الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي وصفها بعض النشطاء الإيرانيين بأنها «سباق حصان واحد»، هي حصيلة دعم المتشددين واستبعاد الإصلاحيين، إذ تقوم لجان تابعة للمرشد تحت اسم «مجلس صيانة الدستور» الذي يتشكل من اثني عشر عضواً، وهم هيئة غير منتخبة، باختيار من يحق له الترشح للرئاسة، وقد وافق مجلس صيانة الدستور على سبعة مرشحين من بين مئات المتقدمين وحظر الباقين.
من بين من اختارهم مجلس «صيانة الدستور» يعد إبراهيم رئيسي أكثر المرشحين حظوظاً، وهو الذي تلاحقه لعنات آلاف الإيرانيين، حيث شارك عام 1988 في إعدامهم بأوامر من المرشد آنذاك آية الله الخميني، حيث كان رئيسي واحداً من رجال الدين الذين وقّعوا على أحكام إعدام آلاف السجناء السياسيين، ولك أن تتخيل أن مرشحاً يحمل مثل هذه السيرة الذاتية يكون رئيساً سياسياً للنظام الإيراني، نظام المرشد وولاية الفقيه!
رئيسي الذي تلاحقه أرواح ضحاياه في العام 1988 يردد في شعار انتخابه «النضال المستمر ضد الفقر والفساد والتمييز»، بينما الواقع الإيراني أسير ثالوث الغلاء والفقر والبطالة، وعبّرت عن ذلك حالة السخط الشعبي على سياسات الحكومة وفشلها، وتجاهلها حلحلة أزمات الشأن الداخلي بسياسات خارجية عبثية، جعلت من إيران مصدر الشر في اليمن وسوريا ولبنان، لدرجة أن رفع المتظاهرون الساخطون شعارات «لا غزة، لا لبنان، حياتي في إيران».
النظام الإيراني المختبئ خلف انتخابات زائفة هو من أهدر ثروة البلاد على إنتاج وتصدير الإرهاب، وترك البلاد غارقة في مستنقع المرض والجهل والبطالة التي تجاوزت 15 في المائة، والعجز في ازدياد مطرد في بلد يعد منتجاً رئيسياً للنفط.
يواجه النظام الإيراني غلياناً شعبياً محلياً لأسباب معيشية بالدرجة الأولى طالت لقمة العيش وسبله المختلفة؛ بسبب غلاء الأسعار والتضخم المالي وسياسات اقتصادية فاشلة، والإنفاق على التسلح العسكري وتطوير الصواريخ العابرة للحدود، كالتي زودت بها ميليشيات الحوثي لقصف المدن والأعيان السعودية.
وأصبح القمع والقتل بدم بارد، المعالجة الأحادية للأزمة تحت عباءة الولي الفقيه وقمع الباسيج، حيث تم وصف المحتجين والمتظاهرين بـ«المخربين والمشاغبين وعملاء الخارج»، في حين هم شباب سئموا العيش في جلباب الخميني وكهنوته الجاثم على أنفاس الإيرانيين، وطموحهم بدولة مدنية لا تنصب فيها أعواد المشانق في الشوارع، وترفع جثث المعارضين على رافعات ميكانيكية كان من المفترض أن تستخدم في البناء والتطوير لا حمل منصات مشانق لمعارضي النظام.
التفاهمات حول البرنامج النووي الإيراني، التي سرعان ما اتضح خداع النظام الإيراني وتهربه من التزاماته، رغم أن البرنامج النووي الإيراني في الأصل هو برنامج ما زال بعيداً عن الاقتراب من تخصيب الحجم الحرج لإنتاج أي مشروع نووي ناضج يمكن التعويل عليه، إلا أن الخداع الإيراني وتهويل البرنامج، جعل النظام يستخدمه ورقة جلب مكاسب له وهو الذي يخادع العالم بديمقراطية كاذبة عبر انتخابات زائفة معروف الفائز فيها مسبقاً، بينما إرهاب النظام تفضحه علاقة نفعية انتهازية مع التنظيمات الإرهابية، كـ«القاعدة» و«داعش»، بل إن النظام الإيراني بمرشده هو من قام بترجمة كتب سيد قطب ومنهجه التكفيري من العربية إلى الفارسية، وقام بتدريسه في مدارس حرسه الثوري.
في سابقة أخرى تفضح أساليب القمع لدى النظام الإيراني حذر المدعي العام الإيراني، المرشحين من تجاوز ما سماه «الخطوط الحمراء»، التي من بينها انتقاد نظام ولاية الفقيه، والتشهير بسوء سمعة القضاء الإيراني في حملاتهم الانتخابية. ولهذا ستبقى الانتخابات الإيرانية مجرد واجهة دعائية لنظام قمعي طائفي لا يؤمن بالديمقراطية والتنوع السياسي، ولن تفرز سوى ديكتاتوريين جدد، مؤهلاتهم القتل والقمع أمثال إبراهيم رئيسي وغيره.