كشف استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، بالتعاون مع مؤسسة "كونراد أديناور" في رام الله، نشرت نتائجه يوم أمس الأربعاء تأييد 70% من الجمهور الفلسطيني إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية رغما عن الكيان الإسرائيلي.
الإعلان عن نتائج الاستطلاع تزامن مع بدء رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية زيارته الأولى للمملكة المغربية يوم أمس الأربعاء بدعوة من حزب العدالة والتنمية الحاكم؛ لتظهر نتائجه حصول محمود عباس على 27% من أصوات المستطلعين في حال أجريت الإنتخابات الرئاسية مقابل 59% لصالح إسماعيل هنية؛ وهي نتيجة مرتفعة إذا ما قورنت بنتائج الاستطلاع قبل ثلاث أشهر؛ التي أظهرت حصول هنية على 46% من الأصوات مقابل 47% لعباس.
التغير في المزاج الفلسطيني الداخلي سار بالتوازي مع التحول في المزاج الإقليمي والعربي تجاه حركة "حماس" التي باتت قوة سياسية وعسكرية لا يستهان بها على الصعيد الإقليمي؛ فالمواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بقيادة حركة "حماس" والكيان الإسرائيلي أعادت الاعتبار لنهج المقاومة بأشكاله المتعددة وعلى رأسها المقاومة المسلحة؛ التي بدونها ما كان للوساطات السياسية والإقليمية لوقف إطلاق النار وصولا إلى التهدئة وخفض التصعيد أي ضرورة أو حاجة؛ ولما كان للاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى وسكان حي الشيخ جراح صدى إقليمي ودولي؛ فالمقاومة ثبتت معادلة جديدة يصعب القفز على نتائجها وحساباتها.
أمر عادت فأكدته مسيرة الاعلام الصهيونية المشؤومة يوم أول أمس الثلاثاء 15 حزيران (يونيو) الحالي؛ إذ فعلت الوساطات الدولية والإقليمية منعا لاشتباك واسع بين المقاومة وقوات الاحتلال على خلفية المسيرة التي اكتفت باستعراض هزيل للمستوطنين أمام باب العامود وأسوار البلدة القديمة.
هل يدرك قادة الرياض وأبو ظبي والمنامة طبيعة التحولات العميقة في الإقليم أم أنهم تخلفوا عن قاطرة "حماس" والمقاومة التي انطلقت قبل أكثر من ثلاثين سنة وبات من الصعب وقفها أو إعاقة تقدمها؟
الحقائق المتشكلة بعد معركة سيف القدس فتحت مزيدا من الأبواب لحركة "حماس" فلم تعد تقتصر على الساحة التركية والمضيف القطري والداعم الإيراني أو الوسيط الروسي؛ فانفتحت الآفاق لساحات جديدة محتملة مثلت القارة الأوروبية إحداها بعد دعوات أوروبية لضرورة الانفتاح على الحركة رغم أن المحكمة العليا الأوروبية عطلت قرارا بإسقاط إسم الحركة من قائمة الإرهاب الأوروبية قبل أكثر من عامين.
دعوات الانفتاح على حركة "حماس" اتخذت طابعا أكثر جدية بدعوة حزب العدالة والتنمية المغربي لرئيس الحركة لزيارة الرباط؛ فالزيارة جاءت في ظل دعوة قادها وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد لوضع حركة "حماس" بجناحيها السياسي والعسكري على قوائم الإرهاب؛ دعوة بلغت حد العتاب الشديد للدول الغربية وللولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها جماعة إخوانية إرهابية بحسب تصوراته التي صرح فيها أمام موقع اللجنة اليهودية الأمريكية؛ فالوزير جعل من عزل الحركة والقضاء عليها قضيته المركزية.
استضافة المغرب لإسماعيل هنية في هذا السياق تقدم رسالة واضحة بصعوبة عزل الحركة أو تجاهل تنامي مكانتها التي تؤكدها استطلاعات الرأي؛ فاستضافة قادة الحركة في الرباط رغم الاعتقالات والمحاكمات التي تجريها الرياض لعدد من نشطاء حركة "حماس" يجعل من هذه الخطوة اختراقا مهما للحركة لم تتوانى عن التقاطه رغم موقف المملكة المغربية من التطبيع مع الكيان الإسرائيلي؛ الذي توج مؤخرا بفتح مكتب ارتباط لرعاية شؤون مواطنيها المغاربة اليهود المقيمين في الكيان الإسرائيلي.
علاقة المملكة المغربية مع الكيان الإسرائيلي ورسالة التهنئة التي وجهها الملك محمد السادس إلى رئيس وزراء الكيان نفتالي بينت لم تمنع الحركة من إجابة دعوة الحزب الحاكم؛ فالملك محمد السادس لم يمارس التحريض على الحركة ولم يجعل منها قضيته في المحافل الدولية لإدانتها وتجريمها أو ملاحقة نشطائها والمتعاطفين معها باعتقالهم ومحاكمتهم بل على العكس ترك الباب مفتوحا للمعارضة والحوار للسياسات المتصلة بالانفتاج على الكيان، والأهم لم يقف عائقا أمام استضافة إسماعيل هنية في العاصمة الرباط.
المملكة المغربية قدمت نموذجا يحتذى؛ لا يختلف من حيث الجوهر عن النموذج المصري الذي امتاز بقيمة مضافة تمثلت بالتماس الجغرافي والبعد الجيوسياسي؛ واتفاقية كامب ديفيد والخصومة السياسية لحركة الإخوان المسلمين في الآن ذاته؛ فلم تقف خلفية الحركة الإخوانية أمام انفتاح النظام الرسمي المصري على الحركة التي كان آخرها زيارة مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل للقطاع.
ختاما: هل يدرك قادة الرياض وأبو ظبي والمنامة طبيعة التحولات العميقة في الإقليم أم أنهم تخلفوا عن قاطرة "حماس" والمقاومة التي انطلقت قبل أكثر من ثلاثين سنة وبات من الصعب وقفها أو إعاقة تقدمها؟
hazem ayyad
@hma36
تونس ـ فلسطين.. عندما تلتقي الثورة بالمقاومة والكرامة بإرادة الأحرار
قراءة في الموقف العربي من معركة "سيف القدس"
تاريخ الإرهاب الإسرائيلي ينير حرب الإبادة الراهنة!