نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أشارت فيه إلى أن بوريس جونسون لطالما حلم بـ "بريطانيا العالمية"، التي تشكل رؤيته للتجارة الحرة، وقوة عالمية، في مغامرة أطلقها بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهذا الأسبوع، في نيويورك وواشنطن، كان يبذل قصارى جهده لجذب انتباه العالم.
وكون بريطانيا ستستضيف القمة العالمية المقبلة حول تغير المناخ في تشرين الثاني/ نوفمبر، والتي توصف بأنها "لحظة الحقيقة" الأخيرة، فإن جونسون ودبلوماسييه أمامهم ستة أسابيع فقط للمساعدة في تأمين التزامات طموحة وملموسة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة - أو إدارة الفشل، وهو عمل سيواجهون صعوبة جمة في القيام به.
وترأس جونسون، يوم الاثنين، مائدة مستديرة مغلقة في الأمم المتحدة، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، حيث حث قادة العالم المجتمعين على زيادة التزاماتهم المالية وتحقيق أهدافهم للانبعاثات.
قال جونسون للمجموعة: "العديد من الاقتصادات الكبرى - بعضها ممثل هنا اليوم، وبعضها غائب - متخلفة كثيرا عن الركب.. يمكنك أن تلتفت بعيدا ويمكنك أن تفعل الحد الأدنى ويمكنك أن تأمل أنه إذا أطعمت التمساح ما يكفي فسوف تكون آخر من يلتهمه. أو يمكنك أن تظهر قيادة".
بعد ذلك، توجه رئيس الوزراء، الثلاثاء إلى البيت الأبيض على قطار تابع لشركة أمتراك، وهو خيار يقلل من الانبعاثات، ولا شك أنه كان خيارا يسعد الرئيس الأمريكي وخاصة أن محطة قطار في ديلاوير أطلق عليها اسمه.
أعطى الرئيس بايدن دفعة لجونسون، وأعلن أنه يريد من الكونغرس مضاعفة المساهمة الأمريكية السنوية للدول الفقيرة التي تتعامل مع تغير المناخ، إلى 11.4 مليار دولار.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، صرح جونسون بتصريح متشائم - وهو أمر غير معتاد بالنسبة له - قائلا إن هناك فرصة "6 من 10" لتحقيق أحد الأهداف الرئيسية لبريطانيا في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021، المعروف أيضًا باسم" COP26"، وهو دفع الدول المتقدمة للموافقة على دفع 100 مليار دولار أمريكي في العام في صندوق المناخ العام لمساعدة البلدان الفقيرة على خفض انبعاثات الكربون والتخفيف من آثار تغير المناخ.
ولكن حتى بعد تعهد بايدن، فإن الصندوق ينقصه مليارات الدولارات.
اقرأ أيضا: مسؤولة بريطانية عن المناخ ترفض قيادة سيارة كهربائية
كما أن العالم بعيد تماما عن هدف الحد من زيادة مستوى الحرارة المستقبلي إلى 1.5 درجة مئوية (3.6 فهرنهايت) مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وجد تقييم لاذع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي لخطط العمل المقدمة حتى الآن من 191 دولة أن الانبعاثات العالمية سترتفع بنسبة 16% بحلول عام 2030، مما يضع الكوكب على المسار الكارثي للاحترار بنسبة 4.9 درجة فهرنهايت مع نهاية القرن.
في نيويورك، لم يخجل قادة دول الجزر الصغيرة وأقل البلدان نموا من دفع جونسون لجعل الدول الأكثر ثراء تفعل المزيد.
قالت رئيسة وزراء باربادوس ميا موتلي لجونسون، وفقا لأحد المشاركين في الغرفة: "بالنسبة لنا، من غير المفهوم أن العالم لا يتخذ أي إجراء، وهذا يشير إلى أننا في الجزر الصغيرة علينا أن نقبل بأنه يمكن الاستغناء عنا ولا يرانا أحد".
وأشارت إلى أن مجموعة العشرين، بما في ذلك بريطانيا، مسؤولة عن 80% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، وأن 170 دولة أخرى مجتمعة تنبعث منها نسبة 20% المتبقية. وهذا يعني أن الجهود القوية التي تبذلها حفنة من الدول الرئيسية يمكن أن تضع العالم في وضع أفضل بكثير.
وقالت: "رئيس الوزراء بوريس جونسون، لقد درست في بريطانيا، وكان هناك دائما إشعار في قطار الأنفاق، 'احذر الفجوة"، في إشارة إلى الفجوة بين القطار والمنصة في بعض المحطات، "واليوم، يجب علينا 'مراعاة الفجوة، فهي كبيرة جدا".
قال روبرت فولكنر، مدير الأبحاث في معهد جرانثام لأبحاث التغير المناخي والبيئة في كلية لندن للاقتصاد، إن هذه لحظة جونسون - "فرصته لضخ طاقة عالية المستوى في المحادثات".
