الكتاب: الإسلام في مواجهة حملات التشكيك
الكاتب: د.محمود حمدي زقزوق
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب ٢٠١٧
ما زال الإسلام موضع جدل وسجال حاد في الساحات الفكرية والسياسية الدولية.. وعلى الرغم من كل جهود الحوار الفكري والحضاري التي قادها علماء وهيئات دينية فإن التشكيك في الإسلام لم يتوقف، وهو تشكيك يقوم في جزء كبير منه على خشية من الامتداد الذي يشهده الإسلام في مختلف أصقاع العالم.
ضمن هذا الإطار، يبرز الكتاب موضوع
العرض، الذي يحمل عنوان "الاسلام في مواجهة حملات التشكيك"، ويناقش قضايا عصرية مهمة واتهامات يثيرها خصوم الإسلام والمسلمين.
يحتوي الكتاب موضوع الدراسة، علي سبعة فصول، جاء أولها تحت عنوان "القرآن الكريم"، الذي انقسم بدوره إلى أربعة محاور حول الشبهات المثارة ضد القرآن والرد عليها وتفنيدها بالمنطق والإقناع، ودارت حول بشرية القرآن وعلاقته بالديانات الأخرى وغيرها من أباطيل المستشرقين في هذا السياق .
يبدأ الفصل بطرح سؤال جوهري ينبني عليه باقي الكتاب وهو: هل القرآن الكريم تأليف بشري؟ ويجيب الكاتب عن هذا السؤال متناولا محاولات المستشرقين لزعزعة الاعتقاد في صحة القرآن وفي مصدره مستندا لمنطق وعقلانية تتمثل في أمية من تنزل عليه القرآن وهو الرسول الكريم وأنه لا يقرأ ولا يكتب بل واستعان بصحابته لكتابة الوحي.
وحول علاقة القرآن بالديانات السابقة خاصة المسيحية واليهودية، فند الكاتب هذه الشبهات، مشيرا إلى أن الرسول الكريم ظل بمكة ١٣عاما دون احتكاك باليهود وتنزل عليه الوحي هناك وجزء كبير من القرآن، أما بالنسبة للمسيحية فلم يلتق النبي محمد بحيرة الراهب سوى بضعة دقائق عندما كان عمر الرسول ما بين ٩ و١٢سنة وهو ما يصعب معه استيعاب ديانة بأكملها وهو ما أكده بعض المستشرقين أنفسهم واعتبروه كلاما غير منطقي.
وحول مسالة جمع القرآن وما أثير حولها من لغط وأقاويل كثيرة يتناول الكاتب هذا الأمر بالتفصيل وتحديدا في صفحة 15 مؤكدا التدقيق الشديد في تدوين القرآن الكريم سواء باختيار الصحابة المقربين ومن بينهم الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة الموثوق بهم، فضلا عن طريق التوثيق بالحفظ عن ظهر قلب، حيث كان هناك المئات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم من يحفظ القرآن عن ظهر قلب، متناولا في هذا السياق طريقة جمع القرآن في عهد أبي بكر وكانت القاعدة في ذلك ألا يتم اعتماد أي مخطوط إلا إذا شهد شخصان على أنه مكتوب باملاء الرسول.
ثم يتناول الكاتب تطور جمع القرآن لاحقا في عهد الصحابة وتشكيل لجنة برئاسة زيد بن قيس الذي قام بجمعه في عهد أبوبكر وصولا لعهد عمر وعثمان وقامت اللجنة بجمع خمسة نسخ تم توزيعها على عدد من الامصار الإسلامية وهو المصحف الحالي والذي لم يختلف عليه أحد من المسلمين منذ ١٤قرن من الزمان حسب الكاتب، الذي يستشهد هنا بقول المستشرق الألماني المعاصر رودي باريت والذي قال "ليس لدينا أي سبب يحملنا علي الاعتقاد بأن هناك أية آية في القرآن كله لم ترد عن محمد ".
عالمية الإسلام وزوجات الرسول والأحاديث النبوية
وفي الفصل الثاني يتناول الكاتب أربعة محاور تناقش أربعة تساؤلات حول: هل الرسول الكريم جاء بالإسلام للعرب أم لكل العرب؟ وموضوعاعت أخرى مثل زوجات الرسول والسنة والأحاديث النبوية .
وبخصوص النقطة الأولى المتعلقة بعالمية رسالة الإسلام وأن النبي محمد أرسل للكافة أكد الكاتب علي ذلك عبر استدلاله بالآية الكريمة "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وأن النبي لم يقدم الإسلام على أنه دين عربي ولكنه بوصفه دينا عالميا لكل البشر .
وبخصوص زوجات النبي أشار الكاتب إلى أسباب زواج النبي من كل زوجة من زوجاته وأنها كلها كانت متعلقة بالدين وليس بالشهوة.. وفي صفحة ٢٤ من الكتاب يتطرق الكاتب للشبهات حول السنة والأحاديث النبوية ومحاولة التشكيك فيها مؤكدا على النبي محمد مأمور بإبلاغ القرآن وبيانه بالقول والفعل مشيرا لوجود أحاديث مكذوبة بالفعل، وهناك شروط لصحة الأحاديث وتوثيقها لافتا إلى ستة كتب للأحاديث اعتمدها المسلمون أوضحت الأحاديث الصحيحة من المكذوبة..
