تدور خلافات حادة في البرلمان العراقي حول قانون المحكمة الاتحادية العليا، وسط تحذيرات أطلقتها كتل سياسية ومختصون قانونيون من إفشال إجراء الانتخابات المبكرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، في حال لم تشكل "المحكمة" خلال المرحلة الحالية.
وللمرة الثانية، أرجأ البرلمان العراقي جلساته؛ لإعطاء مهلة للقوى السياسية للاتفاق على النقاط الخلافية، التي بقي منها ثلاث مواد مفصلية (2، 3، 12)، بعدما صوّت البرلمان، الأسبوع الماضي، على تمرير (21) مادة في مشروع قانون المحكمة الاتحادية من أصل (24) مادة.
مواد خلافية
وحول تفاصيل المواد التي عرقلت إقرار قانون "المحكمة"، قال الخبير القانوني علي التميمي إن "ثلاث مواد متبقية في مشروع القانون، أهمها: كيف تعقد المحكمة الاتحادية؟ هل بحضور كل الأعضاء بضمنهم الرئيس أم بالأغلبية؟ وكيف تتخذ القرارات، بالأغلبية البسيطة أم أغلبية الثلثين؟".
"التميمي" أعرب عن اعتقاده، في حديثه لـ"عربي21"، بأنه "لأهمية هذه المحكمة أن تعقد بحضور كل الأعضاء، وأن قراراتها لا تكون صحيحة إلا بحضور كل الأعضاء، وأن تتخذ القرارات البسيطة بأغلبية بسيطة، وتتخذ القرارات المهمة بأغلبية الثلثين".
وفي نقطة خلافية أخرى تتعلق بخبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون، وهل أنهم جزء من "المحكمة" أم أن دورهم استشاري، رأى التميمي أن "دورهم استشاري، بدلالة المادة (٩٢) من الدستور العراقي، التي جعلتهم ضمن تكوين المحكمة وليس ضمن تشكيلها، وأن تكون هيئة المحكمة من تسعة أعضاء بضمنهم الرئيس، ولأن القاعدة تقول: كل قاضي فقيه، ولكن ليس كل فقيه قاضي".
أما بقية نقاط الخلاف، فهي يسيرة قابلة للحل، بحسب التميمي، لكن "يبقى وجود المحكمة الاتحادية مهم الصلاحيات العظيمة في المادة (٩٣) من الدستور، التي منحها المشرع لها، وأهمها المصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية في العراق، سواء العادية أو المبكرة، ولا انتخابات من دون وجود هذه المحكمة".
تياران مختلفان
الباحث في الشأن السياسي وعد العامر، قال لـ"عربي21" إن "خلافات حادة بين القوى السياسية في البرلمان لا تزال قائمة، فالبعض يريد إعطاء لكل المكونات والديانات ممثلين في المحكمة الاتحادية، وتحديدا ضمن فقهاء الشريعة، حيث إن هناك خلافا على صلاحيات هؤلاء الفقهاء".
وأوضح أن "تيارا علمانيا من المكون المسيحي وحتى التركماني وبعض الكتل من السنة والشيعة يرفض تمرير المحكمة بوجود فقهاء للشريعة، وهذا التوجه مدعوم غربيا، وتيار آخر يحرص على وجود الفقهاء مناصفة بين السنة والشيعة (العدد الكلي 4)، وهذا ما تطالب به تيارات دينية شيعية وكتل سنية أيضا، وهو مدعوم إيرانيا".
وبيّن العامر أن "التيار الأول يرى وجود فقهاء الشريعة بسلطة كاملة يجعلهم يعطلون قوانين البرلمان بفيتو هو بمثابة ولاية الفقيه في إيران، أما التيار الآخر المنادي بوجود وجود فقهاء للشريعة، فإنه يرى وجودهم ضروريا لتفسير فقرات الدستور الخلافية، والتي قد لا تتوافق مع الشريعة".
ولفت إلى أن "صعوبة التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، وأن الجلسة الأخيرة حصلت فيها مشادة كبيرة بين النائب المسيحي أسوان الكلداني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، واشتباك لفظي بين النائب المسيحي يونادم كنا والنائب الآخر عمار الطعمة عن حزب الفضيلة، حول فقهاء الشريعة".
مساومات سياسية
وبخصوص فرص التوصل إلى حل لإنهاء تشريع القانون قبل الانتخابات، أكد العامر أن "النقاط الخلافية الثلاث قد تأخذ وقتا أطول للتوصل إلى حلول، ولا نعرف ما إذا كانت الصفقات قد تجري كما هي العادة، أم أن تغليب المصلحة العليا للبلد هو المقدم في تشريع مثل هذا القانون المهم؟".
لكن الخبير القانوني، علي التميمي، توقع أن "تأخير إقرار قانون المحكمة الاتحادية حتى اليوم فيه جنبة سياسية، لأنه جرى ربط الموضوع بإقرار قانون الموازنة العامة للعام الجاري 2021، وهذا أخضع موضوع المحكمة والموازنة للمساومات السياسية بين الكتل".
ونوه التميمي إلى أن "تشريع القانون يحتاج إلى أصوات ثلثي أعضاء البرلمان، بمعنى 220 نائب لكل مادة، لذلك بعض القوى البرلمانية نسقت مع جهات مختلفة في هذا الصدد لتمرير قانون المحكمة الاتحادية مقابل قانون الموازنة".
وأكد الخبير القانوني أنه "لا يوجد انتخابات مبكرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر القبل إذا لم يجر إقرار قانون المحكمة الاتحادية من البرلمان، لأنها هي من تصادق على نتائج الانتخابات".
"مكامن الشيطان"
وفي السياق ذاته، حذر رئيس النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي، في تصريحات صحفية، الثلاثاء، من أن الشيطان يكمن في ست نقاط خلافية بخصوص قانون المحكمة الاتحادية، مشيرا إلى أن المقترحات المطروحة لمعالجة تلك النقاط إنما تقوم على المحاصصة المعهودة.
وقال العكيلي إن "البرلمان لم يتمكن واقعيا من التقدم خطوة واحدة في إقرار قانون المحكمة الاتحادية العليا، لأن الخلافات التي منعت تشريع هذا القانون منذ عام 2005 هي مضمون المواد الست التي عجز البرلمان عن تمريرها حتى الآن".
وأضاف أن "المواد محل الاختلاف تتمثل بعدد أعضاء المحكمة من كل صنف من أصنافها الثلاثة (قضاة، خبراء فقه إسلامي، فقهاء قانون)، وآلية وجهات ترشيح أعضاء المحكمة، إلى جانب مدة خدمة أعضاء المحكمة، وراتب ومكانة رئيس المحكمة، ومكانته البروتوكولية".
ورأى القاضي العكيلي أن "الشيطان كان يكمن في تلك النقاط الخلافية على مر السنوات الست عشرة السابقة التي تعذر بسببها إمرار القانون"، مشيرا إلى أن "المقترحات المطروحة لمعالجة تلك النقاط إنما تقوم على المحاصصة المعهودة، وضمان غنائم الطوائف والمكونات المسيطرة في تلك المحكمة، وترتيب الأوليات لضمان سيطرة جهة معينة على صنع القرار داخل المحكمة".
الصدر يرحب بزيارة البابا للعراق وينتقد الاعتراضات
روسيا تدعو العراق للمشاركة بـ"أستانا".. و"الدستورية" حاضرة
الأمن العراقي يعلن القبض على 13 "إرهابيا" في نينوى