نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تناولت فيه التقرير الذي نشره المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم عن تجارة السلاح في العالم، معتبرة أن الشرق الأوسط أصبح "الأرض المختارة" لبيع الأسلحة في السنوات الأخيرة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن فرنسا، ثالث أكبر مصدر للسلاح في العالم، حققت نموا في صادراتها من المعدات العسكرية إلى الشرق الأوسط بنسبة 44 بالمئة بين 2016 و2020، مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، وهو ما كشفه تقرير المعهد النرويجي.
وقد أظهر هذا التقرير، الذي نُشر يوم 15 آذار/ مارس الجاري، نموا كبيرا في صادرات السلاح الفرنسي، على الرغم من أن هذه التجارة شهدت تراجعا على المستوى العالمي بنسبة 0.5 بالمئة خلال الفترة ذاتها.
كما أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة التي تتصدر سوق السلاح في العالم، وتستأثر بنسبة 37 بالمئة منه، رفعت أيضا مبيعاتها العسكرية للشرق الأوسط بنسبة 15 بالمئة منذ 2016.
في المقابل، شهدت مبيعات روسيا، التي تستأثر بنسبة 20 بالمئة من تجارة السلاح في العالم للمنطقة، تراجعا بنسبة 22 بالمئة. أما الصين التي تحتل المرتبة الخامسة عالميا، فقد تراجعت مبيعاتها للشرق الأوسط بنسبة 7.8 بالمئة. أما ألمانيا التي تحتل المرتبة الرابعة عالميا بحصة 5.5 بالمئة من السوق العالمي، فقد حققت مبيعاتها للمنطقة ارتفاعا بنسبة 21 بالمئة.
ضغوط إدارة ترامب
تقول الصحيفة إن مصر، ثالث أكبر مستورد للسلاح في العالم، قد شهدت وارداتها ارتفاعا بنسبة 136 بالمئة خلال السنوات الخمس الماضية، كما أنها كثفت من صفقات شراء الأسلحة من باريس، حيث حصلت على 21 طائرة مقاتلة و4 فرقاطات واثنتين من السفن الهجومية البرمائية، وهو ما سمح للصناعات الفرنسية بزيادة نصيبها من السوق المصرية إلى 28 بالمئة. أما قطر، فقد أصبحت ثامن أكبر مورد في العالم، خاصة بعد صفقات شراء 24 طائرة رافال بمبلغ 6.8 مليار يورو، لتصبح فرنسا ثاني أكبر مزود لها بعد الولايات المتحدة.
اقرأ أيضا: أكبر زيادة بواردات السلاح عالميا تستحوذ عليها دول خليجية
ورأت الصحيفة أن منطقة الشرق الأوسط، التي تعاني من الاضطرابات، تظل الأرض المختارة لتجار السلاح، حيث إن مشتريات دول المنطقة من المعدات العسكرية شهدت ارتفاعا بنسبة الربع بين 2016 و2020. وفي منطقة الخليج تابعت السعودية سياسة عقود الشراء الضخمة، معززة مكانتها كأكبر مورد للسلاح في العالم بنسبة 11 بالمئة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه السياسة تفيد الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، حيث تبيع للمملكة حوالي 80 بالمئة من مشترياتها.
أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن المعطيات التي كشفها المعهد السويدي تؤكد أن الضغوط التي مارستها الإدارة الأمريكية كانت مؤثرة؛ إذ إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان في عدة مناسبات قد هدد حلفاءه في الناتو، وهو ما دفعهم لزيادة الإنفاق العسكري، وهو ما استفادت منه كما هو متوقع الشركات الأمريكية، التي زادت من مبيعاتها للاتحاد الأوروبي بنسبة 15 بالمئة بين 2016 و2020.
وفي الدول الأوروبية خارج الاتحاد، تتواصل التهديدات الروسية لدول أوروبا الغربية، وانعدام الاستقرار في جنوب القارة، وهو ما استفادت منه أيضا الولايات المتحدة التي تستأثر بحوالي نصف هذه السوق التي شهدت نموا بنسبة 12 بالمئة.
التهديد الصيني
أما على الصعيد العالمي، فتشير الصحيفة إلى أن الصناعات الدفاعية الأمريكية تستحوذ على 37 بالمئة من الصادرات، مع تحقيق ارتفاع كبير في مبيعاتها إلى دول الشرق الأوسط، حيث بلغت الزيادة 335 بالمئة مع إسرائيل، و208 بالمئة مع قطر، و175 بالمئة مع السعودية.
وفي المقابل، تراجعت مبيعات السلاح الأمريكي إلى تركيا بنسبة 81 بالمئة، بعد العقوبات التي فرضتها واشنطن على أنقرة، خاصة في مجال سلاح الجو، على خلفية إقدام تركيا على شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية "أس 400"
أما روسيا، فإنها لا تزال تحافظ على المرتبة الثانية عالميا، إلا أن مبيعاتها تراجعت بشكل واضح في 2018 و2019. ويعزى ذلك بالأساس لتراجع الطلب من الهند، وهو أمر لم تتمكن من تعويضه، بالرغم من ارتفاع مبيعاتها للصين والجزائر ومصر.
أما الصين، فإنها بقيت خامس أكبر مصدر ومورد للسلاح في العالم، وهي تشتري بالأساس المحركات وأنظمة الدفاع الجوي والمقاتلات الروسية، وستسعى خلال السنوات القليلة المقبلة لخفض وارداتها من خلال تصنيع احتياجاتها الدفاعية.
وقد دفعت التهديدات الصينية بالدول المحيطة بها إلى زيادة نفقاتها الدفاعية، حيث إن واردات السلاح في اليابان ارتفعت بنسبة 121 بالمئة، وهي تستعد لشراء 105 طائرة قتالية. كما وقعت تايوان عقدا في 2019 لشراء 66 طائرة و108 دبابات أمريكية.
MEE: كيف يتم إهمال فقراء الشرق الأوسط وأفريقيا من اللقاح؟
بلومبيرغ: هل تسهم التجارة والمصالح بتقارب تركي مصري؟
كيف يدمر أردوغان التحالف المناهض لتركيا في شرق المتوسط؟