قالت صحيفة "
واشنطن بوست" إن
التحركات
الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة لتصنيف جماعات حقوق الإنسان الفلسطينية،
كمنظمات إرهابية والموافقة على بناء وحدات سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية،
أدى إلى احتكاكات مع أمريكا وداخل التحالف الحاكم لإسرائيل.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته
"عربي21" إن إعلان وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس الذي استهدف
المنظمات الفلسطينية الست، مما سمح للسلطات الإسرائيلية بتجميد أموالها وربما
اعتقال قادتها، توبيخا نادرا لها من وزارة الخارجية الأمريكية، التي اشتكت من أنها
فوجئت وطلبت الاطلاع على الأدلة، وراء القرار.
وتلا ذلك مزيد من الانتقاد الحاد بعد أن أعطت
الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر لحوالي 3000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات
الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية
الأمريكية نيد برايس: "نعارض بشدة توسيع المستوطنات، وهو أمر يتعارض تماما مع
جهود خفض التوترات وضمان الهدوء، وهو يضر بآفاق حل الدولتين".
وتؤدي هذه التحركات أيضا إلى توتر ائتلاف رئيس
الوزراء نفتالي
بينيت الموسع قبل إجراء تصويت في البرلمان على ميزانية حكومية، مما
يزيد من احتمال انقسام الائتلاف الصعب بين الأحزاب اليمينية واليسارية والعربية
بعد أشهر فقط من انتزاعه السلطة من بنيامين نتنياهو.
تولت هذه الأطراف السلطة وتعهدت بتنحية القضايا
الساخنة جانبا للتركيز على تعافي إسرائيل من الوباء واستعادة إجراءات الحكم
المنتظمة بعد أكثر من عامين من الجمود السياسي. تمتعت الحكومة الجديدة بشهر عسل
لمدة أربعة أشهر، وحصلت على إشادات على انخفاض حالات الإصابة بفيروس كورونا دون
إغلاق وطني آخر.
قال مردخاي كرمنيتسر، الزميل في المعهد
الإسرائيلي للديمقراطية: "في الواقع، إن حقيقة أن الائتلاف كان ناجحا حتى
الآن هو معجزة.. هذا تحالف المتطرفين، من اليسار واليمين".
لكن الهدوء النسبي تبخر في أواخر هذا الشهر.
شعر أعضاء التحالف اليساريون بالغضب من خطوة تصنيف المنظمات الفلسطينية الحقوقية
كمنظمات إرهابية، وقال هؤلاء المشرعون إنهم لم يتم إبلاغهم مسبقا. وحذروا من أن
الوحدة الهشة للتحالف لا يمكن أن تصمد أمام العمل الإيديولوجي المستقل.
أمام الكنيست، حتى 4 تشرين الثاني/ نوفمبر
لإقرار الميزانية النهائية، وإلا فيجب تلقائيا إجراء انتخابات جديدة. أدى الفشل في اعتماد الميزانية إلى انهيار الائتلاف
السابق في نهاية عام 2020، مما أدى إلى انتخابات إسرائيل الرابعة خلال عامين فقط.
وقال زعيم حزب العمل إن خطوة غانتس أضرت
بعلاقات إسرائيل مع واشنطن وأوروبا. واتهم حزب ميرتس اليساري غانتس باسترضاء
القوميين اليمينيين. وقال وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج في مقابلة مع صحيفة
معاريف: "ميرتس لن تكون في حكومة من هذا النوع".
قال أعضاء الائتلاف إنهم أخطأوا أيضا بقرار
الموافقة على الوحدات الاستيطانية الجديدة، والتقى العديد من المشرعين مع بينيت
للشكوى من سلسلة المفاجآت، وفقا لتقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وأكد دبلوماسي في المنطقة مطلع على الوضع،
التقارير التي تفيد بأن إدارة
بايدن أبلغت المسؤولين الإسرائيليين بغضبها بشأن
البناء المخطط له. كانت الإدارة مستاءة ليس فقط لأن إسرائيل تجاهلت معارضة الرئيس
بايدن الصريحة للتوسع الاستيطاني، ولكن أيضا لأن العديد من الوحدات الجديدة ستكون
في بؤر استيطانية عميقة في الضفة الغربية وليس فقط في المستوطنات المقامة بالقرب
من القدس.
