تتبع اللهجة الفلسطينية اللهجات العربية العامية الشامية، ويتحدث بها أهل فلسطين بشكل عام، ما عدا سكان صحراء النقب ومنطقة بئر السبع فهم يتحدثون لهجة بدوية تلتقي معها بلاد الشام بشكل عام ولهجة سيناء بشكل خاص.
ولا توجد لهجة فلسطينية واحدة يجمع عليها عموم الفلسطينيين بل توجد عدة لهجات تختلف من مدينة وقرية إلى أخرى، ومن منطقة جغرافية إلى أخرى.
وتحمل اللهجات الفلسطينية الريفية أو الفلاحية مزايا وسمات مختلفة كنطق القاف "كافاً" تميزها عن باقي اللهجات حتى داخل فلسطين. أما لهجات المدن الكبرى وبالأخص مدينة يافا ونابلس وبدرجة أقل القدس ولهجة الخليل وعكا وحيفا وصفد والناصرة فهي تقترب أحيانا من اللهجات الشامية الشمالية (سوريا ولبنان).
وتعتبر اللهجة الفلسطينية لهجة جميلة وبسيطة ومن الممكن تمييز أصل الشخص من خلال لهجته وإلى أي قرية أو مدينة ينتمي.
وهذا لا يمنع أن اللغة السائدة في الوطن العربي هي اللغة العربية الفصحى والرسمية، ولكنها تنقسم إلى لهجات محلية متعددة إذ تختلف هذه اللهجات من دولة لأخرى طبقا لموقعها الجغرافي، حيث تشترك الدول القريبة مع بعضها جغرافيا بالكثير من المفردات وطريقة اللفظ وتقل هذه النسبة كلما أصبحت المسافة أبعد.
وتشترك بلاد الشام (فلسطين، الأردن، سوريا ولبنان) بالكثير من المفردات وطريقة اللفظ والتي تختلف عن لهجة الخليج العربي، وأيضا عن المغرب العربي اللذين بدوريهما يختلفان عن بعضهما البعض.
بالنسبة للهجة الفلسطينية فهي تتميز بتنوع مفرداتها نظرا لمكانتها وموقعها الجغرافي، وبالطبع يلعب الموقع الجغرافي دوره في تحديد اللهجة وهي تختلف ما بين الساحل والجبل والسهل والصحراء.
لكن بشكل عام تتميز اللهجة الفلسطينية بخصائص تميزها عن غيرها من اللهجات الشامية في نطق بعض الحروف بالانتقال من منطقة لأخرى في فلسطين والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها الأكثر شيوعا:
تحويل الفلاحين وسكان القرى الفلسطينية بشكل عام حرف الكاف (ك) إلى شين (تش) معطشة (أي ما يشبه حرف Ch باللغة الإنجليزية) فيقول (تشيف حالك؟) بدلا من (كيف حالك؟)، أو (تشلب) بدلا من (كلب) وهو ما يُعرف بـ"الكشكشة" أحيانا.
أيضا إبدال حرف الضاد (ض) إلى (ظ) مثل (ظربني) بدلا من (ضربني) و(فظة) بدلا من (فضة).
وقلب حرف القاف (ق) إلى همزة (أ): وذلك في المدن، فيقولون مثلا (أتل) بدلا من (قتل) و(قريب) تصبح (أريب) و(عتيق) تصبح (عتيأ) و(قم) تصبح (أُوم).
مثل مناطق، القدس، نابلس، الخليل، حيفا وبعض قراها، صفد والكثير من قراها، طبريا والكثير من قراها، عكا وأغلب قراها، الناصرة وبعض قراها، إضافة إلى المدن يافا، الرملة واللد.
في المقابل يقلب سكان القرى القاف (ق) إلى كاف (ك): فيقولون (كتل) بدلا من (قتل) و(قلم) تصبح (كلم) و(قديم) تصبح (كديم)، و(قلب) إلى (كلب) و(قال) إلى (كال).
ومنها أيضا تضخيم حرف القاف (ق): مثل الجيم المصرية أو القاف البدوية الخليجية وذلك في قطاع غزة.
وكذلك قلب العين (ع) نونا (ن): فيقولون (انطيني) بدلا من (أعطيني)، وهي لهجة يمنية أصلا وبدوية ويستخدم هذا اللفظ غالبا في شمال فلسطين.
ومنها أيضا اختصار بعض: فيقولون (هسّاعه، هسّاع، هـسـا، هسع، هسعيات) بدلا من (هذه الساعة) ويكثر استعمال هذا اللفظ في شمال فلسطين بينما يستخدم أهالي المناطق الوسطى للمعنى نفسه (هأييت، هلئيت، هلأ) اختصار للعبارة (الآن، أو هذا الوقت).
