يومان من التفاوض بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بالمغرب ولم يسفر نقاشهما عن اتفاق حتى فيما يتعلق بقانون انتخاب مجلس النواب الذي لا خلاف كبيرا حوله، فقد جاء مجلس الدولة محملا بقاعدة دستورية وقانوني انتخاب، للنواب وللرئيس، فيما ليس في جعبة النواب إلا قانون انتخاب الرئيس، والذي هو مربط الفرس في الخلاف الحاد اليوم.
الهوة بين المجلسين واسعة، فالبرلمان لم يأت ليفاوض حول قانون انتخاب الرئيس، ذلك أن معظم أعضائه يعتبرون أن إصداره حق أصيل لهم وحدهم، ولقد عبر عقيلة صالح عن موقف الأغلبية بقوله إنهم لا يعتدون بالمجلس الأعلى للدولة في هذا الاختصاص، وهو ما يعتبره الأخير موقفا مصادما للاتفاق السياسي الذي يلزم الطرفين بالتشاور والتوافق حول تلك القوانين.
قانون انتخاب الرئيس الذي صدّره البرلمان للبعثة وللمفوضية يقضي بحق موظفي الدولة العسكريين والإداريين في الترشح لرئاسة البلاد، ويكفيهم ثلاثة أشهر تسبق تخليهم عن مناصبهم لأجل الترشح وفي حال خسارتهم يعودون لمناصبهم ويتقاضون مرتباتهم عن مدة تغيبهم!!
يرفض الأعلى للدولة هذه النقطة، وجاء على لسان رئيس الأعلى للدولة إنهم لن يسمحوا لحفتر بالترشح للانتخابات الرئاسية، ومعلوم أن الفقرة محل النزاع تسمح لحفتر بالدخول في السباق الانتخابي، ولم يكذب حفتر خبرا فقد أصدر قرارا يكلف فيه رئيس أركان الجيش التابع للبرلمان، عبدالرازق الناظوري، بتولي مهام القائد العام لمدة ثلاث أشهر وذلك حتى اليوم اللاحق لتاريخ إجراء الانتخابات وفق ما قررته خارطة الطريق.
يومان من التفاوض دون الوصول إلى اتفاق، فضلا عن توافق، يعني أن الجو مشحون والخلاف كبير، وأن الخلاف يمكن أن يكون سببا في فشل الجولة التفاوضية عند التطرق لقانون انتخاب الرئيس.
المبعوث الخاص للبيت الأبيض لليبيا، ريتشارد نورلاند، الذي كان أبرز الضاغطين على الطرفين للاجتماع، حثهما على الحسم في الأساس الدستوري من خلال التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات، ويمكن أن يكون للدور الأمريكي أثره في تحقيق اختراق في المفاوضات والوصول إلى اتفاق بين الطرفين.
وبالنظر إلى طبيعة الخلاف وعمقه وإلى إصرار المجتمع الدولي وفي المقدمة منهم الإدارة الأمريكية على التقدم في المسار السياسي وخارطة الطريق، فإنه من المتوقع أن يقع القبول بقانون انتخاب الرئيس الذي أصدره البرلمان على أن يتم النظر في تحفظات الأعلى للدولة بخصوص أحقية أصحاب المناصب الإدارية في الترشح لانتخابات الرئاسة، كأن يتم حذف فقرة حقهم في الرجوع إلى مناصبهم في حال خسارتهم، وهو أقصى ما يمكن أن يقبل به مجلس النواب، أو رئيسه ومن يساندونه.
المبعوث الخاص للبيت الأبيض لليبيا، ريتشارد نورلاند، الذي كان أبرز الضاغطين على الطرفين للاجتماع، حثهما على الحسم في الأساس الدستوري من خلال التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات، ويمكن أن يكون للدور الأمريكي أثره في تحقيق اختراق في المفاوضات والوصول إلى اتفاق بين الطرفين.
من المتوقع أن يتمترس وفد النواب حول قانون انتخاب الرئيس برفض التعديل عليه، ثم القبول بتعديل غير جوهري، أي لا يستجيب لموقف الأعلى للدولة الذي يصر على قطع الطريق على حفتر في انتخابات الرئاسة، إلا أنهم في وضع لا يسمح لهم بالاستحواذ على الكعكة كاملة، فهم في موقف حرج من جهة أنهم من فجر النزاع الحالي بمخالفة الإعلان الدستوري الذي يقضي بضرورة الوصول إلى 120 صوتا لتمرير قانون انتخاب الرئيس، الأمر الذي لم يقع، ومخالفة الاتفاق السياسي بتجاوز المجلس الأعلى للدولة قبل المصادقة على القانون، وهو ما يمثل ثقلا على كاهلهم، يضاف إلى هذا الثقل انكشافهم أمام جمهرة واسعة من الرأي العام بقرارهم سحب الثقة من رئيس الحكومة والذي أوقع ردة فعل لم تكن في الحسبان.
بالمقابل، فقد يضطر الأعلى للدولة إلى التراجع عن تصلبه والقبول بنصيب ولو محدود من الغنيمة أمام الضغوط الدولية، ذلك أنه الحلقة الأضعف، ليس بسبب ضعف القاعدة التي تسانده، فهي على العكس صلبة، إنما يعود ضعفه إلى إدارته المرتبكة للأزمة وللتفاوض، وقد يساعد الأعلى في التزحزح عن موقفه من ترشح حفتر تألق رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، والذي حاز على تأييد جمهرة كبيرة حتى ضمن مناطق نفوذ حفتر في الشرق، فقد أكد رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، أن لدبيبة الحق في الترشح للانتخابات الرئاسية خلافا لما تحدث به بعض أعضاء البرلمان وأعضاء ملتقى الحوار السياسي.
حميدتي والبرهان على فرس بلا عنان
"الدبيبة" والتحول المذهل في المشهد الليبي
اتجاهات أزمة قانون انتخاب الرئيس في ليبيا