يمتلك "جبل القفزة" عراقة ومكانة تاريخية ودينية، وأصبح فيما بعد موقعا للثقافة والترفيه لأبناء الناصرة والسياح الذين يأتون إلى المنطقة لأسباب دينية.
يقع "جبل القفزة" جنوبي مدينة الناصرة من جهة العفولة، وله قمتان متقابلتان ويبلغ ارتفاعه 397 مترا فوق سطح البحر، ويوفر إطلالات بانورامية مهيبة على مرج ابن عامر وجبل طابور.
وسمي الجبل بـ"جبل القفزة" لارتباطه برواية مسيحية قديمة تقول بأن معجزة حصلت فيه حين قفز السيد المسيح عنه واختفى فيما كان يلاحقه غوغائيون. ويوجد على هذا الجبل الكثير من المعالم الأثرية وتم ذكره بالكثير من الروايات التاريخية والدينية.. من هنا فقد اكتسب أهمية كبيرة جدا ويزوره آلاف السياح سنويا.
جبل القفزة بعد تطويره
وتروي التقاليد المسيحية أنه من هذا المكان حاول يهود الناصرة إلقاء يسوع بعدما أثار غضبهم في الخطبة التي ألقاها أمامهم وأعلن فيها عن كونه المسيح. جر سكان القرية يسوع إلى قمة الجبل لكنه في اللحظة الأخيرة تمكن من الاختفاء فجأة فاعتقد أنه قفز ولهذا سمي الجبل "جبل القفزة". وعند أسفل الجبل من الجهة الغربية بقايا دير بيزنطي سكنه في القرن الثامن ثمانية من الاثني عشر كاهنا كانوا يتواجدون في الناصرة.
وتقابل هذا الدير "مغارة القفزة" التي أظهرت الحفريات التي أجريت بداخلها، اكتشافات غنية من فترة ما قبل التاريخ. وأول من انتبهوا لوجود هذه البقايا كان الرهبان الفرنسيسكان الذين قاموا بإبلاغ القنصل الفرنسي في القدس حول ذلك، فأوعز بتمويل الحفريات التي بدأت عام 1933، والتي تجددت بين السنوات 1965 و1979.
المغارة استخدمت كمسكن للصيادين والرعاة فضلا عن كونها مدفنا. ومن بين الاكتشافات كان هناك هياكل عظمية لإنسان العصر الحجري الذي سمي "إنسان القفزة".
ومر ما يقارب المائة ألف عام منذ سكن الإنسان الفلسطيني "مغارة القفزة" إلى ظهور السيد المسيح في القرن الأول الميلادي.
وقد تتابعت على المنطقة عشرات الموجات البشرية. وكان من أهم الموجات المذكورة الموجات السامية العربية: الآشوريون والأكاديون في الألف الرابعة ق.م، والآموريون والكنعانيون حوالي 2500 ق.م، والآرامية المؤابية، والأرومية، والعمونية حوالي 1500 ق.م، والأنباط واللخميون (المناذرة) والغساسنة منذ القرن الخامس ق.م، وكذلك من غير العرب مثل: الحثيين، الحورانيين، الفلسطينيين واليهود.
وقد استقرت هذه الشعوب في المنطقة بأسرها فاستوطنتها وعمرتها وحضرتها. وبنت القرى والمدن مثل أريحا، بيسان، بئر السبع، دمشق وغيرها، ولكنها لم تذكر أي شيء عن مدينة الناصرة ولم تترك أية إشارات تدل على وجودها. رغم أن المدينة كانت حاضرة ميدانيا ولكنها غائبة عن التاريخ. ولكن الصورة لم تلبث أن تغيرت فظهرت المدينة وطفت على سطح الأحداث وملأت صفحات التاريخ بفضل حدث فريد هام هو ظهور السيد المسيح ابن المدينة.
وكان ذلك في أوائل القرن الميلادي الأول حين كانت البلاد واقعة تحت حكم الإمبراطورية الرومانية التي عينت هيرودوس حاكما على البلاد. ومنذ لحظة البشارة بالمسيح لم تنزل المدينة عن مسرح الأحداث.
مشهد لجبل القفزة
أجريت أعمال تطويرية من أجل الوصول إلى قمة الجبل الذي يشرف على مرج ابن عامر والجبال المجاورة: جبال الكرمل، جبل طابور وجبال غلعاد. ويشكل مدرج الاحتفالات بجبل القفزة في الناصرة، معلما معماريا وثقافيا مكن أهل المدينة من إقامة نشاطات وفعاليات ومهرجانات تحرك الحياة الثقافية في المدينة وتخلق بدائل وركائز جديدة تدعم اقتصاد البلد.
وقام البابا بندكتوس السادس بإقامة قداس ديني في "جبل القفزة" حضره ما يربو على الـ40 ألف مصل عام 2009.
وكان آخر حدث شهدته المنطقة القبض على اثنين من الأسرى الهاربين من سجن جلبوع في محيط "جبل القفزة" في الناصرة وهما يعقوب قادري ومحمود العارضة.
المراجع
*نهى زعرب قعوار، كتاب تاريخ الناصرة، 2000.
*موقع بلدية الناصرة الإلكتروني.
*موقع جمعية الناصرة الثقافية.
*مدرج جبل القفزة في الناصرة معلم معماري وثقافي يفتح آفاقا جديدة، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، 2009.
"سبيل السلطان عبد الحميد" بغزة.. آخر أسبلة العهد العثماني
تل الرُقيش.. من مستعمرة فينيقية إلى مركز تجاري بين مصر وآسيا
"بيت العلمي" الأثري شاهد على ازدهار العمارة الإسلامية في غزة