يحيي سوريون، السبت، الذكرى الثامنة لمجزرة الغوطة الشرقية التي ارتكبها
النظام بالأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا، عندما استهدفت قواته مدن الغوطة
الشرقية التي كانت خارجة عن سيطرته بصواريخ تحمل رؤوسا كيمائية، في 21آب/ أغسطس
2013.
وأسفر الهجوم الذي نفذ بصواريخ يعتقد على نطاق واسع أن مصدرها قيادة
"اللواء 155" التابع للنظام السوري في جبال القلمون، عن مقتل ما يزيد على
الـ1400 ضحية، جلهم من المدنيين، وإصابة الآلاف، بحسب توثيق منظمات حقوقية.
النظام السوري نفى في البداية مسؤوليته عن الهجوم، ولكنه تحت هول المشاهد
التي بثت على وسائل الإعلام، اتهم قوات المعارضة بشن الهجوم من المناطق التي تخضع
لسيطرتها، وهو الاتهام الذي لم يقنع إلا روسيا وإيران.
بعد المجزرة، رفع المجتمع الدولي من سقف تهديداته للنظام السوري، حتى بات
يُعتقد أن محاسبة النظام ستبدأ، إلا أن ما جرى بعد ذلك كان مخيبا لآمال السوريين،
حيث اكتفى مجلس الأمن الدولي بإصدار القرار 2118، الذي يقضي بانضمام النظام
لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية، وسحب وتفكيك الترسانة الكيميائية للنظام،
ومعاقبته بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حال استخدم السلاح
الكيميائي مجدداً.
النظام أعاد الكرة
بعد هجوم الغوطة، ووفق مصادر حقوقية دولية، أعاد النظام استخدام السلاح
الكيميائي، بعد احتفاظه بمخزون من ترسانته الكيميائية.
وبحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، فإن النظام مسؤول عن 217
هجوما بالأسلحة الكيميائية، أسفرت عن مقتل 1510 أشخاص، موزعين على 1409 من
المدنيين بينهم و205 أطفال، و260 سيدة، و94 من مقاتلي المعارضة المسلحة.
وحملت الشبكة في تقريرها الصادر بمناسبة الذكرى الثامنة للمجزرة، رئيس
النظام بشار الأسد وعددا من القادة وضباط الصف الأول، المسؤولية الكاملة عن قصف
السوريين بالأسلحة الكيميائية.
وتابعت: "يتحمل بالدرجة الأولى كل من القائد العام للجيش والقوات
المسلحة ونائبه ومدير القوى الجوية وإدارة المخابرات الجوية وقادة المطارات
العسكرية ومدراء السرب والألوية التابعة للحرس الجمهوري، إضافة إلى مدراء وحدات
البحوث العلمية المسؤولية الكبرى عن استخدام هذا السلاح".
النظام بحماية روسيا
وأنهت الشبكة تقريرها، بالإشارة إلى أنه "بعد 8 سنوات على المجزرة
الأعنف في التاريخ الحديث، وعلى مرأى ومسمع بعثة المراقبين الدوليين التي كانت قد
وصلت إلى دمشق حينها قبل ثلاثة أيام، لا يزال المجتمع الدولي يتغاضى عن تلك
المأساة، في الوقت الذي يحاول فيه الأسد تلميع صورة نظامه للعودة إلى الساحة
الدولية".
وفي حديث خاص لـ"عربي21" قال مدير "الشبكة السورية لحقوق
الإنسان"، فضل عبد الغني، إن الحماية الروسية المستمرة للآن، هي المسؤولة عن
تفلت النظام السوري من العقاب، رغم وجود الأدلة القاطعة والتوثيقات التي تؤكد
مسؤولية الأسد ونظامه، عن هجوم الغوطة وغيره من الهجمات الكيميائية.
وأضاف عبد الغني، أنه إلى جانب الحماية الروسية (الفيتو)، "نلاحظ أن
روسيا لم تتعرض لأي ضغوط حقيقية من المجتمع الدولي، لرفع الحماية عن النظام
السوري، ما يجعلنا نعتقد أن المجتمع الدولي غير جاد في محاسبة هذه الجريمة التي
تشكل خطراً على العالم كله".
