نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني تقريرا تحدث فيه عن تبعات قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد بتعليق عمل البرلمان وتأثيره على المشهد السياسي للبلاد.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس التونسي قيس سعيّد فاجأ الجميع، في الداخل والخارج، بإعلانه يوم الأحد تعليق عمل البرلمان وإلغاء حصانة النواب وإقالة رئيس الوزراء والاضطلاع بدور "رقابي" على النيابة العامة. وقد استشهد في ذلك بالفصل 80 من دستور البلاد الذي يمنح الرئيس الحق في اتخاذ مثل هذه الإجراءات إذا رأى "خطرا وشيكا يهدد كيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها".
وفي محاولة استباقية لمواجهة الحجج المضادة لخطوته، قال الرئيس إن "هذا ليس تعليقا للدستور" ولا حلا للتشريع، وإنما هو "إجراء مؤقت" مع مرور البلاد بفترة صعبة. في الأثناء، لم يحدد الرئيس كم من الوقت ستستمر الإجراءات ولم يقدم أي نوع من البدائل السياسية لاستعادة الحياة البرلمانية في تونس. لم يشرح سعيّد كيف يخطط للقيام بدوره الجديد، لا سيما دور النيابة العامة التي اتهمها بشكل غير مباشر بالتقليل من أداء واجباتها دون تقديم تفاصيل عن الكيفية التي خذلت بها الشعب.
وأضاف الموقع أن الخطوة التي اتخذها الرئيس أطلقت العنان لنقاش قانوني ودستوري حاد حول ما إذا كان الرئيس قد فسّر الفصل 80 من الدستور بشكل صحيح وما إذا كانت خطوته، في الواقع، انقلابا على البرلمان المنتخب من قبل الشعب.
وشاركت رئيسة جمعية القانون الدستوري التونسية سلوى الحمروني، بيانا على تويتر أكدت فيه حق الرئيس في اتخاذ مثل هذه الإجراءات، بينما شككت في بعض أفعاله. وترأس سعيّد الجمعية بينما كان يُدرّس القانون الدستوري في الجامعة قبل انتخابه رئيسا في تشرين الأول/ أكتوبر 2019. لذلك فهو رجل يعرف ما يفعله.
اقرأ أيضا: النهضة تدعو لحوار وطني.. وتعتزم تكوين جبهة لمواجهة انقلاب سعيّد
وذكر الموقع أنه بينما يستمر الجدل القانوني، فقد سادت حالة من الغموض البلاد حاملة معها احتمالات حدوث المزيد من الفوضى والعنف. ويُذكر أن الآلاف في جميع أنحاء البلاد خرجوا إلى الشوارع لدعم الرئيس. أما المحكمة الدستورية التي يمكن أن تبت في دستورية الموضوع غير موجودة بسبب الخلافات السياسية بين الأطراف المختلفة التي فشلت في التوصل إلى اتفاق منذ الانتخابات الأخيرة قبل ثلاث سنوات. وبغض النظر عن الخلاف القانوني، فإن مشاكل تونس أعمق وأبعد ما يكون عن مسألة ما إذا كان الرئيس قد تصرف بشكل دستوري أم لا.
وأوضح الموقع أنه منذ أن أصبحت تونس "جوهرة الربيع العربي" لسنة 2011، أجرت البلاد انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة ست مرات أنتجت تسع حكومات. ووقع اعتماد دستور جديد سنة 2014 لإصلاح النظام السياسي بالكامل. وهذا التغيير هو الذي مكّن قيس سعيّد من أن يصبح رئيسًا. لكن النظام نفسه فتح الباب أيضا للآخرين للتنافس والفوز في الانتخابات.
قبل "ثورة الياسمين"، لم يكن من الممكن تصور أن سياسيا إسلاميا مثل راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، يمكن أن يحلم بالترشح في الانتخابات فما بالك أن يصبح رئيسا للبرلمان، الذي يهيمن عليه حزبه.
حتى وقت قريب، كانت البلاد النجم الساطع "للربيع العربي" بعد أن نجحت في الانتقال الصعب إلى الديمقراطية حيث يقرر صندوق الاقتراع من يحكم. لكن الديمقراطية لا تعني شيئا يذكر في مواجهة الركود الاقتصادي وموجة شديدة من الإصابات بفيروس كوفيد-19 والفساد المستفحل والمؤسسات الحكومية المشلولة تقريبا بسبب المشاحنات السياسية بين السياسيين.
وأكد الموقع أن مشكلة تونس اقتصادية بالأساس. فالبلاد على وشك الإفلاس والوباء ما زاد الطين بلة. أضف الفساد والحوكمة غير الفاعلة إلى هذا المزيج، وسوف ينتهي بك الأمر مع وصفة مثالية لمزيد من الخلاف حول من المسؤول ومن الملام.
وأشار الموقع إلى أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، كان حزب النهضة وزعيمه الغنوشي هدفين للوم من قبل الرئيس والآخرين. ويواصل العديد من السياسيين والمعلقين التونسيين اتهام حزب النهضة بكل أنواع الشرور دون تقديم أي دليل يدعم مزاعمهم.
بصفته حزبا سياسيا، يتواجد حزب النهضة لأن الدستور يسمح بتشكيل الأحزاب السياسية طالما أنها ملتزمة بقواعد اللعبة. وحتى الآن، فقد لعب الحزب وفقا للقواعد؛ ومع ذلك، فإنه يبدو أن منتقديه ينسون حقيقة أن حزب النهضة والغنوشي قد انتخبا مرارا وتكرارا في انتخابات حرة ونزيهة.
ولم يشق حزب النهضة طريقه إلى السلطة ولم يتورط في أي انتهاكات دستورية خطيرة؛ فهل يمثل تهديدا خطيرا طويل الأمد للعلمانية التونسية المعشوقة؟ قد يكون كذلك، ولكنه كيان سياسي شرعي.
من كان يتخيل أنه في تونس، أكثر الدول العربية علمانية، يمكن لحزب إسلامي أن يفوز بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات شفافة ونزيهة؟ حدث ذلك في مصر لكن مصر ليست علمانية مثل تونس. وأي شخص يزور تونس بانتظام على مدى العقود الثلاثة الماضية سيشهد على حقيقة أنه حتى قبل سنة 2011 كان صوت الأذان أمرا نادرا. إذا كان هذا يعني أي شيء، فقد تمت ترجمته إلى أصوات لصالح حزب النهضة الذي ظفر بـ 52 مقعدا من أصل 217 في البرلمان.
وأكد الموقع أن إلقاء اللوم على حركة النهضة في مآسي تونس المتراكمة هو أمر مضلل وسوف يأتي بنتائج عكسية. وقال الغنوشي في أول رد فعل له على إعلان الرئيس، إنه "انقلاب" على الدستور دون التشكيك في شرعية قيس سعيّد. وقد أدى هذا إلى تحويل النقاش من: هل ينبغي أن يكون هناك حزب إسلامي في تونس إلى نقاش أوسع حول التفسير الدستوري الذي يعيد الكرة إلى الربع الرئاسي. الآن، ينتظر الجميع الخطوة التالية من الرئيس.
FT: كيف استغلت إسرائيل "بيغاسوس" للتطبيع مع الخليج؟
وزير خارجية الاحتلال يزور المغرب قريبا.. ونقاش حول السفارات
NYT: شركات تجسس إسرائيلية عملت لصالح السعودية.. تفاصيل