أثارت تصريحات سفير المملكة المتحدة لدى اليمن، ريتشارد أوبنهايم، بشأن الحاجة إلى صدور قرار أممي جديد من مجلس الأمن بدلا عن القرار 2216 الصادر عن المجلس في العام 2015، أسئلة عدة حول دلالة ذلك، وانعكاسات هذا التوجه على مستقبل اليمن الغارق في الحرب منذ 7 سنوات.
وكان أوبنهايم، قد قال في مقابلة أجرتها معه، صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، في الأيام الماضية، إن فجوة حدثت بين مضمون القرار 2216 الذي أصدره مجلس الأمن في العام 2015، والوضع على الأرض الذي يتغير يوميا، مضيفا أن ذلك سينعكس على أي تسوية سياسية مقبلة.
وقال الدبلوماسي البريطاني: "أعتقد أننا عند أي تسوية سياسية بين الأطراف نحتاج لقرار جديد"، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة اليمنية على ما صرح به ريتشارد أوبنهايم.
غير أن الحديث عن قرار أممي جديد ليس وليد اليوم، بل بات مطروحا منذ العام 2018، حيث حاولت لندن أن تتقدم به، لكن مساعيها قوبلت بالرفض حينها، إلا أن تجدد الحديث عنه اليوم، يأتي في ظل تحديات وجودية تعيشها الحكومة المعترف بها، وتآكل سلطتها لكيانات موازية مدعومة من دول التحالف بقيادة السعودية، تزامنا مع تراجع سيطرتها على معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها قبل أعوام، إذ يطرق الحوثيون أبواب محافظة مأرب الغنية بالنفط، آخر معاقلها في الشمال.
ويعد القرار 2216 الصادر في نيسان/ إبريل 2015، والذي أدان الانقلاب الذي قادته جماعة الحوثي بالتحالف مع الرئيس الراحل، علي عبدالله صالح، من المرجعيات التي تتمسك بها حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، إلى جانب المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار كإطار لأي تسوية سياسية قد تنهي الحرب في البلاد.
اقرأ أيضا: التحالف ينشر لقطات لاستهداف زوارق وآليات حوثية (شاهد)
"العالم ينظر للوقائع"
وفي هذا السياق، يقول السياسي والدبلوماسي اليمني السابق، مصطفى النعمان إن العالم دائما، ينظر إلى الحقائق المجردة على الأرض ويتعامل معها كأمر واقع بدون إسقاط لمشاعر أو عواطف.
وأضاف النعمان في حديث خاص لـ"عربي21": "ومن هنا؛ فلا بد الاعتراف بعدة عوامل تغيرت كليا منذ صدور القرار 2216، مؤكدا أن منها الأهداف التي قيل إن الحرب اندلعت لتحقيقها ولم يتم إنجاز أي منها، بل إنها على العكس صارت المطالبة بها غير معقولة ولا مقبولة".
وأشار الدبلوماسي اليمني السابق إلى أن تآكل دور الشرعية وضعفها وفسادها يجعل منها طرفا لا وزن له على طاولة المفاوضات التي يدعو إليها المجتمع، فليس معها ما تساوم عليه أو تضغط به غير مجموعة وثائق تسميها مرجعيات لا تساوي شيئا بدون قوة تفرضها.
ومن العوامل التي تغيرت ـ بحسب السياسي النعمان ـ أن هناك قوى جديدة ظهرت على الأرض مثل المجلس الانتقالي وقوة عسكرية في الساحل الغربي، متابعا القول: "وهاتان القوتان ترتبطان ماليا وتسليحا بدولة الإمارات وقرارهما ليس مستقلا على الإطلاق".
ولفت إلى أن التحالف الذي نشأ في بدايات الحرب لم يتبق إلا ثلاث أو أربع دول تشارك فيه فعليا، ما يضع عبئا ماديا وسياسيا وعسكريا على الرياض (قائدة التحالف) وحدها.
وأوضح السياسي والدبلوماسي السابق أن جماعة أنصار الله الحوثية تمكنت من فرض سيطرتها على أغلب المساحة الجغرافية في ما كان يعرف باليمن الشمالي، وصارت تشكل مصدر خطر حقيقي على حدود السعودية وداخلها.
وقال: "هذه العوامل مجتمعة تؤدي منطقا إلى أن القرار 2216، ما عاد يمكن أن يمثل حلا"، معتبرا أن تمسك الشرعية اليمنية به، صار هو حبل نجاتها، لكنه في الواقع ما عاد مجديا ولا يمكن تطبيقه.
اقرأ أيضا: تفاصيل تفاهمات بين الجيش اليمني بتعز وقوات تدعمها أبوظبي
"حماس بريطاني أمريكي"
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الناصر المودع، أن هذه الأفكار متداولة من فترة طويلة، ويبدو الآن أن هناك حماسا لمثل هذا القرار من جهة الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الكبرى.
وقال المودع في حديث لـ"عربي21": "مع ذلك، فإنه ليس من السهل إصدار قرار بديل عن قرار 2216".
وتابع: "فالسعودية لن تقبل ببديل عن هذا القرار وفق ما يتمناه من يطرحه، لأن القرار البديل سيخدم الحوثيين ومن ورائهم إيران، وسيشرعن وجودهم بشكل أو بآخر".
وأشار السياسي اليمني إلى أنه قد يقترح آليه لاقتسام السلطة في اليمن بين القوى المسيطرة على الأرض، لافتا إلى أن "هذه الآلية لن توقف الحرب ولكنها ستنقلها إلى مربعات جديدة".
وفي كل الأحوال، يضيف المودع أنه "باستبدال القرار المذكور أو الإبقاء عليه، فإن اليمن سيستمر في حالة الفوضى والحرب".
وأوضح أنه ليس هناك من حلول جاهزة أو يمكن تمريرها لوقف الحرب في اليمن، مؤكدا أن وضع اليمن يشوبه عدد من الأزمات الدولية، والتي تبقى عصية على الحل القادم من مجلس الأمن.
وأردف: "فالتعقيدات التي تغلف هذه الحرب تجعلها باقية ومستمرة، لأن وقودها متوفر وتموله دول المنطقة"، مبينا أنه "ليس في الأفق ما يشير إلى أن هذه الدول ستتوقف عن التمويل".
وكان مبعوث الولايات المتحدة إلى اليمن، تيم ليندركينغ، شدد في أحدث تصريحات له، قبل أيام، على أن واشنطن ملتزمة بإنهاء الحرب في اليمن في أسرع وقت.
ومؤخرا، كثفت واشنطن ولندن تحركاتها سياسيا وعسكريا، في الملف اليمني، إذ ارتفعت حدة الضغوط على السعودية التي تقود التحالف ضد جماعة الحوثيين، التي لم ترضخ لدعوات وقف تصعيدها العسكري نحو مدينة مأرب التي تؤوي نحو مليوني نازح، في مؤشر على استمرار الجماعة في رهاناتها العسكرية للحسم.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، صوّت الكونغرس الأمريكي على مشروع قرارات وتعديلات تمنع تقديم أي دعم عسكري للمملكة العربية السعودية، التي تقود التحالف في اليمن، وإنهاء الدعم اللوجيستي الأمريكي، ونقل قطع الغيار للطائرات المقاتلة السعودية التي تنفذ غارات جوية.
التحالف: تدمير مسيرة مفخخة أطلقتها "الحوثي" نحو السعودية
صفقة تبادل أسرى بين الجيش اليمني والحوثي.. ومعارك بمأرب
ابن سلمان يلتقي سوليفان ويذكّر بمبادرة إنهاء أزمة اليمن