أثار مقال "إعلام البغال.. من أحمد موسى إلى كرم جبر!!"، الذي نشره الأكاديمي أيمن منصور ندا جدلا واسعا في مصر.
المقال الذي تسبب بإحالة ندا إلى النائب العام إثر شكوى تقدم بها رئيس المجلس الأعلى للإعلام ضده، فتح حديثا عن توجيه الإعلام في مصر، ودور هام لإعلامية معروفة.
شعبان وهاشم
وللمرة الأولى منذ ثورة 25 يناير، يُكشف عن اسم نسائي نافذ في الإعلام المصري، هي المذيعة رانيا متولي هاشم، والمعروفة باسم "رانيا هاشم"، مقدمة برنامج "مانشيت" على قناة "إكسترا نيوز" التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إحدى الشركات التي تقول تقارير إنها تعود لجهاز "المخابرات".
مصادر قالت لـ"عربي21" إن رانيا هاشم باتت صاحبة اليد الطولى في الإعلام مستفيدة من قربها من صانع ومحرك الإعلام المصري، وهو ما ذكره أيضا أيمن منصور ندا، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، ورئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام.
يشير ندا في مقاله إلى كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى للإعلام (حل محل وزارة الإعلام)، إذ وصفه بأنه "نموذج مكتمل لمسؤولي إعلام البغال.. طريقة قيامه بوظيفته وأداؤه يؤكدان ذلك".
وقال ندا إن رانيا هاشم هي "سيدة المجلس وصاحبة النفوذ والعصمة وكلمة السر لكرم جبر".
فيما ذكرت مصادر لـ"عربي21" أن مقالات ندا أزعجت المسؤول عن الإعلام في مصر، أو "صانع الإعلام" كما يطلق عليه، وهو ضابط المخابرات، العقيد أحمد شعبان.
والعقيد شعبان بحسب مصادر هو اليد اليمنى لرئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل، والصديق الشخصي والمقرب للعقيد محمود السيسي، نجل قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي،
أما "رانيا هاشم"، بحسب ندا، فهي صاحبة شبكة العلاقات العامة المتنامية الأطراف والمتغلغلة في كافة مفاصل الدولة.. وكأنَّها استنساخ لقصة "لوسي أرتين" جديدة، بحسب توصيفه.
و"لوسي أرتين"، هي سيدة أعمال مصرية تنتمي للطائفة الأرمينية في مصر، وابنة شقيقة الممثلة لبلبة، وهي صاحبة الفضيحة التي انتهت بالإطاحة بنائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربي المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، ومسؤولين آخرين.
تخرجت "رانيا هاشم" من كلية الإعلام بجامعة القاهرة في قسم الصحافة عام 1997، واتجهت إلى العمل في عدد من الصحف والمجلات من بينها صحيفة روز اليوسف التي كان "كرم جبر" أحد المسؤولين فيها، ثم انضمت للتلفزيون المصري وعملت معدة برامج ثم مذيعة برامج ونشرات أخبار.
في حزيران/ يونيو 2020، اختيرت ضمن أعضاء التشكيل الجديد للمجلس الأعلى للإعلام الذي ترأسه كرم جبر خلفا للكاتب الصحفي المخضرم، مكرم محمد أحمد، أول رئيس للمجلس في عام 2017، الذي أقره الدستور المصري وتشكل بقرار جمهوري ليكون المظلة الرئيسية لتنظيم ومتابعة النشاط الإعلامي في مصر.
وبعد شهر من تشكيل المجلس الجديد، أسند لهاشم منصب رئاسة لجنة تقارير الحالة الإعلامية، التابعة للمجلس الأعلى للإعلام، والمنوط بها متابعه جميع البرامج، التي تعرض في الفضائيات وقنوات الهيئة الوطنية للإعلام، ومدى التزام البرامج بمواثيق الشرف الإعلامي.
اقرأ أيضا: النائب العام يحقق مع أكاديمي هاجم الإعلام المصري
تحريك بلاغات جماعية
لم يمر مقال "ندا" الثامن الذي جاء على ذكر "هاشم" مرور الكرام، وتداعت له جميع الهيئات والمؤسسات الإعلامية، وفي تحرك أشبه ما يكون بالجماعي تقدموا ببلاغات إلى النائب ضد ما أسموه تجاوزات أستاذ الإعلام في حق الإعلام والإعلاميين المصريين.
