يقضي عدد كبير من المعتقلين السياسيين في مصر شهر رمضان الثامن في سجون الانقلاب العسكري، وسط آمال بأن يكون هذا الشهر الأخير الذي يقضونه بعيدا عن ذويهم.
وتنعقد الآمال على خلفية ظهور بعض المؤشرات مؤخرا عن احتمالات وجود انفراجة بأزمة المعتقلين، مع التقارب السياسي والمخابراتي التركي المصري، وإثر حديث متلفز للقائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إبراهيم منير تناول خلاله الموضوع.
وقال منير: "إذا عُرض على المعارضة المصرية الحوار مع النظام، بما يتضمن إطلاق سراح المعتقلين والمختطفين وأصحاب الدم وتحسين أحوال الشعب، لن نرفض"؛ الأمر الذي رفع آمال أسر المعتقلين في إنهاء الأزمة.
"هذا حلمنا"
أسرة المعتقل السياسي والداعية الإسلامي "ش. ع"، قالت لـ"عربي21": "هذا هو رمضان الثامن الذي يمر علينا من دون الشيخ المحكوم بـ15 سنة، والذي اعتقل إثر فض مجزرة رابعة العدوية 2013، هو ونجله (ب. ش)، الذي انتهت مدة حبسه وتم تدويره في قضايا جديدة".
وأكدت الأسرة أنه "برغم أننا نتمنى كل لحظة أن تنتهي هذه الأزمة، إلا أن أمنياتنا مع قرب رمضان تتضاعف، فالأولاد حرموا 7 أعوام كاملة من والدهم وأخيهم، ومن صوت قراءة الشيخ للقرآن ودروسه الدينية في المسجد المجاور".
اقرأ أيضا: منير يكشف لعربي21 موقف الإخوان من التقارب بين تركيا ومصر
وقالت: "حرمنا منه كثيرا بلا ذنب، وكي نزور الشيخ، ونزور ابنه في سجن آخر أبعد كثيرا؛ نعاني الجهد والمال، ولكن فرحة اللقاء ولو كانت لدقائق من خلف الجدران والزجاج تنسينا كل مشقة".
ودعت الأسرة "كل من له قلب أو لديه حل أن ينهي أزمتهم قبل رمضان، أو قبل عيد الفطر، أو قبل عيد الأضحى، أو قبل أن يأتي رمضان بعد القادم"، خاتمة بقولها: "نحلم بأن يدخل علينا الشيخ وابنه كل لحظة، وأرجو أن يتحقق الحلم".
"نعم للتنازلات المؤلمة"
أحد القيادات الوسطى بجماعة الإخوان في مصر، يرى أن التفاهمات التركية مع النظام المصري وما تلاها من تصريحات منير، حول مبادرة المصالحة وإعادة ملف المعتقلين للواجهة؛ لم يتم رصد أي رد فعل من جانب النظام حتى الآن".
وقال لـ"عربي21": "لكنها أحدثت حالة من النقاش داخل الجماعة، وأجنحتها، أيضا، وبين صفوف التيار الإسلامي، كسلسلة مقالات المهندس عاصم عبد الماجد، ومبادرته الداعية لتحييد العنصر النسائي وإبعاده عن الصراع السياسي والتنظيمي".
القيادي الذي يتعرض للمطاردة الأمنية ونجا من الاعتقال، أكد أنه وجميع أسر المعتقلين الذين يتواصل معهم يحدوهم "الأمل أن يأتي رمضان القادم، وقد تم تصفير السجون المصرية من ظاهرة الاعتقال السياسي".
وختم قائلا: "مصر تعبت وخسرت الكثير من هذا الصراع الدامي، وينبغي تقديم تنازلات ولو كانت مؤلمة، لأن أسر كاملة تعاني، والأمثلة لا حصر لها".
"ليس صعبا"
الحقوقي المصري خلف بيومي، أعرب عن أمنيته أن يكون رمضان القادم هو الأخير للمعتقلين بالسجون، رغم أن "عمليات الاعتقال والإخفاء القسري والقتل بالإهمال الطبي، بالإضافة للمحاكمات غير المنصفة ما زالت مستمرة".
مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، لفت بحديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الإفراج عن المعتقلين ليس بالأمر الصعب إذا أراده النظام، خاصة أن القضايا ملفقة والأحكام مسيسة".
