يصعب تجاهل الخلاف السعودي الإماراتي؛ فالشراكة بين البلدين طويلة وممتدة صاغت تاريخ المنطقة وسياستها على مدى الأعوام العشرة الماضية؛ فكيف انتهى الحال بهذا التحالف الصلب إلى تدخل الوسطاء لإنهاء الخلافات حول اتفاق أوبك+روسيا.
تدخل الوسطاء الروس والأمريكان والكويتيون لإنهاء الخلاف الذي هدد بانهيار اتفاق أوبك+؛ ومعه أسعار النفط التي تعافت حديثا لتلامس حاجز الـ80 دولارا قدم مؤشرا على عمق الخلافات وتشعبها بين البلدين الحليفين، السعودية والإمارات.
فالحاجة للوساطات مؤشر على غياب التنسيق وصعوبة اللقاء والتواصل بين طرفي الخلاف؛ فالرياض وأبو ظبي انتقلتا إلى وسائل الإعلام بل والتواصل الاجتماعي لتبادل الرسائل، سواء عبر تصريحات وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي ووزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان أو عبر تغريدات ضاحي خلفان نائب مدير شرطة دبي سابقا.
غياب التواصل والتنسيق هوى بأسعار النفط إلى 73 دولارا في غضون ساعات؛ ليتبع ذلك توقعات متشائمة بانهيار اتفاق (أوبك+روسيا) مهددا مصالح الدول المنتجة ومن ضمنها روسيا وأمريكا؛ فتصاعد الخلاف ولجوء الإمارات والسعودية لإجراءات أحادية وانتقامية متبادلة سيهوي بأسعار النفط إلى القاع ويهدد التعافي الدولي لما بعد كورونا؛ فلماذا غامرت أبو ظبي بعلاقاتها القوية بالرياض؛ وهل يستحق الأمر كل ذلك التصلب في الموقف؟
الشريكان الاستراتيجيان في حرب اليمن 2015 وحصار قطر 2017 ومواجهة تركيا وإيران ودعم الجيش المصري لانتزاع الحكم من الإخوان المسلمين 2013 والتحالف مع ترامب وصهره كوشنر لم يعودا قادرين على التواصل أو التنسيق.
أمر يصعب تصديق حدوثه فجأة دون سابق إنذار؛ فالتواصل الضعيف مضى عليه أشهر ولأسباب متعددة منها الخلاف حول الملف اليمني وملف التطبيع؛ فالإمارات استثمرت شراكتها مع السعودية لتوفير الغطاء لمشروعها التطبيعي مع الكيان الإسرائيلي الذي لم تنضم إليه الرياض حتى اللحظة؛ فتعزيز مركز أبو ظبي الإقليمي على حساب السعودية يتعارض مع طموحات الرياض الاقتصادية والسياسية كمركز إقليمي لوجستي جاذب للاستثمارات.
الأزمة بين الرياض وأبو ظبي بلغت حد تدخل الوسطاء الروس والأمريكان والكويتيين لإنهاء خلاف أكد غياب التنسيق والتواصل بين الرياض وأبو ظبي؛ منهيا عقدا من التحالف والشراكة الطويلة في المنطقة؛ إنه المغزى الحقيقي للوساطة الذي لا ينتقص من قلق الوسطاء وخوفهم من انهيار أسعار النفط وانتكاس جهود التعافي الدولي من جائحة كورونا.
أبو ظبي حازت على المغنم والرياض على المغرم والنقد؛ بعد أن عزز التطبيع مع الكيان الإسرائيلي مركز أبو ظبي الإقليمي على حساب الرياض والقاهرة؛ لتذهب أبو ظبي بعيدا بتوقيع اتفاق إبراهام وتأسيس صندوق إبراهام لدعم التطبيع لاختراق العالم العربي بقيمة 3 مليارات دولار الأمر الذي كشف عنه في مقال مشترك جمع وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد ووزير خارجية الكيان يائير لبيد في موقع ذي ناشونال الإماراتي بعنوان "ليس مجرد اتفاق سلام بل طريقة للحياة".
ورغم خلافات أبو ظبي والرياض فقد بقي احتواء الأزمة هاجساً ملحا بالنسبة للدول المصدرة للنفط وعلى رأسها روسيا الشريك الأساسي في اتفاق أوبك+؛ والولايات المتحدة التي تطمح إلى رفع إنتاجها من نفط الصخر الزيتي وزيادة منصات الحفر الهيدروليكي التي لم تتجاوز حتى اللحظة الـ400 منصة؛ فأمريكا وضعت لنفسها قيودا للحفاظ على أسعار مرتفعة دون اتفاق أو مفاوضات مع دول أوبك؛ والإدارة الأمريكية كما هو الحال مع روسيا تدرك خطورة تكرار كارثة نيسان (إبريل) من العام الماضي 2020 التي هوت بأسعار النفط إلى ما دون الصفر.
أمريكا وروسيا متوافقتان على غير المتوقع؛ فرغم الخلافات الاستراتيجية بينهما في ملفات كبرى كاتفاقيات الأسلحة النووية وأوكرانيا وبحر البلطيق والدائرة القطبية الشمالية والهجمات السبرانية؛ فإنهما اتفقتا على ضرورة احتواء الأزمة بين الإمارات والسعودية على نحو مثير للاهتمام؛ فالفشل في إنهاء الخلاف واحتوائه قبل موعد الاجتماع المقبل لدول اتفاق (أوبك+) سيهوي بأسعار النفط ومعها جهود التعافي الاقتصادي الطويل لما بعد جائحة كورونا؛ الأمر الذي لا تريده روسيا وأمريكا في الآن ذاته.
ختاما.. الأزمة بين الرياض وأبو ظبي بلغت حد تدخل الوسطاء الروس والأمريكان والكويتيين لإنهاء خلاف أكد غياب التنسيق والتواصل بين الرياض وأبو ظبي؛ منهيا عقدا من التحالف والشراكة الطويلة في المنطقة؛ إنه المغزى الحقيقي للوساطة الذي لا ينتقص من قلق الوسطاء وخوفهم من انهيار أسعار النفط وانتكاس جهود التعافي الدولي من جائحة كورونا.
hazem ayyad
@hma36
التفاهم الأمريكي-الإيراني وملفات المنطقة
حينما يخشى نظام القهر والاستبداد من الإعلام الحر!