وقرر المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة تقديم شكوى جنائية إلى النائب العام المصري بحق "ندا" واتخاذ كافة الإجراءات بزعم أن "ما كتبه يمثل جرائم سب وقذف في حق الإعلاميين في مصر عامة وفي حق بعض الزملاء" في إشارة إلى (كرم جبر ورانيا هاشم وأحمد موسى).
كما أصدر المجلس القومي للمرأة بيانا (مخصوصا) أشار فيه إلى شكوى من إحدى الإعلاميات (رانيا هاشم)، جاء فيه أن المقال "حمل إهانات وتشهير بالشاكية، مما يشكل جريمة طبقاً لقانون رقم 175 لسنة 2018 الخاص بتقنية المعلومات".
ووصف المجلس العبارات الواردة في المقال بأنها "تشكل جريمة سب وقذف يترتب عليها أضرارا جسيمة بسمعة الشاكية، و تنعكس آثارها على عملها، وتنتهك حرمة حياتها الخاصة وخصوصيتها وتتضمن نشر معلومات من شأنها المساس باعتبارها وشرفها".
سر نفوذ هاشم
وقالت مصادر إعلامية لـ"عربي21" إن "رانيا تنتهج نهج السيد في تعاملاتها في الوسط الإعلامي، ويعد الاقتراب منها مغامرة محفوفة بالمخاطر، وتفرض رؤيتها الخاصة في العديد من القضايا والمسائل الإعلامية".
وعن أسباب هذا النفوذ الذي تتمتع به داخل الإعلام المصري أكدوا أن "الأمر لا علاقة له لا بالموهبة ولا البراعة ولا النباهة؛ لأن هناك الكثير من الإعلاميين والإعلاميات من هم أكثر حنكة وخبرة وشهرة وحضورا وشعبية منها ولكنهم لا يمارسون أي سلطة إلا قليلا".
وأشاروا إلى أن "قربها الشديد من صانع الإعلام والمحتوى الإعلامي جعلها معتدة كثيرا بشخصيتها، وبقراراتها، وتعتبر وجهات نظرها قرارات علوية، وأنها تملك من النفوذ ما يجعلها قادرة على تخطي الكثير من المسؤولين سواء في عملها بقناة إكسترا نيوز أو بالأعلى للإعلام".
وتحت عنوان فضيحة في الإعلام المصري: انبعاث "لوسي آرتين" جديدة، كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية: "يستند (ندا) إلى مصادر مطّلعة في وصف ما يتكشّف من تفاصيل عن نفوذ رانيا وعلاقاتها وما أدخلته إلى المجلس خلال بقائها في مكتب رئيسه، فضلاً عمّا يُثار حول تضخُّم ثروتها بشكل مبالغ فيه ولا يتفق مع دخلها خلال الفترة الماضية، الأمر الذي تقول بعض المصادر إنه قيد التحقيق".
وأضافت الصحيفة: "بل تجاوز ما تقوم به من نقل معلومات، الحدود الآمنة؛ فالسيدة التي تحضر لقاءات مغلقة تنقل خارجها أكثر مما يجب، وهو ما أزعج جهات عدةّ متضايقة أساساً من النفوذ المتزايد لها، وخاصة أنه لم يتوقّف على رغم الرسائل غير المباشرة التي وصلتها في الأسابيع الماضية".
وقال مصدر صحفي قضائي لـ"عربي21" إن حادث تصادم قطاري سوهاج بصعيد مصر الذي وقع الجمعة وراح ضحيته العشرات بين قتيل ومصاب، وأثار الرأي العام المصري، ساهم في تأجيل تحريك بلاغ النائب العام.
ما سر غياب السيسي عن مواقع الكوارث والأزمات بمصر؟
آلاف الاعتقالات الجديدة.. لماذا استمرار البطش بمصر؟
ما دلالة إعلان السيسي عن "جمهورية جديدة" نهاية العام؟