الجهاد والفتوحات
أما في الفصل الثالث فيناقش الكاتب جدلية مهمة جدا وأثير حولها لغط كثير وتتعلق بالجهاد والفتوحات الإسلامية ومناقشة السؤال الذي يتردد كثيرا.. هل الإسلام انتشر بحد السيف؟ وهنا يجيب الكاتب بالآية القرآنية التي تدحض هذا الادعاء "لا إكراه في الدين" وأن الإيمان قضية مرتبطة بالعبد وربه وأن الرسول الكريم ما عليه إلا البلاغ وهنا يقول الكاتب "من ذلك يتضح أن كتاب المسلمين المقدس يرفض رفضا قاطعا إكراه أحد على اعتناق الإسلام.. "ويضيف الكاتب: "لم يحدث أن أجبر المسلمون يهوديا أو مسيحيا على اعتناق الإسلام" .
وتناول الكتاب ما يثار حول الجزية لافتا إلى أنها كانت ضريبة من أهل البلاد مقابل حمايتهم وأن الجهاد في الإسلام لم يكن من أجل جمع الغنائم وهو ما يرفضه الإسلام تماما وأنه في سبيل الله وليس ابتغاء عرض الحياة الدنيا .
وتناول هذا الفصل من الكتاب بعض القضايا الأخرى من قبيل حرق مكتبة الإسكندرية نافيا أن يكون حدث هذا مستدلا على ذلك باستفادة المسلمين من الحضارات الأخرى وحركة الترجمة الكبيرة التي حدثت مبكرا من الحضارات الأخرى وكذلك موقف الإسلام من العنف والتطرف والاتهامات الباطلة له بذلك، حيث يرفض الإسلام العنف لأنه دين الرحمة وهذه ليست شعارات ولكنها مبادئ راسخة بحسب ما أورد الكاتب مستدلا بالآية الكريمة: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وأن هناك تطابقا تاما بين الإسلام والسلام، فكلمة الإسلام مشتقة من الأصل ذاته وأن الإسلام حرم الاعتداء على الآخرين وحرم قتل..
تكريم الإنسان وإعلاء العقل
ويتناول الفصل الرابع الذي جاء تحت عنوان "الإسلام وقضايا الإنسان" حقيقة العلاقة بين الله والإنسان من منظور الإسلام، والذي أكد على أن الإنسان خليفة الله في الأرض وأن الله كرم بني آدم على سائر خلقه.. وبيّن القرآن أن الله أقرب للإنسان من حبل الوريد وفضله بالعقل والإدراك..
وضمن الكاتب هذا الفصل عددا من القضايا الأخرى من قبيل دعوة الإسلام للتواكل مفندا ذلك من القرآن والسنة مشيرا إلى دعوة الإسلام للعمل والجد، كما تطرق إلى موقف الإسلام من الفنون.
يناقش موقف الاسلام من الديمقراطية مؤكدا على أن الإسلام أول من نادى بحقوق الإنسان وحرية التعبير وأنه ترك للمسلمين حرية اختيار الشكل الذي تكون عليه الشورى طبقا للمصلحة العامة عليه فالإسلام لا يعترض علي الأشكال الحديثة لحرية الاختيار أو ما يطلق عليه الديمقراطية .
تكريم الإسلام للمرأة
ثم افرد الكاتب فصلا كاملا عن الاسلام وقضايا المرأة وشبهات المستشرقين حول هذا الموضوع، مستهلا هذا الفصل بمدخل عن هذه القضية قائلا: "عندما جاء الإسلام كانت الأوضاع التي تعيش فيها المرأة سيئة، فلم يكن لها حقوق أو رأي يسمع، فانتشلها الإسلام من هذه الأوضاع وأعلى مكانتها ".
ويشير إلى تسوية الإسلام بين الرجل والمرأة في الاعتبار الإنساني والعبادات وهو ما أكده القرآن والسنة وعليه فإنه لا يمكن لمنصف أن يتهم الاسلام باضطهاد المرأة.
ويعرض في الفصل لكل القضايا المثارة حول موقف الإسلام من المرأة سواء الحجاب أو الإرث أو العلاقة مع الرجل..
حرية الاعتقاد مكفولة للجميع في الإسلام
وتأتي حرية الاعتقاد ضمن الفصل السادس، يقول الباحث: "لقد كفل الإسلام حرية الاعتقاد بوضوح تام في القران الكريم "لا إكراه في الدين"، وهذه الحرية الدينية معناها الاعتراف بالتعددية الدينية وهو ما حدث مع أهل الكتاب من يهود ونصارى وهو ما فعله عمر بن الخطاب مع المسيحيين من سكان القدس، لافتا إلى أن الاقتناع هو أساس العقيدة في الإسلام وحتى بالنسبة للمرتد فعقابه ليس بسبب ردته ولكن بسبب المجاهرة بها طبقا لرأي بعض العلماء .
وفي الفصل الختامي وهو السابع يناقش الكاتب عدة تساؤلات حول الاسلام من قبيل هل صحيح أن الصوم يقلل حركة الإنتاج؟ وهل صحيح أن الزكاة تتيح للغني فرصة أفضل عندالله؟ ولماذا حرم الله لحم الخنزير والحرير والذهب على الرجال؟