اقرأ أيضا: حملة تضامن مع طبيبة بعد فضحها كيماوي الأسد بمجلس الأمن
بدوره، قال رئيس "تجمع المحامين السوريين الأحرار" غزوان قرنفل،
إن روسيا حمت النظام في المقام الأول، إلى جانب الصين، حيث تم إجهاض كل المساعي
الدولية عبر الفيتو لإحالة الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية.
وأضاف قرنفل لـ"عربي21"، أن الولايات المتحدة تتحمل كذلك
المسؤولية، بسبب قبولها بمقايضة سلاح الجريمة على محاسبة المجرم، أي مقابل تسليم
الأسد مخزونه من السلاح الكيميائي، قامت بغض الطرف عن محاسبته، عن كل جرائمه، وفي
مقدمتها الهجمات الكيميائية.
متى الحساب؟
رئيس "هيئة القانونيين السوريين"، القاضي خالد شهاب الدين، قال
إن دماء السوريين لا تهم المجتمع الدولي حتى الآن، والقرار الدولي مرتهن لمصالح
الدول الكبرى.
وعند سؤاله "إلى متى يستطيع النظام الإفلات من العقاب؟"، أجاب
لـ"عربي21": "يبدو أن الوقت لم يحن بعد، لأن الصمت الدولي المقصود ما زال مستمراً، رغم أن النظام استخدم الكيميائي في مئات الهجمات".
وأضاف شهاب الدين، لا تبدو لدى الدول الكبرى رغبة في محاسبة النظام، وغالبا
هي راضية عن الفيتو (الروسي-الصيني)، الذي يمنع محاسبة الأسد ونظامه.
صمت دولي
من جانبه، وصف الائتلاف السوري الصمت الدولي على مجزرة الغوطة، بأنه "الفعل
الأسوأ من المجزرة"، وقال: "لقد تخلى العالم عن محاسبة الأسد الذي أمر
بالهجوم".
وأضاف الائتلاف،:"في ساعات معدودة قضى أكثر من 1400 إنسان على يد مجرم
الحرب الذي ما زال طليقا، قضوا خنقا حتى الموت، والعالم اكتفى بصفقة عار دولية
نصت على تسليم أداة الجريمة وإطلاق يد القاتل بشار الأسد".
وأضاف الائتلاف في بيان وصل "عربي21" نسخة منه، أن هذه المجزرة
لا تزال شاهداً على حقيقة النظام والدول الحليفة له، فيما تحولت مواقف المجتمع
الدولي منها إلى فضيحة سياسية وقانونية وإنسانية، خصوصا بعد صفقة عار مخزية نصت
على تسليم أداة الجريمة وترك الجاني طليقا.
ولفت البيان، إلى التقارير المستقلة والرسمية والأممية التي أكدت عودة
النظام لاستخدام الأسلحة الكيميائية بما فيها غاز السارين في مناسبات عدة، دون أن
يتحرك المجتمع الدولي أو مؤسساته.
وقال الائتلاف، إن التاريخ يعلمنا أنه ما من أحد محصن من أن يتحول إلى ضحية
للإرهاب، وعلى الجميع أن يدركوا ما تمثله الأنظمة التي تستخدم الإرهاب والأدوات
الإرهابية من خطر، وما تضعه من عقبات أمام الإنسانية على كل المستويات، السياسية
والاقتصادية والإنسانية والقانونية والبيئية.
وأنهى الائتلاف بيانه، بالتأكيد على أن المجتمع الدولي مطالب باستعادة دوره
في الملف السوري، وتحمل مسؤوليات مباشرة عما يجري، والدول الفاعلة في مجلس الأمن
مطالبة بممارسة ضغوط مباشرة لوقف الإجرام ومحاسبة المجرمين، ودعم الانتقال السياسي
وفقا لبيان جنيف، وقرارات مجلس الأمن الدولي رقم 2118 و2254، وقرار الجمعية العامة
للأمم المتحدة رقم 262/67، وغيرها من القرارات التي تنص على تشكيل هيئة حكم
انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية.
النظام ينقلب على "التسويات" ويهدد بالتصعيد شمال حمص
صحيفة روسية: هل حانت لحظة درعا بالنسبة لموسكو؟
لماذا قرّرت "تحرير الشام" اجتثاث فصائل جهادية أجنبية؟