نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب ديفيد إغناتيوس قال فيه إن إدارة جو بايدن تدرس ما إذا كانت ستتدخل في دعوى قضائية من رجل المخابرات السعودي السابق سعد الجبري، ضد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال إن الدراما في قاعة المحكمة هي أحدث فصل فيما أصبح نزاعا دمويا بين ابن سلمان والجبري الذي كان راعيه، ولي العهد السابق محمد بن نايف، المنافس الرئيسي لمحمد بن سلمان حتى عزل نايف عن المنصب في 2017.
وهذه حكاية قاتمة تحمل أصداء مقتل الصحفي جمال خاشقجي، الذي كان يساهم في صحيفة "واشنطن بوست" عام 2018 على يد فريق سعودي. يزعم الجبري في دعوى قضائية أن محمد بن سلمان أرسل "فرقة النمر" بعد فترة وجيزة لاختطافه أو قتله في منزله في المنفى في كندا. كما يدعي أن السعوديين سجنوا أبناءه كرهائن في السعودية لإجباره على العودة إلى الوطن. ونفى محامو محمد بن سلمان هذه المزاعم.
تريد إدارة بايدن تشجيع التسوية التي من شأنها تحرير الأولاد وحل أزمة التقاضي. لكن حتى الآن، لم يتم إحراز أي تقدم في حل الورطة القانونية.
ورفض محام يمثل محمد بن سلمان ومصالح حكومية سعودية أخرى التعليق على الدعوى.
اقرأ أيضا: أسرة الجبري تتهم السلطات السعودية بالتلاعب في محاكمة ابنيه
تمثل المعضلة التي تواجه الإدارة اختبارا كلاسيكيا للقانون والأمن القومي. قام محامو الجبري برفع دعوى مدنية زعموا فيها أنه ساعد في عام 2008 في تنظيم شبكة من الواجهات "بهدف أساسي هو تنفيذ برامج الأمن القومي السرية مع الحكومة الأمريكية".
لكن الشركات السعودية المملوكة للحكومة زعمت في عدة دعاوى قضائية أن الجبري وابن نايف سرقا ما لا يقل عن 3.4 مليارات دولار من العملية. "كانت هذه مجرد سرقة صريحة،" بحسب إحدى الدعاوى القضائية المرفوعة في كندا، بشأن بعض الأموال المتنازع عليها. وقام قاض كندي بتجميد أصول الجبري مؤقتا.
هذا هو الجزء الذي يؤلم ضباط المخابرات. وللدفاع عن الجبري ضد مزاعم الاحتيال، يحذر محاموه، من أنه "سيتطلب فحص أنشطة مكافحة الإرهاب والأمن القومي للحكومة الأمريكية".
وبعبارة أخرى، لحماية نفسه، قد يضطر الجبري إلى الكشف عن بعض الأسرار التي كان يحاول حمايتها.
وأعربت إدارة بايدن عن قلقها بشأن قضية مرفوعة لدى وزارة العدل في 26 نيسان/ أبريل في محكمة اتحادية في ولاية ماساتشوستس، مشيرة إلى نية الجبري "وصف المعلومات المتعلقة بأنشطة الأمن القومي المزعومة" وأضافت، "وفقا لذلك، تدرس الحكومة ما إذا كانت ستشارك في هذا الأمر وكيفية ذلك الإجراء، بما في ذلك إذا لزم الأمر وكان ممكنا من خلال تأكيد الامتيازات الحكومية المناسبة".
وقال مسؤول مطلع إن وكالة المخابرات المركزية، المتورطة بشكل مباشر، تراجع الأمر. وامتنعت وكالة المخابرات المركزية ووزارة العدل عن التعليق.
على الرغم من أنه ليس من الواضح كيف يمكن لوزارة العدل أن تتدخل في نهاية المطاف في القضية، إلا أن المحامين المطلعين على دعاوى الأمن القومي يقولون إن أحد الاحتمالات هو أن الحكومة قد تتذرع بما يُعرف باسم "امتياز أسرار الدولة"، والذي يسمح للحكومة "بمقاومة أمر المحكمة الكشف عن المعلومات أثناء التقاضي المدني إذا كان هناك خطر معقول من أن هذا الكشف سيضر بالأمن القومي لأمريكا"، وفقا لدراسة عام 2011 قامت بها خدمة أبحاث الكونغرس.
هذه القضية مؤلمة جزئيا لأن الجبري عمل عن كثب مع مسؤولي المخابرات الأمريكية لمواجهة العمليات الإرهابية للقاعدة. كتب العديد من المسؤولين الأمريكيين شهادات تمدح فيها خدمته. وكتب مسؤول في وزارة الخارجية لأعضاء مجلس الشيوخ في أغسطس الماضي أن الجبري "كان شريكا مهما للحكومة الأمريكية، ويعمل معنا عن كثب لضمان سلامة الأمريكيين والسعوديين".
وقال كوفر بلاك، رئيس مكافحة الإرهاب السابق في وكالة المخابرات المركزية، في إفادة خطية قُدمت في شباط/ فبراير في الدعوى الكندية التي رفعتها الشركات السعودية ضد الجبري: "داخل وكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية من المعروف أن الجبري كان مسؤولا عن إفشال مؤامرات إرهابية في الشرق الأوسط والولايات المتحدة". كما أشار إلى أن الجبري "مطلّع على كميات هائلة من المعلومات السرية".
وما يضفي على التقاضي وجها إنسانيا هو محنة ابني الجبري، عمر وسارة، البالغين الآن 22 و21 عاما على التوالي اللذين منعا من مغادرة السعودية في حزيران/ يونيو 2017.
عندما ناشد الجبري في رسالة نصية إلى محمد بن سلمان للسماح لهم بالرحيل، أجاب ولي العهد، "أريد حل مشكلة ابنك وابنتك، لكن هناك ملف حساس للغاية هنا يتعلق بـ [محمد بن نايف]"، و"حث الجبري على العودة إلى المملكة". وقال محامو الجبري إن الأطفال اعتقلوا في آذار/ مارس 2020 وأدينوا في محكمة سعودية بارتكاب جرائم جنائية مزعومة.
وعندما تتحول الخلافات الشخصية إلى معارك قانونية في قاعة المحكمة، يكون من الصعب جدا حلها. لكن هذا استمر لفترة طويلة بما فيه الكفاية. وأخبرتني عائلة الجبري أنه يسعى إلى حل ودي لجميع الخلافات التي من شأنها تحرير ابنه وابنته وحماية أسرار الأمن القومي الأمريكية.
ويقول إغناطيوس إن ترك هذا الشجار يستمر حتى ينتهك الأسرار التي من شأنها أن تلحق الضرر بالمملكة وأمريكا سيكون خطأ فادحا.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
ذي أتلانتك: السعودية وإيران في قلب الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
موقع روسي: لهذا يسعى السعوديون لتحسين العلاقات مع إيران
هل كشفت "حروب الوكالة" لدول عربية محدودية قوتها؟