انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" (Human Rights Watch)، السبت، انتشار أعمال القمع التعسفية في تونس، ووضع العشرات تحت الاعتقالات الجبرية.
وقالت المنظمة في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، إن أعمال القمع التعسفية ذات الدوافع السياسية انتشرت في تونس منذ الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد في 25 تموز/يوليو 2021.
وشملت إجراءات سعيّد الاستثنائية، تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة البرلمانية عن النواب، وعزل رئيس الحكومة، وتولي منصب النائب العام. وفي 23 آب/أغسطس الماضي، وسع سعيّد السلطات الاستثنائية التي منحها لنفسه إلى أجل غير مسمى. ولم يعد فتح البرلمان ولم يعين رئيسا جديدا للحكومة وادعى أن هذه الإجراءات لن تعرض حقوق الإنسان للتونسيين للخطر، وفقا للتقرير.
وقال التقرير، إن 3 نواب في البرلمان التونسي تعرضوا للسجن بتهم تتعلق بحرية التعبير، ووُضع ما لا يقل عن 50 تونسيا قيد الإقامة الجبرية التعسفية، بمن فيهم مسؤولون سابقون وقاض وثلاثة نواب، كما واجه العشرات من التونسيين الآخرين حظر سفر تعسفيا ينتهك حريتهم في التنقل.
وقال إريك غولدستين -مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة- إن "تطمينات الرئيس سعيّد بشأن حقوق الإنسان جوفاء عندما يجمع كل السلطات في يده، ويبدأ البرلمانيون وغيرهم من التونسيين فجأة في مواجهة قيود تعسفية تحد من حريتهم، ويزج ببعضهم في السجن".
وأوضح التقرير أنه منذ إعلان سعيّد، أعلن مدعون مدنيون وعسكريون عن تحقيقات ضد 10 نواب على الأقل، أربعة منهم محتجزون. وقال عماد الغابري، المتحدث باسم المحكمة الإدارية بتونس العاصمة، في 9 أيلول/سبتمبر، إن من يخضعون للإقامة الجبرية، بأمر من وزير الداخلية المؤقت المعين سعيد، يشملون أيضا مسؤولين حكوميين ومسؤولين سابقين وبرلمانيين وقضاة ورجال أعمال ومستشارين سابقين.
وأشار التقرير إلى أن تجريد المشرعين من الحصانة مهد الطريق أمام السلطات لتنفيذ عقوبة بالسجن لمدة شهرين فرضتها محكمة عسكرية بتهمة التشهير عام 2018 ضد النائب ياسين العياري، الموجود حاليا في سجن المرناقية. كما يخضع العياري للتحقيق من قبل النيابة العسكرية بتهمة “التشهير بالجيش”.
ودعت "هيومن رايتس ووتش" السلطات التونسية إلى سرعة الإفراج عن العياري، مؤكدة أنه "يُعاقب على ممارسة حقه في الكلام".
ونقل التقرير عن عماد الغابري -المتحدث باسم المحكمة الإدارية بالعاصمة تونس- القول -في التاسع من أيلول/سبتمبر الجاري- إن قائمة الشخصيات التي وضعت قيد الإقامة الجبرية -بأمر من وزير الداخلية المؤقت الذي عينه قيس سعيّد- تشمل مسؤولي الحكومة المقالة ومسؤولين سابقين وبرلمانيين وقضاة ورجال أعمال ومستشارين سابقين.
وقالت المنظمة إنها أجرت مقابلات مع شخصيتين بارزتين ممن اتخذت بحقهم إجراءات تعسفية، وقد صرحا للمنظمة بأنهما لا يعرفان الأسباب التي وضعا على خلفيتها رهن الإقامة الجبرية، كما لم تطلعهما السلطات على أي وثائق رسمية تتعلق بالإجراء المتخذ ضدهما.
ونقلت عن شوقي طبيب -المحامي والرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس وهي هيئة حكومية- القول إن ضباط شرطة من مركز حي النصر بتونس وضعوه قيد الإقامة الجبرية في 20 أغسطس/آب الماضي، دون الكشف عن أسباب ذلك، وقال إنهم أخبروه أنه سيبقى قيد الإقامة الجبرية حتى نهاية حالة الطوارئ التي تنتهي في 19 كانون الثاني/يناير 2022.
وعندما طلب شوقي طبيب أن يطلع على أمر رسمي بذلك، قال إن أحد الضباط "أخرج هاتفه وأظهر لي ما قال إنها نسخة رقمية من القرار. وعندما طلبت تزويدي بالوثيقة الفعلية، قال إنه سيرسلها، لكن مرت أسابيع ولم تصلني بعد".
وذكّر تقرير المنظمة بأن الإقامة الجبرية تعتبر بموجب المعايير الدولية شكلا من أشكال الاعتقال وتتطلب ضمانات معينة لكي تعتبر قانونية، حتى أثناء حالة الطوارئ.
وقال إن تلك الضمانات تقتضي ألا تكون فترة الإقامة الجبرية إلى أجل غير مسمى، ويجب تقديم نسخة مكتوبة من القرار إلى الشخص المعني، وضمان تمكن الأشخاص الخاضعين لمثل هذا الإجراء من الطعن في القرار أمام هيئة محايدة، وضمان المراجعة القضائية المنتظمة وفقا للمنظمة.
محامو تونس يرفضون تحويل المدنيين لمحاكمات عسكرية
ردا على اتهام سعيّد.. صاحب معمل حديد ينفي تهمة الاحتكار
تضامن مع قاض وجه انتقادا لاذعا للرئيس التونسي