قالت صحيفة "
واشنطن بوست"، إن أمام
حركة
طالبان، الكثير من التحديات اليوم، بعد نهاية الحرب في البلاد، وخاصة تعزيز
القانون وحماية المواطنين من
تنظيم الدولة.
وأشارت الصحيفة إلى سجن بولي تشرخي المحاط
بالجدران والأسلاك الشائكة، الذي بات علامة تريد طالبان أن تظهره عما كان عليه وما
أصبح الآن.
وبالنسبة لحكام أفغانستان الجدد فالمعتقلون هم
دليل على قدرتهم لفرض القانون في العاصمة. ولكن في يوم تجمع فيه السجناء للتشمس في
فترة الفسحة المسموحة لهم، قال بعضهم إنه اعتقل لأسباب واهية، ووصف آخرون التعذيب
الذي تعرضوا له بشكل يذكر بالممارسات التي مارستها الحركة عندما تولت السلطة أول
مرة بعد عام 1996.
وقال سائق السيارة حاجي حسين، الذي اعتقل عند
حاجز تفتيش لأن راكبين كانا مخمورين: "لقد ضربوني بشدة". وقال تيمور شاه: "قتل ابني شخصا وهرب ووضعوني في السجن بدلا منه".
ففي الفراغ الذي نتج عن انهيار الحكومة
الأفغانية دخل مقاتلو طالبان لملء الفراغ ومنع الجريمة والفوضى. ويدير المقاتلون
بزيهم ومظهرهم المعروف نقاط التفتيش ويحلون الخلافات في العاصمة والمدن الأخرى.
ويقوم قضاة المجتمع بإصدار الأحكام غير الرسمية
في النزاعات المتعلقة بالمال والأرض والعائلة، كما فعلوا من قبل في المناطق الريفية
التي ظلت بيد المقاتلين.
لكن التحول من تمرد ظل يدور على مدى العقدين
الماضيين في الريف إلى قوة أمن وطني قادرة على حماية المناطق الحضرية هو تحد
للمقاتلين. وتحول فرع تنظيم الدولة في باكستان وأفغانستان إلى أكبر تهديد على
هيمنة طالبان وأمن السكان أيضا.
وحتى الآن فشلت طالبان في احتواء الخطر النابع
من تنظيم الدولة- ولاية خراسان، الذي نظم عددا من الهجمات على المدن الأفغانية منذ
سيطرة طالبان على السلطة قبل شهرين، منها هجومان قاتلان على مسجدين للشيعة في
قندهار وقندوز.
وفي داخل حركة طالبان لا يزال هناك عدد من
المقاتلين غير منضبطين، ويرسل الناس للسجون بمجرد شبهة بسيطة بدون محامين وسيظلون
في السجن لحين وضع النظام الجنائي. وعندما استمع أحد مسؤولي طالبان في السجن، قاري
زكي، للمظالم التي قدمها السجناء، ضحك واعترف بالأساليب المثيرة للشك.
وعبر قائلا: "من سيصدق الجرائم التي
ارتكبوها؟" و"كل واحد يعتقد أنهم أبرياء، تقدم ناس بشكاوى ولهذا تم
اعتقالهم".
وأظهر العناصر إشارات عودة للأساليب القاسية
التي استخدموها عندما كانوا في الحكم. ففي مدينة هيرات، غرب البلاد قام مقاتلو
الحركة بإعدام أشخاص اتهموا بعمليات خطف، وتم تعليق أجسادهم على أعمدة الكهرباء.
وانتشرت أشرطة فيديو على منصات التواصل الإجتماعي تصور مقاتلي الحركة وهم يجلدون
متهمين.
وحتى في العاصمة التي يظل فيها المقاتلون تحت
نظر العالم، فقد انتشرت تقارير عن استعراض أشخاص اتهموا بالسرقة وتم دهن وجوههم
بالشحم الأسود. وتعرض تاجر مخدرات للإهانة من خلال حشو المخدرات في فمه ووضع صورته
على منصات التواصل الإجتماعي كتحذير. وفي لقاءات حول العاصمة كابول، تحدث مسؤولون
ومقاتلون صراحة عن رغبتهم بفرض القيادة نفس الأساليب التي فرضت بالفترة ما بين
1996- 2001.
وكلهم دعموا الشنق الذي حدث في هيرات. وقال
قاري محمد أشرف، 43 عاما، رئيس محطة شرطة منطقة 12 في كابول: "لو قررت محكمة
قطع يد سارق فسندعم هذا" و"إن شاء الله سيتم تنفيذ الحكم علنا، وسيتعلم
الناس منه وسيتوقف اللصوص عن السرقة ولو ارتكب رجل متزوج الزنا فسيرجم حتى الموت
علنا".
وفي الوقت الحالي لدى طالبان قضايا ملحة أكثر،
فمولوي زبير مؤتمن يتفهم الوضع، وهو مسؤول أهم وأكبر منطقة في كابول، منطقة 9 بشكل
يجعله أقوى شخصية مسؤولة عن فرض النظام في المدينة.
ونبعت تجربته من إدارته منطقة كبيرة في جبال
لوغار وبثلاثة مقاتلين وشبكة من المخبرين. وكان عضوا في مجلس الظل الذي أشرف على
العاصمة أثناء فترة الحكومة السابقة. مشيرا إلى وجود لجان ظل أخرى أشرفت على
السجون والمحاكم وملامح أخرى من الحكم.
وقال: "كانت لدينا حكومة قبل السيطرة على
كابول" والفارق الوحيد هو أن سكان المدن يعتقدون أن "شرب الخمر هو
ديمقراطي، والزنا ديمقراطية والسرقة والخطف هي حقوقهم في ظل النظام السابق".
وأضاف: "نحتاج لوقت حتى نعيد الناس للحياة
الطبيعية". ومن بين رجاله أشخاص يعرفون كابول من زاوية أخرى، فقد كانوا مخبرين
فيها ولعدة سنوات. لكن مهمة مؤتمن اتسمت بالفشل في مجال معين وهي وقف تنظيم الدولة.
فقد كان المقاتلون التابعون له من يوفرون الحراسة لمطار كابول الدولي عندما نفذ التنظيم هجوما أدى إلى مقتل أكثر من 170 مدنيا أفغانيا و13 جنديا أمريكيا.
وبعد الهجوم على المطار قال قيادي في الحركة إن
المقاتلين يقومون بمراقبة الهواتف النقالة والرسائل الإلكترونية وكل أنواع التواصل
لمواجهة تنظيم الدولة. لكن لا يعرف حجم التنسيق بين مراكز الشرطة في المدينة
والمقاتلين الذين جاءوا من مناطق مختلفة ويتبعون قائدهم بشكل يعطي مجالا أمام التنظيم
لتنفيذ هجمات وبسهولة.
ووجد الجيش الأمريكي وسي آي إيه والمخابرات
الأفغانية صعوبة في وقف هجمات كهذه نفذتها طالبان وتنظيم الدولة- خراسان. ويضاف
للمشكلة حس الإنكار، فأشرف يرى أن تنظيم الدولة "لا يمثل خطرا كبيرا"،
ويقول مؤتمن إن الخطر قد قل. ولام الأمريكيين على الهجوم قائلا إن التفجير حصل عند
البوابة الأمريكية.