عوّل رئيس الانقلاب العسكري في
مصر عبدالفتاح
السيسي كثيرا على اجتماعات
الدورة (76) للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك التي تبدأ 21 أيلول/ سبتمبر
الجاري، لمقابلة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
رغبة السيسي تلك لن تتحقق على ما يبدو، إذ أكدت المندوبة الأمريكية الدائمة
لدى
الأمم المتحدة السفيرة ليندا توماس غرينفيلد الجمعة، أن بايدن "لن يعقد
اجتماعات ثنائية مع أي من قادة دول العالم الموجودين في نيويورك باجتماعات
الجمعية العامة".
ولكن، يبدو أن ذهاب السيسي إلى مقر الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي حرص عليه
لمدة 6 سنوات متتالية، أصبح من المستبعد أيضا مع تصريح آخر للمندوبة الأمريكية
غرينفيلد بمقر المنظمة الدولية في نيويورك.
وردا على أسئلة الصحفيين بشأن موقف إدارة بايدن من انتهاكات حقوق الإنسان
بمصر، قالت: "نضع هذا الملف على الطاولة في مناقشاتنا مع مصر ومع
شركائنا"، مشيرة لمعاناة المعتقلين في مصر، وخاصة الناشط علاء عبدالفتاح.
رغبة السيسي في لقاء بايدن كانت تحدثت عنها صحف عبرية وغربية، وقالت؛ إنه
طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الذي زار واشنطن 26 أب/ أغسطس
الماضي، ترتيب لقاء مع بايدن على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.
صحيفة "معاريف" العبرية كشفت في 20 أب/ أغسطس الماضي، أن مصر
طالبت إسرائيل بالتدخل لدى بايدن لترتيب لقاء مع السيسي في نيويورك، على هامش
اجتماعات الأمم المتحدة.
وكان رئيس المخابرات المصرية عباس كامل طلب خلال زيارته تل أبيب في 18 أب/
أغسطس الماضي، من رئيس وزراء إسرائيل نفتالي بينيت، ترتيب هذا اللقاء.
وفي موقف ثالث ربما يعيق زيارة السيسي لنيويورك، قال موقع
"بوليتيكو" الأمريكي 14 أيلول/ سبتمبر الجاري؛ إن إدارة بايدن قررت حجب
مبلغ 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية، وربطتها بتحسن ملف حقوق
الإنسان في مصر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، 15 أيلول/ سبتمبر
الجاري؛ إنه سيتم حجب 130 مليون دولار أخرى إلى أن تعالج القاهرة أوضاع حقوق
الإنسان.
ولم تعلن مصر حتى اللحظة إن كان السيسي سيذهب
إلى اجتماعات الأمم المتحدة، أم إن وزير خارجيته سامح شكري أو أحد كبار المسؤولين
هو من سيقود وفد مصر إلى نيويورك.
ومنذ العام 2014 لم ينقطع السيسي عن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة
السنوي سوى بالعام 2020، الذي اقتصر في الكلمات على البث عبر الإنترنت والحضور
الافتراضي.
ولكن السؤال: هل انقطع أمل السيسي في لقاء بايدن بعد حديث السفيرة
الأمريكية؟ وهل يغامر السيسي بالذهاب لنيويورك، وسط تصاعد الاتهامات لنظامه
بانتهاك حقوق الإنسان، وتسريبات قطع جزء من المعونة؟
في إجابته، يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير عبدالله الأشعل:
"إذا كان بايدن أغلق الباب أمام لقائه بكل زعماء العالم على هامش اجتماعات
الجمعية العامة، فإن قراره هنا لا يخص السيسي وحده، ولا أعتقد أن بايدن اتخذ هذا
القرار لكي لا يقابله بالذات".
وفي حديثه لـ"عربي21"، يعتقد الأشعل، أن "ما أثير عن
اقتطاع 130 مليون دولار من المعونة الأمريكية لمصر مرتبطة بتحسن ملف حقوق الإنسان؛ لا أصدق أن يتحول إلى حقيقة".
ويوضح أن "إدارة بايدن حتى الآن لم يصدر عنها قرار رسمي بذلك، وأن
الكونغرس الأمريكي يصر على التعاون مع مصر بسبب مصالح واشنطن الكثيرة مع
القاهرة".
وقال؛ إنه "إذا قرر السيسي عدم الذهاب للأمم المتحدة وإرسال مبعوث آخر، فهذا يعني وفق رؤيتي أنه تأكد من أن موقف بايدن غير موجه له شخصيا، وإنما هو موقف
مبدئي، ومن ثم فلا يمكن أن يجتمع معه بعد تصريح المندوبة الأمريكية".
أستاذ العلوم السياسية، يلفت إلى أنه "ممكن جدا أن يرتب بايدن لقاء
وزيارة خاصة للسيسي بعد انتهاء الجمعية العامة، والأمر وارد جدا في واشنطن إذا كان
هناك أمر عاجل؛ ولكن بشكل عام، لا يوجد ما يدعو لهذه الزيارة أو التعجيل بلقاء
بايدن السيسي الآن".
ويجزم بأن "وساطة إسرائيل في ترتيب لقاء قادم بين السيسي وبايدن واردة
جدا؛ باعتبار حكام تل أبيب هم من يعطون أمر التواصل لكل حكام العرب لدى واشنطن وليس
مصر فقط".
ويخلص الأشعل إلى أن "السيسي وبايدن ليس لديهما أمر مهم أو عاجل
يستدعي اللقاء والنقاش أو الاستدعاء بشكل خاص إلى واشنطن، ومن ثم فلا أعتقد أن
يسافر السيسي من الأساس لحضور اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك".
مظهر القوي
ولكن؛ يعتقد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد
أبو الخير، أن "السيسي رغم تصاعد الاتهامات لنظامه بانتهاك حقوق الإنسان، إلا
أنه سوف يغامر ويذهب لنيويورك؛ لأنه يحب هذه الاجتماعات التي تسلط عليها الكاميرات،
وحتى يظهر بمظهر القوي".
ويضيف لـ"عربي21"، لاشك أن السيسي انقطع أمله في لقاء بايدن على
هامش الجمعية العامة، معتبرا أنها "خسارة كبيرة له ولنظامه، بعدما قدم وحاول التقرب
من إسرائيل بالضغط على المقاومة الفلسطينية وتنفيذ التهدئة في أيار/ مايو
الماضي".
ويلفت إلى أن بايدن استخدمه وقتما أراد ذلك ولفظه عندما انتهت وظيفته،
مؤكدا أن "دوره انتهى ولم يعد رجل المرحلة؛ بل إن وجوده لا يناسب المرحلة
القادمة، كما أنه لا بد من التضحية بكبش فداء للجرائم التي ارتكبها في مصر".
ويرى أبو الخير، أن عدم لقاء بايدن له رغم وساطة نفتالي بينيت الإسرائيلي، إهانة كبيرة للسيسي وللانقلاب، ويؤشر على أن الانقلاب أصبح عبئا ووصمة يجب التخلص
منها حتى لا تقوم ثورة مضادة في مصر".