تعقد حكومة رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، الاثنين، اجتماعا طارئا، في وقت تتعمق فيه الانقسامات بين شركاء السلطة، ولا سيما بين المكونين المدني والعسكري.
وكشفت وكالة الأنباء الرسمية "سونا" عن عزم المجلس الوزاري عقد الاجتماع، دون توضيح أجندته، لكن صحفا محلية وضعته في سياق الخلافات المتصاعدة بين مكونات الفترة الانتقالية، التي انتهت إلى تراشق بين المكونين المدني والعسكري، وانشقاق داخل تحالف قوى الحرية والتغيير- الحاضنة السياسية للحكومة.
وتجمع العشرات من المؤيدين لتولي العسكريين السلطة كاملة أمام مقر مجلس الوزراء بوسط العاصمة الخرطوم وهم يهتفون "يسقط يسقط حمدوك".
وتدخلت أجهزة الأمن لتفريق المتظاهرين واستخدمت قنابل الغاز والدخان، وفرضت طوقا حول المقر الحكومي أثناء انعقاد الاجتماع.
وبحلول الساعة 11:30 بتوقيت غرينيتش أُعلن عن انتهاء الاجتماع، دون أن يصدر بيان فوري بشأن مخرجاته.
وخلال الأيام الماضية، شرعت قوى الحرية والتغيير المنشقة بقيادة عدد من الحركات الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان وأحزاب سياسية، وبالتحالف مع العسكر، في الضغط من أجل حل الحكومة.
ونفذت تلك القوى، تحت مسمى "ميثاق التوافق الوطني"، السبت، مسيرة نحو القصر الرئاسي، شهدت ترديد شعارات تطالب القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس السيادة، بإذاعة بيان يعلن فيه استلام السلطة بالبلاد.
اعتصام مفتوح
وتحولت المسيرة إلى اعتصام أمام القصر الرئاسي بالخرطوم، استمر إلى الأحد، وسط تأكيد من قوى مشاركة فيه عزمها على المضي به حتى تحقق مطالبها.
والأحد، أعلن تيار "الميثاق الوطني" بقوى إعلان الحرية والتغيير عن مواصلة "العمل المشترك" في الاعتصام المفتوح الذي بدأه السبت بالعاصمة الخرطوم، داعيا قوات البلاد الأمنية إلى "حمايته".
و"الميثاق الوطني" هو قسم من "قوى إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بنظام عمر البشير عام 2019، وتمثل حاليا التيار المدني في الائتلاف الحاكم خلال المرحلة الانتقالية.
وقال التيار في بيان: "نهنئ شعبنا بالاستجابة والخروج مؤيدين وملبين لدعوتنا في مواكب السبت، وهو تأييد يدفعنا قدما للعودة لمنصة التأسيس (قوى الحرية والتغيير) في كانون الثاني/ يناير 2019".
اقرأ أيضا: احتجاجات متواصلة بالخرطوم تطالب بحل الحكومة (شاهد)
وأضاف البيان: "نؤكد على مواصلة العمل المشترك بيننا وندعم الاعتصام ونؤكد سلميته وندعو القوات الأمنية لحمايته"، دون توضيح شكل هذه الحماية أو وجود تهديدات على الاعتصام من عدمها.
وأعرب عن رفضه لـ"الانقلاب العسكري والدكتاتورية المدنية"، مؤكدا أننا "نقاوم الإقصاء ونمضي قدما لإكمال هياكل السلطة الانتقالية".
غليان حتى نوفمبر
وتأتي هذه التحركات في وقت تعيش فيه البلاد حالة ترقب شديد لما ستؤول إليه الأمور، في حال رفض المكون العسكري تسليم رئاسة مجلس السيادة لنظيره المدني، في الموعد المحدد، وفق التفاهمات، في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وطبقا للوثيقة الدستورية الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية الموقعة في 17 آب/ أغسطس 2019، كان مقررا أن يترأس العسكريون مجلس السيادة (رئاسي) لمدة 21 شهرا، ثم يترأسه المدنيون 18 شهرا، ابتداء من أيار/ مايو الماضي.
