سلطت صحيفة "هآرتس" العبرية الضوء على مساعي
الاحتلال لتسخير
الذكاء الاصطناعي في العمل
الاستخباراتي، حيث من المتوقع أن يحل
محل الإنسان، ويؤدي لنتائج أسرع.
وذكرت الصحيفة في تقرير للخبير
الإسرائيلي
عاموس هرئيل، أن العميد "ي" وهو قائد الوحدة "8200" التابعة
لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي، أقدم على سابقة، بنشر كتاب يتناول النظريات وأساليب
العمل في مجال عمله المهني، ويتناول الكتاب أحد المجالات "الملتهبة في حقل
التكنولوجيا، وهو استخدام الذكاء الاصطناعي".
الدمج بين الإنسان والحاسوب
ويكشف الكتاب بعض "أسرار التآزر الذي
سيحدث ثورة عالمية دراماتيكية، وهو يصف مسائل معقدة لقراء هم ليسوا بالضرورة خبراء
في التكنولوجيا، دون الدخول إلى أدق تفاصيل العمل الاستخباري".
وقال "ي": "نحن نوجد على حافة
تسريع العهد الرقمي، وهذا يلزم الشركات والمنظمات الكبيرة؛ ومنها أجهزة
الاستخبارات، بتحسين العمل المشترك للباحثين وأنظمة الحاسوب"، منوها إلى أن
"الآلة يمكنها التعامل مع كمية ضخمة من البيانات لإنتاج معلومة بصورة أفضل من
الإنسان، لكنها لا تفهم العلاقة ولا توجد لها مشاعر، وهي غير قادرة على التفكير
خارج الصندوق، لذلك، بدلا من إيجاد سلم أولويات بين الإنسان والآلة، يجب إيجاد
طاقم يدمج الذكاء الاصطناعي والإنساني وينتج "معرفة فائقة".
وبدأ "ي" كتابه بالحديث عن عملية
وقعت في 2018، في كنيس في "بتسبورغ" بالولايات المتحدة، حيث قام شخص
بإطلاق نار وقتل وجرح 17 شخصا، وقبل الهجوم بساعة كتب ذات الشخص منشورا في شبكات
التواصل الاجتماعية، واتهم منظمة يهودية، أنها قدمت مساعدة للاجئين أجانب، وكتبت
"جلب غزاة يقتلون رجالنا، لا يمكنني الجلوس وأنا أشاهد إخوتي وهم
يذبحون".
وكتب "ي": "تخيلوا أنه
قبل ساعة من الهجوم تم إشعال ضوء أحمر في الكنيس، وهاتف محمول غير معروف في
المنشأة"، مضيفا: "لنفترض أن كاميرا لها قدرة على تشخيص الوجوه شاهدت
المهاجم وحذرت الشرطة وقامت بتشغيل جهاز الإنذار في الكنيس".
ونوه إلى أن "المهاجم قبل بضعة أشهر على
الهجوم، حصل على رخصة لحمل السلاح، وسبق ونشر تهجمات شديدة"، منوها أنه
"في حال تم مراقبة تلك البيانات (منشورات) في الموعد، وتمت ملاءمتها مع
المعلومة، لكانت هناك إمكانية كامنة لتشخيصه مسبقا، لو تولى ذلك "طاقم من
الروبوتات"".
وقال: "حتى 20 ألف محلل لديهم كل الوقت
المتاح في العالم، لم يكونوا ليربطوا النقاط لبناء شخصية مشبوهة للمهاجم، لكن
بمساعدة مسح محوسب للمعلومات، هذا الأمر ممكن"، منوها أن الهجمات المنفردة
التي يشنها البعض إلها من الشبكات الاجتماعية والتي ارتفعت مؤخرا، "يمكن
معالجتها بصورة أفضل".
ولفتت "هآرتس"، إلى أن "الحل
الذي وصفه العميد، يستخدم منذ سنوات بالطبع، لكن ليس في الدول الديمقراطية
الغربية، وإسرائيل تستخدم أساليب مشابهة في المناطق
الفلسطينية، كعبرة تم
استخلاصها أثناء انتفاضة الأفراد التي حدثت في خريف 2015".
