أعلنت طالبان، مساء الأحد، توجه مئات من مقاتليها إلى ولاية بنجشير، شمالي كابول، بعد تعثر جهود التوصل لاتفاق مع مجموعات مناهضة للحركة، بقيادة أحمد مسعود، وسط إجلاء مستمر للرعايا الأجانب وحلفائهم من العاصمة الأفغانية.
وكتبت الحركة في تغريدة في حسابها على "تويتر" بالعربية: "مئات من مجاهدي الإمارة الإسلامية يتوجهون نحو ولاية بانشير للسيطرة عليها، بعد رفض مسؤولي الولاية المحليين تسليمها بشكل سلمي".
ونشر الحساب تسجيلا مصورا تظهر فيه آليات محملة بالعتاد والمقاتلين.
يأتي ذلك بعد تضارب بشأن سير المفاوضات بين طالبان ومسعود، إذ أعلن قيادي في الحركة، السبت، أن نجل القائد الأفغاني الراحل، أحمد شاه مسعود، أعلن "مبايعة الإمارة الإسلامية".
لكن وسائل إعلام تناقلت بعد ذلك نفي مسعود، الذي صرّح لاحقا بأنه على استعداد للتفاهم السلمي مع طالبان.
وأكد متحدث باسم الحركة، في تصريح لـ"عربي21"، نفي صحة "مبايعة" مسعود.
وفي وقت لاحق الأحد، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وجود اتصالات إيجابية بين طالبان وقادة المتمردين عليها في بانجشير، معتبرا أن ذلك يعكس التزاما من الحركة بتعهداتها.
إجلاء مستمر
وفي كابول، تستمر عمليات إجلاء الآلاف من الرعايا الأجانب وحلفائهم من الأفغان، الذين تعهدت عواصم غربية، ولا سيما واشنطن، بإخراجهم من البلاد.
وتتواصل الفوضى في مطار كابول ومحيطه، إذ قالت وزارة الدفاع البريطانية، في وقت سابق الأحد، إن سبعة أفغان قتلوا في الفوضى قرب المطار، دون أن توضح ما إذا كان هؤلاء قد سقطوا خلال الساعات الأخيرة أم إنها حصيلة أسبوع من الفوضى.
اقرأ أيضا: CNN عن مصادر: إجراءات أمريكية في كابول خشية من "داعش"
وبثت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، السبت، لقطات لثلاث جثث على الأقل مغطاة بقماش مشمع أبيض خارج المطار.
ولم يتضح كيف سقط هؤلاء، فيما أكد مراسل سكاي نيوز، ستيوارت رامزي، من المطار، أن سقوط هؤلاء القتلى كان "أمرا حتميا" موضحا أن الناس "يُسحقون"، بينما يعاني آخرون من "جفاف ورعب".
وبلغت حصيلة الضحايا في المطار ومحيطه 12 قتيلا حتى الخميس، بينها وفيات جراء التدافع وأخرى برصاص القوات الأمريكية، التي فشلت في تنظيم انسحاب هادئ.
ومنذ 14 آب/ أغسطس الجاري، قامت الولايات المتحدة بإجلاء حوالي 17 ألف شخص، بينهم 2500 أمريكي.
وصرح الرئيس الأمريكي جو بايدن في مقابلة مع قناة "إيه بي سي" بأن الولايات المتحدة تخطط لإجلاء جميع الأمريكيين (بين عشرة آلاف و15 ألف شخص حسب تقديرات) وتأمل في أن تكون قادرة على فعل الشيء نفسه مع الحلفاء الأفغان وعائلاتهم (بين خمسين و65 ألفا).
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، لوكالة فرانس برس السبت، إنه "من المستحيل" بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها إجلاء عشرات الآلاف من الأفغان وعائلاتهم بحلول 31 آب/ أغسطس موضحا أنهم "يريدون إجلاء 60 ألف شخص في الفترة بين الآن ونهاية الشهر الجاري. الأمر مستحيل حسابيا".