وقال هذا الدبلوماسي إن المسؤولين في العديد من
الحكومات الأجنبية شعروا بالحيرة من تصرفات إسرائيل الأخيرة وتوقيتها. شمل تصنيف
جماعات حقوق الإنسان، على سبيل المثال، "الحق"، وهي منظمة عمرها 40 عاما
تعاونت مع الحكومات الغربية وجماعات المناصرة الدولية.
وقالت كارين رايان، كبيرة مستشاري حقوق الإنسان
في مركز كارتر في أتلانتا: "لقد عملنا بشكل وثيق مع شعوان جبارين، رئيس مؤسسة
الحق منذ عقود.. لدينا ثقة في عمل الحق".
وقد وجهت المنظمة انتقادات شديدة للاحتلال
الإسرائيلي، لكنها وثقت أيضا حالات مزعومة للاعتقال غير القانوني والتعذيب على
أيدي قوات السلطة الفلسطينية. وشاركت المنظمة في حمل المحكمة الجنائية الدولية على
فتح تحقيق في الأعمال الإسرائيلية والفلسطينية.
ونفى جبارين، "متحدثا من مكتبه في رام
الله، أي علاقة له بجماعات إرهابية. قال إنه كان في طريقه إلى لاهاي للقاء المحكمة
عندما تلقى أنباء عن التصنيف الإسرائيلي. واتهم إسرائيل بمحاولة إسكات جهود منظمته
الدولية".
وقال جبارين: "أعتقد أننا تجاوزنا الخط
الأحمر في السعي وراء هذا النوع من المساءلة".
ورفض غانتس الانتقادات، وأصر على أن الحكومة "لديها
دليل على أن مؤسسة الحق، مثل الجماعات الأخرى، هي "ذراع للجبهة الشعبية
لتحرير فلسطين"، وهي حركة ماركسية لينينية ذات جناح مسلح قام بالعديد من
الهجمات المميتة على المدنيين. وأرسلت إسرائيل مبعوثين إلى واشنطن لعرض قضيتها ضد
المنظمات".
وردا على انتقادات من وزيرة النقل ميراف
ميخائيلي، رئيسة حزب العمال، اقترح حزب غانتس أزرق وأبيض أن "لا تتدخل في
الحرب على الإرهاب".
وقالت ميري إيسين، ضابطة مخابرات كبيرة سابقة
في الجيش الإسرائيلي، إن تصنيف المنظمات على أنها منظمات إرهابية كان محتملا
لسنوات، بعد تحقيقات مكثفة. وقالت إيسين: "هناك ضلوع لأفراد مرتبطين بالجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين، وهي بالتأكيد منظمة إرهابية.. الاتصال موجود".
لكنها تساءلت عن توقيت الإعلان وطريقة نشره. وقالت: "هناك غموض في الطريقة التي تعاملت بها إسرائيل مع الأمر".
وقال مراقبون سياسيون في إسرائيل إن الفجوات
الآخذة في الاتساع في الائتلاف ربما لم تكن كافية بعد لجعلهم يتغاضون عن سبب
اتفاقهم جميعا على توحيد الجهود في المقام الأول: الإطاحة بنتنياهو. رئيس الوزراء
منذ فترة طويلة، زعيم المعارضة الآن، الذي كان مسرورا بالاقتتال الداخلي في
الائتلاف ودعا أنصاره إلى "الخروج إلى الشوارع" احتجاجا.
قال أودي سومر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة
تل أبيب، إن كل واحدة من تغريداته هي تذكير لأعضاء الائتلاف المتوترين. وقال: "من الواضح جدا أنه في حالة انهيار الائتلاف، سيتولى نتنياهو منصبه مرة
أخرى".