وقلل بيومي، من قوة المؤشرات الموجودة قبل أسابيع وقدرتها على إحداث انفراجة للمعتقلين، مؤكدا أن "المؤشرات الموجودة على الأرض هي استمرار النظام في ارتكاب كافة الجرائم"، معربا عن أمنيته في "ضغط دولي أكبر على النظام يجبره تحسين حالة حقوق الإنسان".
"غياب المؤشرات"
وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى السابق، الدكتور عز الكومي، قال: "من كل قلوبنا نرجو خروج جميع المعتقلين من سجون الانقلاب، وأن ينعموا بالحرية، وأن يكون رمضان الأخر لهم في الأسر".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار إلى أن "هناك من المعتقلين من بدأ مشوار الأسر من بدايته ومرت عليه 7 رمضانات"، ضاربا المثل برئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني، والطاقم الرئاسي الذي اعتقل مع الرئيس الراحل محمد مرسي".
اقرأ أيضا: أيمن نور يوضح حقيقة "وساطة" تركيا في الأزمة المصرية
وأضاف: "مرشد جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، أيضا، ونائبه المهندس خيرت الشاطر، والدكتور محمد البلتاجي، والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، والشيخ صفوت حجازي، والنائب صبحي صالح، ومحافظ كفر الشيخ سعد الحسيني، والصحفي مجدي حسين، وغيرهم كثيرون".
لكن الكومي، قلل أيضا من فرص حدوث حلم الإفراج عن المعتقلين، وأن يكون هذا آخر رمضان لهم بالمعتقلات، ملمحا إلى غياب المؤشرات التي تؤكد عزم النظام على عقد مصالحة، واتخاذ خطوة للخلف، وإنهاء حالة الانسداد السياسي منذ انقلاب 3 يوليو".
البرلماني المصري السابق، يعتقد أن "النظام لا يرحم المصريين حتى من أيدوه ووقفوا معه واستدعوه للقضاء على التجربة الديمقراطية بزعم تخليصهم من حكم الإخوان على حد زعمهم".
وجزم بأن "النظم الاستبدادية لا تؤمن بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة؛ وتؤمن بالبقاء في السلطة والسعي لتوريث الأبناء، وهذا أمر غريب في النظم الجمهورية التي تحولت إلى جمهوريات ملكية".
"مع الضغط الدولي"
الحقوقي المصري أحمد العطار، تمنى في حديثه لـ"عربي21"، أن "يأتي رمضان وجميع المعتقلين مع أحبتهم؛ ولكن الواقع يتحدث عن تصعيد السلطات الأمنية المصرية المستمر بملف المعتقلين السياسيين، بالاعتقالات الدائمة، وتدوير المعتقلين المفرج عنهم ورقيا بقضايا جديدة".
وأشار إلى وجود معتقلين من كل التيارات أمضى أكثرهم 7 رمضانات خلف الأسوار، مثل المحامي عصام سلطان، والشيخ حازم أبو إسماعيل، وشيخ الصحفيين مجدي حسين، والنشطاء محمد عادل، وهيثم محمدين، والمحامي إبراهيم متولي، وآلاف الشباب المنسيين.
ويعتقد أنه "من بعض ردود فعل السلطات المصرية يمكن القول إنها من الممكن أن تستجيب إلى بعض الضغوط الدولية والمفاوضات حول بعض الحالات، كما حدث بملف المعتقلين ممن لديهم جنسيات أجنبية وقررت إطلاق سراحهم بعد تنازلهم عن مصريتهم".
ولذا يرى العطار، أنه "إذا تزايدت تلك الضغوط والمفاوضات برعاية دولية من تركيا وأمريكا والاتحاد الأوروبي، خاصة مع تصريحات إبراهيم منير الأخيرة قد تحدث انفراجة بملف المعتقلين، ولكن الإشكالية الكبرى في اقتناع السلطات المصرية بوجود مصالحة داخلية".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، تمنى الكثير من الأهالي أن يقضي المعتقلون رمضان ببيوتهم فرحين بحريتهم بين ذويهم.
خبراء: تغطية الإعلام المصري لحادثة السويس "مضلل ومخز"
كوارث القطارات بمصر.. لماذا لم ينجح النظام في وقفها؟
الإعلان عن ولادة كيان سياسي معارض من دمشق.. ما أهدافه؟