استنكر المرصد الأورومتوسطي ما وصفه بـ"الممارسات غير الإنسانية" التي قال إن السلطات الليبية ترتكبها بحق مئات من المهاجرين السوريين المحتجزين في سجونها، داعيًا إلى تدخل فوري لإنهاء تلك التجاوزات المهينة للكرامة الإنسانية.
وقال المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان صحفي الخميس، أرسل نسخة منه إلى
"عربي21": "إنّ قوات خفر السواحل الليبية ألقت القبض خلال الأشهر الأربعة الماضية على نحو 800 شاب سوري أثناء محاولتهم الهجرة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط انطلاقًا من الشواطئ الليبية، واقتادتهم إلى أربعة مراكز احتجاز في العاصمة طرابلس وهي: سجن الزاوية، وأبو سليم، وعين زارة، وغوط الشعال".
وذكر الأورومتوسطي أنّه تلقّى إفادات من أقارب مهاجرين سوريين محتجزين في طرابلس، تُشير إلى أنّ المحتجزين يعيشون ظروفًا إنسانية غاية في السوء، ويتعرّضون لانتهاكات مركّبة تمسّ سلامتهم وكرامتهم، إذ تبدأ حلقة المعاناة لحظة اعتراض خفر السواحل الليبي مراكبهم في عرض البحر، واحتجازهم وضربهم وإهانتهم، حتى إيداعهم مراكز الاحتجاز التي تفتقر إلى أدنى المتطلبات الإنسانية.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنه اطلع على إفادات وصور نشرها محتجزون سابقون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ إنهم أبلغوا عن تعرّضهم لمعاملة مهينة شملت الضرب بأنابيب بلاستيكية، وعدم توفير طعام مناسب سواء من حيث الكمية أو الجودة، إضافة إلى توفير مياه غير صالحة للشرب ولمرتين يوميًا فقط. ويضطر المحتجزون لدفع مبالغ مالية تصل إلى أكثر من 1000 دولار أمريكي، لقاء إخلاء سبيلهم عبر من يعرفون بـ"السماسرة" الذين يتلقون تلك الأموال باتفاق يبرم بينهم وبين مدراء السجون ومراكز الاحتجاز.
ويدّعي محتجزون سابقون أنّ إدارات السجون ومراكز الاحتجاز تنتهج سياسة الإهمال الطبي بحق المحتجزين المرضى، ولا توفّر لهم العلاج اللازم، وخصوصًا أصحاب الأمراض المزمنة، ما أدّى إلى وفاة محتجز سوري على الأقل، وتدهور صحة عدد آخر.
وفي السياق، أبلغت مصادر محلية من مدينة درعا السورية فريق الأورومتوسطي، لأنّ المحتجز "عزوز بركات الصفدي" (40 عامًا)، من مدينة نوى بريف درعا، فارق الحياة بسبب مضاعفات صحية في سجن الزاوية بتاريخ 7 آب (أغسطس) الجاري، بعد إهمال إدارة السجن طلباته المتكررة بالكشف الطبي كونه يعاني من مشاكل في الغدة الدرقية، ولم تُسلم السلطات الليبية حتى اليوم جثته لعائلته، أو تحقق في أسباب الوفاة.
ووفق معلومات جمعها المرصد الأورومتوسطي، ينحدر أغلب السوريين الذين يصلون الأراضي الليبية لغرض الهجرة إلى أوروبا من محافظة درعا جنوب البلاد، إذ يحاول الشبان الهرب من الظروف المعيشية الصعبة نتيجة النزاع، والإجراءات التي تفرضها القوات الحكومية في المناطق التي تسيطر عليها، وأبرزها التجنيد الإجباري.
وشدّد الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي "يوسف سالم"، على مسؤولية الحكومة الليبية عن جميع الممارسات التعسفية التي تجري داخل السجون ومراكز الاحتجاز التي تديرها، إذ يقع على عاتقها إعمال القواعد المحلية والدولية ذات العلاقة في معاملة المحتجزين، والالتزام بالاتفاقيات الدولية التي صدّقت عليها، وفي مقدّمتها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة الليبية إلى فتح تحقيق عاجل في ظروف احتجاز مئات المهاجرين السوريين، ووقف جميع الممارسات التعسفية وغير القانونية بحقهم، ومحاسبة جميع المتورطين في تلك الانتهاكات المشينة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي بعثة الأمم المتحدة للدعم في
ليبيا والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، بإجراء زيارات ميدانية للسجون ومراكز الاحتجاز التي يقبع فيها المهاجرون، والاطلاع على ظروف الاحتجاز، وتقديم تقارير موثّقة لأجهزة الأمم المتحدة المعنية لاتخاذ كل الإجراءات الممكنة للحد من انتهاك حقوق المهاجرين والمحتجزين في ليبيا.