إذا صدمك عنوان المقال عزيزي القارئ الوطني جدا فلا تقلق، فنحن لن نتحدث عن محطات وقود وطنية تابعة للقوات المسلحة المصرية وإنما الحديث عن الوطنية التي وصفها الروائي الإنجليزي الشهير صمويل جونسون بأنها هي الملاذ الأخير للأوغاد وفي رواية أخرى الوطنية هي الملاذ الأخير لكل نذل.
على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك نشر الفنان المصري خالد سرحان داخل إحدى محطات الوقود التابعة للجيش قائلا: "بحط بنزين من وطنية عشان شريف منير ميزعلش"، لتنهال التعليقات الساخرة على الصورة والتي كان أبرزها وأكثرها تكرارا تعليق يقول "أنت وطني جدا".
الجدل الأخير الذي أحدثه عرض فيلم "ريش" على هامش مهرجان الجونة السينمائي أعاد تصدير الأسطوانة المشهورة والمكررة منذ ألفين وثلاثة عشر عن الوطنية وحب مصر وسمعة الوطن التي يسعى الخونة لتشويهها وتلويثها وإخفاء حقيقتها المبهرة وإنجازاتها العظيمة، وهل يمكن لأحد لعب هذا الدور أفضل من عسكري السينما المصرية الجديد الفنان الوطني جدا شريف منير.
"أنا عندي حتة غيرة جوايا على مصر، هي اللي بتحركني وأنا باسخن شوية".. كانت هذه العبارة هي خلاصة مداخلة تلفزيونية طويلة أجراها شريف منير مع الإعلامي المصري عمرو أديب، شرح فيها منير أسباب انسحابه من العرض الخاص لفيلم "ريش"، ولماذا يعترض على محتوى الفيلم وكيف أساء الفيلم لسمعة مصر وحاول تشويه صورتها باستعراض مشاهد للعشوائيات التي انتهت على قول منير وتبيان حجم الفقر في مصر، وهو ما يؤمن منير أنه قد اختفى بعد إنجازات القيادة المصرية الحكيمة برئاسة السيسي.
"على الوطنية أن لا تعمي عيوننا عن رؤية الحقيقة، فالخطأ خطأ بغض النظر عمن صنعه أو فعله" مالكوم إكس.
في تعريف مالكوم إكس للوطنية، الرجل لا يريدها أن تتحول لأفيون أو مخدر يعمي الناس والشعب عن حقيقة الأوضاع، وألا يتحول التشدق بالوطنية إلى وسيلة رخيصة للنفاق وتملق الحاكم وإغفال أخطائه أو تقصيره، ولكن الفنان الوطني جدا شريف منير لا يرى ذلك ولو قرأ ما كتبه مالكوم إكس عن الوطنية لاتهمه بالخيانة ومحاولة تشويه الدولة المصرية ولدعا المصريين إلى مقاطعة كتاباته والهجوم عليه ليل نهار، والسبب واضح بأن شريف منير حسه الوطني أعلى من المصريين جميعا فلديه غيرة داخلية على مصر لم ولن تتواجد لدى أحد من المائة مليون مصري.
الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد، نعود إلى ما قاله صمويل جونسون قديما منذ ثلاثمائة عام تقريبا وهو يصف من يرتمون في أحضان الوطنية من أجل مصالحهم الشخصية وإرضاء للحكام والسلطة، هؤلاء يفسدون مفهوم الوطن ويبخسون من قيمة الانتماء لأرضه وترابه،
أين الأزمة الحقيقية؟ هل هي في محتوى الفيلم أم في طريقة تناول مشاكل الفقر والعشوائيات في مصر؟ أم هي في استعانة المخرج بأناس عاديين في أدوار البطولة؟ أم ربما لأنه حصل على جائزة في مهرجان "كان" العالمي في الوقت الذي كان أقصى ما يمكن لشريف منير أن يحصل عليه خلال السنوات الست الماضية هو دور لضابط في المخابرات العامة أو الأمن الوطني يردد سيناريو كتبه عباس كامل ونقحه المقدم أحمد شعبان وردده كالببغاء الممثل الوطني جدا شريف منير ثم عاد إلى منزله لينام ليلته وهو في سعادة غامرة بإشباع هوسه في الدفاع عن الوطنية من وجهة نظره البائسة.
تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أشار إلى ارتفاع نسبة الفقر في مصر إلى ما يقارب 30% من إجمالي عدد السكان، وهو ما يعني أن حوالي ثلاثين مليون مواطن مصري يعيشون بالفعل تحت خط الفقر، الأمر الأكثر ألما أن تقرير البنك الدولي أشار إلى أن 60% من المصريين إما فقراء أو عرضة للفقر خلال فترة وجيزة وهو ما لم يقرأه شريف منير أو ربما قرأه ولم يفهمه أو ربما فهمه ولم يصدقه أو ربما صدقه ولم ولن يتحدث به حتى لا يشوه صورته الوطنية الجميلة لدى عموم المصريين، أو حتى أكون دقيقا حتى لا يشوه صورته ويفقد دوره أمام السيسي وعباس كامل ومن يوجهون له التعليمات بلعب هذا الدور.
"هناك من يلفون أنفسهم بالأعلام وينفخون بوق الوطنية الصغير كوسيلة لخداع الشعب"، مقولة للسياسي البريطاني جورج غالاوي تصلح كتفسير منطقي لما يقوم به شريف منير وكل شريف منير في مصر الآن، فالرجل الوطني جدا يخرج لتصوير لايف من منزله عن أي موضوع لتجده جالسا داخل مطبخ بيته ووراءه في خلفية المشهد صورة كبيرة لعلم مصر، الرجل تقع ابنته ضحية تنمر على مواقع التواصل الاجتماعي، فينشر صورة له هو وبناته داخل منزله يضربون التحية العسكرية للجيش المصري ويلفون العلم المصري على أعناقهم.
الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد، نعود إلى ما قاله صمويل جونسون قديما منذ ثلاثمائة عام تقريبا وهو يصف من يرتمون في أحضان الوطنية من أجل مصالحهم الشخصية وإرضاء للحكام والسلطة، هؤلاء يفسدون مفهوم الوطن ويبخسون من قيمة الانتماء لأرضه وترابه، ويشوهون مفهوم الوطنية المتأصل في هوى كل مصري في الداخل أو الخارج.
هؤلاء الوطنية منهم براء.
تحديد النسل في مصر والقصور في استيعاب التجربة الصينية
خطوات إسرائيلية لتشكيل "إدارة عسكرية" وتثبيت السيطرة على قطاع غزة