مكونات الطريقة
وعقب العديد من العمليات المنفردة التي نفذها
شبان فلسطينيون ضد جيش الاحتلال، ذكر "ي" أنه "في كل مرة قلنا
لأنفسنا، كان يجب أن يكون هناك مؤشر معين، لو انتبهنا له لكان من الممكن منع
الهجوم"، مضيفا: "عندما مر الوقت والمعلومات بقيت غير ذات صلة، شعور الأزمة
اشتد وفهمنا أن الطريقة التي نفذنا بها العمل الاستخباري طوال عقود لم تكن كافية
للتحدي، وخلصنا إلى أن الحل يوجد في عمل طاقم؛ الإنسان يجب أن يعطي أمثلة على
خصائص هجمات سابقة، والآلة يجب أن تمسح قواعد البيانات، وهكذا أوقفنا عشرات
الهجمات في كل شهر".
ولفتت الصحيفة، أن "مكونات هذه الطريقة
مبنية على إقامة قاعدة بيانات كبيرة، إلى جانب تسريع القدرات على تشخيص الحالات
الشاذة في البيانات (مثل العثور على الهاتف المحمول لشخص لديه خلفية خطيرة في مكان
حساس لتنفيذ عملية)، التي يمكن الاستناد إليها لإعطاء تحذير".
وتحدث قائد الوحدة "8200" في كتابه،
عن "تعلم التآزر" المشترك بين الإنسان والحاسوب، الذي سيمكن من فهم
وتحليل مسائل لا يستطيع دماغ البشر أن يعالجها لوحده، وهو يذكر بمفهوم معروف لديه
من شبابه، كطالب في المدرسة الدينية "الصحبة"، تعلم بصورة مشتركة،
استنادا لمعرفة تم اكتسابها من الالتقاء بين وجهات نظر مختلفة".
وأفادت "هآرتس" أن "نقطة
الانطلاق في نقاش هذه العمليات؛ أن العقود الأخيرة هي فقط لعبة تسبق التغييرات
الكبيرة التي ستحدث في المستقبل القريب، والقدرة المعرفية للآلة إلى جانب قدرة
التفكير في طاقم خلقت عالما جديدا، والأمثلة التي يعرضها أخذت من عالم الأمن القومي،
لكنها تنطبق أيضا على مجالات أخرى مثل؛ الاقتصاد والصحة والأمن الشخصي".
الذكاء الاصطناعي يغير القوانين
ووصف "ي" الصعوبة الكبيرة في الدفاع
عن الحدود من الهجمات، ويركز على "مشكلة إسرائيلية محددة هي؛ ترسانة الصواريخ
والقذائف الموجودة في حوزة حزب الله"، مؤكدا أنه "من الصعب جدا مهاجمة
قاذفات الصواريخ دون المس بعدد كبير من السكان".
وبين العميد، أنه "سيتم تجنيد الذكاء
الاصطناعي، من أجل العثور على قاذفات الصواريخ وتشخيصها، وفي هذه الأثناء جزء من
هذه العمليات حدثت في العدوان الأخير على غزة الذي بدأ في أيار/مايو الماضي".
وفي العقود القادمة، كتب "ي"،
"سيختفي بالتدريج المحللون الذين يقومون بتحليل اللغة (التسجيلات ورسائل
الحاسوب) والصور الجوية، وسيتم استبدالها بالآلات، وخلال خمس سنوات لن تكون هناك أي
حاجة لـ 80 في المئة من المتنصتين في أجهزة المخابرات، لأن هذا العمل سينتقل
لأجهزة الحاسوب، وجزء كبير من المعلومات الاستخبارية سيتم جمعها بواسطة آلاف
الطائرات المسيرة".
وقدر أن "التحدي العسكري الإسرائيلي،
سيكون بإيجاد ربط أوثق بين جهد الإنسان (الهجمات) وجهد الاستخبارات (المعلومات)
بصورة ستمكن من العثور على أهداف أكثر لضربها في الوقت الحقيقي"، لافتا أن
"الضغط على العدو في الحرب، سيجعله يرغب في إنهاء هذه الحرب في أسرع وقت،
ولكن عنق الزجاجة هو بشري، ولا يوجد للبشر قدرة على معالجة هذا القدر الكبير جدا
من المعلومات، والرد سيكون عبر طاقم إنسان آلي".
وأكد قائد الوحدة "8200"، أن
"ثورة الذكاء الاصطناعي، تعطي البشر نظارات جديدة للنظر من خلالها على كل تحد
وكل مهمة".