إن اللغة السائدة في الوطن العربي هي اللغة العربية الفصحى والرسمية، ولكنها تنقسم إلى لهجات محلية متعددة إذ تختلف هذه اللهجات من دولة لأخرى طبقا لموقعها الجغرافي، حيث تشترك الدول القريبة مع بعضها جغرافيا بالكثير من المفردات وطريقة اللفظ وتقل هذه النسبة كلما أصبحت المسافة أبعد.
والواقع أن موضوع اللهجة هو موضوع شائك ومتعدد الجوانب ويحتاج إلى مساحة كبيرة للخوض فيه خصوصا في الأمثلة التوضيحية التي وضعها عدد كبير من الباحثين في موسوعات مخصصة لهذا الغرض.
ويرى الباحث عبد الله حامد أحمد من جامعة أم القرى في ورقة بحثية حملت عنوان "أضواء على بعض الظواهر الصوتية في اللهجة الفلسطينية وعلاقتها باللهجات العربية القديمة" أنه من الملاحظ أن اللهجة الفلسطينية تحتوي على عدد من الظواهر الصوتية التي لا توجد في اللغة الفصحى. قامت الدراسة بتقديم فرضية فحواها أن هذه الظواهر يمكن ردها إلى اللهجات العربية القديمة. وعليه عملت الدراسة على وصف هذه الظواهر كما هي موزعة في المجتمع الفلسطيني ومن ثم تعقب جذورها التاريخية.
ومن ناحية أخرى أكدت هذه الدراسة على مدى ارتباط اللهجة الفلسطينية باللهجات العربية التي حملتها القبائل العربية مع بداية الفتح الإسلامي واستقرت في فلسطين. وأكدت الدراسة أيضا على أنه من المرجح أن يكون هناك تأثير ساميٌ آراميٌ في هذه الظواهر بسبب استمرار الآرامية في فلسطين مدة طويلة من الزمن.
تؤكد الدراسة أن اللهجتين الأردنية والفلسطينية متشابهتان إلى حد كبير.
ويحذر المدون عمر عاصي من انقراض اللهجة الفلسطينية القديمة. مؤكدا أن "استخدام هذه الكلمات آخذ في التناقص مع الوقت، مع أنه جزء لا يتجزأ من تراثنا، كما يتضح لي كلما جلست مع جدتي، بل إنني أجد أحيانا من يبتسم من بعض الكلمات التي أستخدمها في حديثي لأنها تذكرهم بجداتهم وكأنني أذكرهم بشيء من التاريخ المنسي!".
ويشير الباحث محمد طه من جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس في بحثه حول لهجات مخيم عسكر أن "الكشكشة من اللهجات الآيلة للانقراض، في المخيم، حيث إن الناطقين بها قلة، بسبب موت عدد هائل من الذين هُجروا وهم يحملون اللهجة الأصلية، إضافة إلى أن أحفادهم قلما ينطقون بالكشكشة، ولعل السبب في ذلك عائد إلى استحيائهم واعتقادهم أن هذه اللهجة هي لهجة كبار السن".
ويقول الدكتور محمد عقل في مقال له إن "اللهجة الفلسطينية تمتاز بمرونتها وقدرتها على استيعاب الجديد، ولها قواعدها من نحو وصرف، وهي تعتمد في مفرداتها وقواعدها على اللغة العربية الفصحى، كما اعترتها مؤثرات النحت والقلب والإبدال والاختزال والتصحيف والدخيل كما اعترى اللغة الأم".
مراجع
ـ عبد الله حامد أحمد، مجلة العلوم الإنسانية، 13/6/2000.
ـ المدون عمر عاصي، كي لا ننسى لهجة الريف الفلسطيني! 27/1/2018.
ـ الدكتور محمد عقل، في قواعد اللهجة الفلسطينية، رابطة أدباء الشام، 18/10/2018.
ـ وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، مركز المعلومات الوطني الفلسطيني.
ـ معتصم الرقاد، صحيفة الغد الأردنية، "دزداني" مبادرة تعزز الهوية الفلسطينية بالذاكرة، 24/8/2020.
ـ رنا حداد، صحيفة الدستور الأردنية، "قرويات باللهجة الفلسطينية".. توثيق اللهجة المحكية في مواجهة الاحتلال الصهيوني، 10/11/2016.
المخيم.. شاهد على تهجير اللاجئين الفلسطينيين ومحطة للعودة للديار
الثوب الفلسطيني عمره 3 آلاف سنة ولا يزال رمزا للهوية العربية
سيرة مؤسس عائلة البديري ومكتبتها بفلسطين محمد أفندي