سياسة دولية

مستشار جونسون السابق يصعّد ضده.. هل يدفعه للاستقالة؟

كان كامنغز محل انتقادات خلال الأزمة- جيتي

صعّد مستشار سابق كان مقربا من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون حملته ضده، في حين نقل مقربون عن المستشار أنه لن يتوقف حتى يرى رئيسه السابق خارج السلطة.

وكان كبير المستشارين دومينيك كامينغز (49 عاما) مهندس الحملة المؤيدة للخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) عام 2016، كما أدار الحملة الانتخابية لحزب المحافظين والتي حقق فيها جونسون فوزا كبيرا، في كانون الأول/ ديسمبر 2019.

وعلى وقع صراعات داخلية، تقدم كامينغز باستقالته قبل ستة أشهر. وفي الأسابيع الأخيرة، ظهرت تسريبات تتعلق بجونسون، يُعتقد أن مصدرها كامنغنز. ومن بين التسريبات ما يتعلق بجمع تبرعات قد تكون غير قانونية لصيانة مقر إقامة جونسون، إلى جانب شبهة فساد في عقود مُنحت لشركات مرتبطة بوزراء في الحكومة خلال أزمة كورونا.

 

اقرأ أيضا: افتتاحية "أوبزيرفر": اتهامات لجونسون كافية لفقدانه منصبه

وخلال شهادة له أمام لجنة الصحة والعلوم والتكنولوجيا البرلمانية الأربعاء، قال كامينغز إنه سمع جونسون يقول "لتتراكم الجثث" عند مناقشة فرض إغلاق عام في البلاد مرة أخرى بسبب تفشي وباء كورونا نهاية العام الماضي.

وكان جونسون قد نفى تقارير صحفية ذكرت أنه قال إنه يفضل "ترك الجثث تتراكم" على أن يلجأ للإغلاق مرة أخرى. لكن كامينغز، ردا على سؤال عما إذا كان سمع رئيس الوزراء يقول هذه الكلمات، قال خلال الجلسة "نعم"، مضيفا: "سمعت هذا في مكتب رئيس الوزراء".
 
من جهة أخرى، وصف كامينغز إدارة الحكومة لأزمة كورونا بأنها "كارثية". وتوجه إلى عائلات ضحايا الوباء، معبّرا عن أسفه "عن كل الأخطاء التي ارتكبت".

 

اقرأ أيضا: الغارديان: جونسون غير مناسب لساعة كورونا المظلمة

وقال إن جونسون "غير جدير بالمنصب"، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء استخف بفيروس كورونا عند ظهوره وقال إنه لا يختلف عن الإنفلونزا، وأنه أبدى استعداده لحقن نفسه بالفيروس على الهواء مباشرة، في إشارة إلى التقليل من شأنه الفيروس.

وقال: "جوهر المشكلة، كانت وبشكل أساسي أنني أعتبره غير جدير بالمنصب. وكنت أحاول أن أوجد بنية تحيط به لمحاولة ووقف ما اعتقدت أنها قد تكون قرارات سيئة، والدفع بأشياء على غير إرادته".

وأوضح كامينغز أن جونسون كان "مهووسا" بما كانت تروجه بعض الصحف (اليمينية)، وأنه كانت مقتنعا بما تنشره صحيفة الديلي تلغراف.

وتحدث حول الأسابيع الأولى التي تلت ظهور الوباء في الصين ثم في بريطانيا، وقال: "الحقيقة هي أن الوزراء وكبار المسؤولين والمستشارين مثلي، وبشكل كارثي، لم نكن على مستوى ما ينتظره الشعب من حكومته خلال أزمة كهذه".

وكانت انتقادات قد وُجهت لجونسون بسبب إدارة الوباء، وخصوصا في التأخر باتخاذ قرارات بشأن الإغلاق.

وأكد المستشار السابق أن الإغلاق الأول كان يجب أن يفرض في الأسبوع الأول من آذار/ مارس، لكن تأخر حتى اليوم 23 منه، ما زاد في عدد الضحايا، ومع بلوغ الخدمات الصحية حد الانهيار.

وذكر أنه بينما كانت تعقد الحكومة اجتماعا لمناقشة احتمال فرض الإغلاق، كان هناك نقاش آخر حول طلب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مشاركة بريطانيا في عملية قصف جوي في العراق، في حين أن خطيبة جونسون، كاري سايموند، كان لها اهتمام آخر، ويدور حول تقرير في صحيفة التايمز يتحدث عن كلبها دايلون ووجوده في مقر رئاسة الحكومة.

وقال إنه كان يمكن تجنب عشرات الآلاف من الوفيات، متهما وزير الصحة مات هانكوك بالفشل في الوفاء بوعوده والكذب خلال اجتماعات الحكومة، واصفا سلوكه "بالجرمي والمشين". وأكد أنه كانت تجب إقالته، وأنه اقترح ذلك على جونسون، لكن الأخير رفض ذلك لأنه كان يخشى أن يتحول هانكوك ضده أمام أي جلسة استماع.