وقال فولكنر إن "وظيفة المملكة المتحدة بصفتها مستضيفة لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي هي أن تذهب إلى القادة وتقول لهم: شكرا على ما وعدتم به ولكن عليكم أن تفعلوا المزيد".
وقال إن جونسون يواجه مقاومة شديدة من دول مثل الصين، التي تعد الآن واحدة من أكبر الدول المسببة للانبعاثات في العالم، والتي تجد صعوبة في التخلي عن اعتمادها على الفحم.
قال كريستوفر ماير، السفير البريطاني السابق لأمريكا، لصحيفة واشنطن بوست إن جونسون قد وصل إلى أمريكا وهو غير متأكد جدا إذا كان قد تم التمهيد لنجاح مؤتمر "Cop26".
وقال: "لقد أدرك أنه إذا كان لديه نتيجة ناجحة، فستعتمد إلى حد كبير، كما كان الحال دائما، على المساهمات الأمريكية والصينية".
اشتهر جونسون بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهي الحملة التي قادها لمغادرة الاتحاد الأوروبي. إنه يستطع الوصول بقوة إلى جمهوره المحلي الأساسي من المحافظين اليمينيين وقراء صحيفة تلغراف، التي كان يكتب فيها.
قال روبن نيبليت، مدير تشاتام هاوس في لندن، وهو مركز أبحاث للشؤون الدولية: "ولكن بوريس 2021 ليس بوريس 2019"، مضيفا أن جونسون تطور ليصبح دبلوماسيا ذكيا، كما أظهر عندما استضاف آخر قمة لمجموعة السبعة في كورنوال، حيث كان بارعا في التعامل مع الاهتمامات المختلفة المعروضة.
اقرأ أيضا: تحالف سياسي عالمي لمواجهة التغير المناخي
على المستوى الشخصي، يبدو أن جونسون خطا خطوات واسعة مع بايدن، الذي ورد أنه وصف رئيس الوزراء ذات مرة بأنه "استنساخ جسدي وعاطفي لدونالد ترامب".
أخبر جونسون مجموعة الصحافة البريطانية التي كانت تصاحبه في رحلته لأمريكا أن علاقته مع بايدن لم "يمض عليها فترة طويلة، لكنها رائعة، أعني، رائعة حقا".
من جانبها، أعلنت بريطانيا عن أهداف مناخية طموحة لعامي 2030 و2035 للمساعدة في تحقيق صفر انبعاثات بحلول عام 2050.
وجد تقرير حديث صادر عن منظمة رصد العمل المناخي أن بريطانيا كانت من بين عدد قليل من البلدان التي كان فيها الالتزام العام بالمناخ "كافيا تقريبا" للوفاء بحد درجة حرارة اتفاقية باريس البالغة 1.5 درجة مئوية، (وجد التقرير أن غامبيا فقط هي التي تفعل ما هو مطلوب لتحقيق الهدف). لكنه أشار إلى أن هناك "فجوة كبيرة" بين أهداف بريطانيا ومستوى الإجراءات المتخذة.
لتحقيق أهدافها السامية، سيحتاج المواطنون البريطانيون إلى إجراء تغييرات كبيرة على طريقة تدفئة منازلهم ويعتمد على كم عدد السيارات الكهربائية التي يشترونها وكيف يزرعون ويقومون بحماية مستنقعات الخث. ولم تعلن بريطانيا بعد عن التفاصيل على تلك الجبهات.
وفي الوقت نفسه، تتزايد الدعوات من الدول الأصغر التي لم تسهم كثيرا في تغير المناخ ولكنها تعاني من آثاره الأكثر كارثية، كما يتضح من المناشدات الحماسية في اجتماع الأمم المتحدة المغلق الذي قاده جونسون يوم الاثنين.
في نهاية المطاف، قال هؤلاء القادة، إن مصير الدول الصغيرة والضعيفة مرتبط بحجم وسرعة القرارات التي يتخذها أكبر المتسببين بالانبعاثات في العالم، نفس المتسببين للانبعاثات الذين فشلوا حتى الآن في وضع العالم بشكل جماعي في موقع لتحقيق الأهداف التي وضعت في باريس وتقديم التمويل المناسب الذي وعدوا به لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع تغير المناخ.
وقال رئيس جزر مارشال ديفيد كابوا: "اليوم، لن يتم بناء الفلك [لإنقاذ] العالم من الخشب، ولكن من خلال تغيير السياسات التي تغير اقتصاداتنا وعالمنا".
WP: بايدن يكرر أخطاء ترامب في صفقات أسلحة للإمارات
محمد سلطان: بايدن خالف وعوده بشأن "ديكتاتور ترامب المفضل"
بلومبيرغ: وعود بايدن تجاه حقوق الإنسان تلاشت بعد دعمه السيسي