباره
وخز ضمير: فدبلوماسيو السيد جونسون في الأمم المتحدة مقررون في مجلس الأمن، وتناط بهم
مهمة صياغة القرارات حول اليمن.
بات واضحا من الهجوم الجديد للحوثيين في مأرب ومن هجماتهم داخل السعودية
باستخدام الطائرات المسيرة مدى سوء تقدير الرياض وأبوظبي واستهانتهما بقوة هذه الجماعة.
ينبغي على فريق السيد بايدن تصويب الخطأ؛ لأنهم سواء أعجبهم ذلك أم لم يعجبهم، كانوا
بوصفهم جزءا من إدارة أوباما، قد وفروا غطاء عسكريا ولوجستيا ودبلوماسيا للحملة
التي يشنها السعوديون والإماراتيون. هناك مزاعم بأن مرتزقة أمريكيين وظفوا من قبل الإمارات
العربية المتحدة للقيام باغتيال الخصوم السياسيين. سوف يواجه الدبلوماسيون الأمريكيون
في التعامل مع اليمن مشكلة مألوفة: كيف يمكن إرضاء الحلفاء الخليجيين الذين تسخطهم
مساعي واشنطن لضمان التعاون الإيراني بشأن البرنامج النووي.
ينبغي أن يتركز اهتمام الغرب الآن في جلب الاستقرار إلى اليمن وإطلاق عملية
سياسية قابلة للاستمرار. تقول الأمم المتحدة إن اليمن سيواجه أسوأ مجاعة شهدها العالم
على مدى عقود، ما لم يتمكن المانحون من إيجاد 3.85 مليار دولار (ما يعادل 2.8 مليار
جنيه إسترليني) الأسبوع القادم. ينبغي على الدول الغنية التقدم. تقول أوكسفام إن الوعود
الحالية لا تصل إلى المستوى الذي يلبي احتياجات البلد المتزايدة. وإذا لم يتم إطفاء
الحرائق في اليمن، فسوف تستمر في الاشتعال وتجبر مزيدا من الناس على النزوح والتشرد،
ولسوف تعم الفوضى أرجاء البلاد.
يتوجب على السيد بايدن الدفع من أجل إصدار قرار جديد عن مجلس الأمن كبديل
للقرار الحالي الذي يتصور حدوث أمر غير واقعي، يتمثل في استسلام الحوثيين لحكومة انتقالية
تمارس صلاحياتها من داخل فندق سعودي.
يجب أن تغادر القوات الأجنبية. والمطلوب هو عملية تفاوضية تشتمل على أصوات
محلية تمثل جميع الأطراف في الصراع – بما في ذلك الحوثيون، والانفصاليون الجنوبيون
والإخوان المسلمون. تقليديا، ما فتئت المكونات المتعددة والمنوعة للمجتمع في اليمن
قادرة على التوصل إلى تسويات فيما بينها. ليس بوسع السيد بايدن حل مشاكل اليمن، ولكن
بإمكانه، بل ويتوجب عليه، أن يلم شمل اليمنيين حتى يقوموا هم بحل مشاكل بلدهم.