وتراهن الحكومة الآن على نجاح حملة التلقيح، والتي شملت حتى الآن أكثر من 72 في المئة من البالغين في البلاد، بينهم أكثر من 18 مليونا تلقوا جرعتين من اللقاح.

وكانت بريطانيا من أكثر الدول الأوروبية تضررا من الوباء، حيث بلغت الوفيات بسبب الفيروس أكثر من 128 ألف حالة.

ورغم التسريبات التي سبقت الانتخابات المحلية الأخيرة هذا الشهر، والتي ألقت شكوكا حول نزاهته إضافة إلى إدارته لأزمة الوباء، حقق المحافظون بزعامة جونسون نتائج قوية في هذه الانتخابات، بما يعني أنها لم تثر اهتمام جمهور الناخبين.

وكان كامينغز قد أجرى عددا من المقابلات في الفترة الأخيرة، كما أطلق منشورات وتغريدات تهاجم إدارة جونسون.

ويؤكد أن بريطانيا كان بإمكانها تجنب إجراءات الإغلاق الثلاثة لو كان لديها "الاستعدادات المناسبة ومسؤولون أكفاء"، ووعد بعرض "وثيقة تاريخية حاسمة" تؤكد ما خلص إليه.

وقال إنه في بداية الوباء، كانت الحكومة البريطانية تهدف للوصول إلى "مناعة جماعية"، وهي استراتيجية تقوم على السماح بانتشار الفيروس حتى يطور قسم من السكان مناعة بعد الإصابة بالمرض.

ولم يتم التخلي عن هذه الاستراتيجية إلا في مطلع آذار/ مارس 2020، بعد أن حذر داونينغ ستريت من أنها ستؤدي إلى "كارثة". وأضاف كامينغز أن نفي وزير الصحة مات هانكوك لهذه المسألة "هراء".

وكانت تحذيرات قد نبهت إلى أن عددا كبيرا ممن يصنفون ضمن الفئات الأكثر ضعفا ربما يفقدون حياتهم بسبب هذه الاستراتيجية، كما وصفتها منظمة الصحة العالمية بـ"الوحشية".

وفي مواجهة تفشي الوباء أواخر العام الماضي، بسبب ظهور نسخة متحورة أكثر عدوى في كنت (جنوب إنكلترا) فرضت إغلاقا ثالثا في مطلع كانون الثاني/ يناير قبل أن يتم رفعه تدريجيا على مدى الأسابيع الماضية.

 

من جانبها، نقلت صحيفة "التايمز" عن "صديق" للمستشار السابق قوله إن كامينغز يريد "تصفية حسابات" ولن يتراجع قبل أن يدفع جونسون للاستقالة.

 

اقرأ أيضا: هكذا استقبل بريطانيون مستشار جونسون قبل عودته لمنزله (شاهد)

وكان كامينغز نفسه قد أثار انتقادات واسعة وغضبا بين الناس، عندما سافر لأكثر من 260 ميلا، للانتقال مؤقتا برفقة زوجته وطفله إلى منزل والديه، رغم إجراءات الإغلاق التي كانت مفروضة والتي كانت تحظر التنقل بين المدن أو زيارة منازل أخرى. وقد عبر عن أسفه بسبب ذلك.

 

كما أن المستشار السابق كان محل انتقادات بسبب اتهامه بمحاولة فرض سيطرته على الوزارات المختلفة في الحكومة، وهو ما دفع وزير المالية ساجد جافيد لتقديم استقالته.

وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد "يوغوف" ونشر السبت في صحيفة "التايمز"، فإن 14 في المئة فقط من الناخبين يثقون بأن يقول كامنغز الحقيقة مقابل 38 في المئة يثقون بجونسون.

وسبق أن رد جونسون على مستشاره السابق، عبر مؤتمر صحفي دافع فيه عن نفسه أمام الاتهامات، وهو ما يشير إلى التأثير المحتمل لحملة كامنغز عليه.

وقال كامينغز إن علاقته بجونسون بدأت بالتدهور في تموز/ يوليو 2020، وتصاعدت الخلافات لتصل إلى القطيعة في تشرين الأول/ أكتوبر، مع بدء الحديث عن فرض الإغلاق الثاني، حيث كان يشعر جونسون أن مستشاره يلقي باللوم عليه بالفشل في التعامل مع الجائحة، مؤكدا أنه بالفعل ألقى باللوم عليه.

 

وكان جونسون نفسه قد أصيب بكورونا في نيسان/ أبريل 2020، وتدهورت صحته ما اضطره للمكوث في قسم العناية المركزة في المستشفى لأسبوع.

 

وفي وقت لاحق، سرت تسريبات بأن المرض قد ترك آثارا سيئة على صحة جونسون، وأنه من الممكن أن يستقيل بسبب ذلك. وتبين أن مصدر التسريبات والد زوجة كامنغز، هامفري ويكفيلد.

 

اقرأ أيضا: تساؤلات عن صحة جونسون .. هل يستقيل قريبا؟