لكن الحكومة وقعت مع حركات مسلحة في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، اتفاقية سلام في جوبا أضافت عاما إلى الفترة الانتقالية التي بدأت في 21 آب/ أغسطس 2019، عقب عزل قيادة الجيش لعمر البشير من الرئاسة (1989-2019)، إثر احتجاجات مناهضة لحكمه.
وهو ما يعني أنه من المفترض أن يتسلم المدنيون رئاسة مجلس السيادة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، بعد تقسيم الـ12 شهرا الإضافية مناصفة بين مكوني المجلس، بواقع 27 للعسكريين و24 للمدنيين.
ويتشكل المجلس من 14 عضوا، هم: خمسة عسكريين، وستة مدنيين، وثلاثة من الحركات المسلحة، وهو يتولى قيادة البلاد خلال الفترة الانتقالية، برفقة حكومة مدنية يترأسها عبد الله حمدوك منذ 2019.
وفي مقابل حشد أنصار الحكومة العسكرية، ظهرت دعوات لـ"مليونية" دعما لحمدوك في 21 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، ما يثير قلقا من وقوع صدامات في الشارع.
فشل لخطة حمدوك
وكان حمدوك قد استبق حراك السبت، بخطاب مساء الجمعة، أعلن فيه عن خريطة طريق من عشر نقاط لحل الأزمة الراهنة.
وأقر حمدوك بوجود انقسامات عميقة وسط المدنيين ووسط العسكريين وبين المدنيين والعسكريين في الحكومة الانتقالية.
اقرأ أيضا: حمدوك: نمرّ بأزمة تهدد الانتقال الديمقراطي والبلاد كلها (شاهد)
وأكد أن موقفه في الأزمة الحالية بين شركاء الحكم هو الانحياز الكامل للانتقال المدني الديمقراطي، داعيا للالتزام بالوثيقة الدستورية، كمرجعية وحيدة للتوافق بين مكونات السلطة.
وبشأن أزمة شرق السودان، دعا جميع المكونات في الإقليم إلى مؤتمر مائدة مستديرة للوصول إلى توافق حول القضايا المطروحة، وطالب بفتح الموانئ والطرق.
خلفية الأزمة
وتفجرت الخلافات الداخلية بعد الإعلان عن إحباط محاولة انقلابية، في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، لتبدأ أطراف مختلفة داخل السلطة بالتراشق وكيل الاتهامات.
وحمّل المكون العسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان المكون المدني في الحكومة الانتقالية المسؤولية عن تكرار الانقلابات العسكرية، فيما زعمت أطراف في قوى "الحرية والتغيير" أن الجيش لا يزال يحتفظ بعناصر من "فلول النظام السابق".
وأضافت الاحتجاجات في الشرق عبئا إضافيا على حكومة حمدوك، حيث قطع مطالبون بالعدالة الاجتماعية إمدادات المواد الأساسية عن بقية أنحاء البلاد، بسيطرتهم على ميناء بورتسودان الرئيسي.
وفي 8 أيلول/ سبتمبر الماضي، وقعت قوى سياسية سودانية وحركات مسلحة بـ"قوى إعلان الحرية والتغيير" إعلانا سياسيا في الخرطوم بعنوان "الإعلان السياسي لوحدة قوى الحرية والتغيير وبناء دولة المواطنة المدنية الديمقراطية".
هذا الإعلان أثار حفيظة قوى أخرى في إعلان "الحرية والتغيير" التي ردت بإعلان "الميثاق الوطني لوحدة قوى إعلان الحرية والتغيير"، خلال احتفال بالخرطوم في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
ويعيش السودان، منذ 21 آب/ أغسطس 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2020.
الاتحاد الأفريقي يؤجل البت بمنح الاحتلال "صفة مراقب"
واشنطن تدفع الخرطوم نحو علاقات دبلوماسية مع إسرائيل
مبعوث أمريكي خاص يزور الخرطوم بعد محاولة "الانقلاب"