وتعمل الولايات المتحدة على نقل قسم ممن يتم إجلاؤهم من كابول إلى قاعدتها العسكرية في رامشتاين في ألمانيا، وذلك بالإضافة إلى عمليات إجلاء إلى دول في المنطقة على غرار قطر.
وقررت الولايات المتحدة استخدام عدد من الطائرات التابعة لشركات طيران خاصة لتعزيز عمليات الإجلاء من أفغانستان، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية الأحد.
ملامح حكومة طالبان
وفي الأثناء، يتواصل ترقب كشف طالبان عن شكل حكمها الجديد في أفغانستان.
وأمام تجمع لشيوخ القبائل من جميع أنحاء البلاد، شدد قيادي في الحركة على أنها ستضمن للجميع "حياة سلمية"، وأنها تتشاور مع الجميع من أجل تشكيل الحكومة المقبلة.
وقال خليل الرحمن حقاني، إن الحكومة الأفغانية سوف تقوم على أساس تعاليم القرآن، وأضاف: "سننفذها أولا على أنفسنا ثم على الآخرين".
وتابع: "نجري مشاورات مع كل المجموعات العرقية حتى يتم دمج الجميع في الحكومة".
وقالت طالبان إن شيوخ قبائل من بكتيا وباكتيكا وخوست ومقاطعات أخرى في أفغانستان حضروا الاجتماع، كما فعل ممثلو الأقلية الشيعية.
مستقبل الناتو
ومنذ بدء الولايات المتحدة انسحابها من أفغانستان، تنفيذا لاتفاق سلام مع طالبان وُقع بالدوحة في شباط/ فبراير 2020؛ تتجه الأنظار إلى حلف الناتو، الذي شارك بقية أعضائه في حرب أمريكا الطويلة ضد "الإرهاب"، لكنها قررت سحب قواتها أخيرا دون مشاورتهم.
وتوجهت شبكة "سي أن أن" بسؤال للأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، عما إذا كان يوافق على وصف ما جرى بأنه "أكبر كارثة في تاريخ الناتو"، و"مسمار في نعش المادة الخامسة" من ميثاق الحلف، والتي تقضي بدخول أعضائه في الحرب معا، ومن ثم خروجهم معا أيضا.
وأجاب ستولتنبرغ بالقول: "هذه مأساة لشعب أفغانستان في المقام الأول. نحن موجودون هناك منذ 20 عامًا، وقمنا بنشر مئات الآلاف من جنود الناتو. لقد دفع عدة آلاف الثمن النهائي، وخدم مئات الآلاف من الحلفاء غير الأمريكيين جنبا إلى جنب مع الجنود الأمريكيين في أفغانستان".
وأضاف: "لقد كان هذا حقا جهدا كبيرا من قبل هذا التحالف. عندما وقعت الولايات المتحدة اتفاقية مع طالبان في شباط/ فبراير 2020، كان من الصعب جدا على الحلفاء الأوروبيين الاستمرار في البقاء، لأنه كما أشرت، ذهبنا إلى أفغانستان كرد فعل ... كرد على هجوم في الولايات المتحدة".
وتابع: "وعندما قررت الولايات المتحدة إنهاء مهمتها العسكرية هناك بالاتفاقية الموقعة في فبراير 2020، لم يكن خيارا عمليا قابلا للتطبيق بالنسبة للحلفاء الآخرين، الحلفاء الأوروبيين وكندا؛ البقاء بدون الولايات المتحدة".
وختم بالقول: "يبقى حلف الناتو تحالفا قويا. نفذ الناتو أكبر تطبيق أو دفاع جماعي في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة، وكانت رسالة واضحة جدا من اجتماع اليوم (الجمعة)، أنه مهما حدث في أفغانستان فلا ينبغي أن يقوض قدرتنا على حماية الدول المتحالفة".
CNN عن مصادر: إجراءات أمريكية في كابول خشية من "داعش"
مسؤول بطالبان: أحمد مسعود بايع الحركة.. أنباء متضاربة (شاهد)
طالبان تتبنى قتل طيار حربي أفغاني في تفجير بكابول