قضية حي الشيخ جراح سياسية بامتياز، ومحاكم الاحتلال ليست سوى أداة في خدمة المؤسسة الحكومية الإسرائيلية، لتنفيذ مخططاتها في دولة فلسطين بشكل عام ومدينة القدس المحتلة بشكل خاص، ومعركة الشيخ جراح هي معركة مستمرة في ظل إحياء مأساة وعد بلفور، التي ما زالت مستمرة إلى هذا الوقت، وكانت السبب الرئيس للوضع القائم حاليا، وتمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه هو الأساس في هذه المعارك والتضامن الدولي والعربي، والوقوف مع الحق ومع أهالي الشيخ جراح أصحاب المكان الحقيقيين في كل ما يرونه مناسبا، لترسيخ وتثبيت وجودهم الأصيل في منازلهم التي يقيمون فيها منذ عقود طويلة، ورفض مخططات التهجير العرقي الإسرائيلية.
الشعب الفلسطيني يقف أمام حقائق
تاريخية، ووقائع النكبة، ووعد بلفور، وما ترتب على هذا الوعد من ارتكاب للظلم
التاريخي، وتواصل أعمال الإرهاب الإسرائيلي المنظم، وصولا إلى تهجير السكان من أراضيهم
في حي الشيخ جراح، لا يمكن هنا لأحد أن يتجاهل تلك الوقائع على الأرض؛ إذ لا بد من
مساندة ودعم صمود أهالي الشيخ جراح، وذلك في ضوء ما يتعرضون له من انتهاكات خطيرة، وما تواجهه مدينة القدس من مخاطر كان آخرها الأخطار بالاستيلاء والسرقة لقطعة أرض
ممتدة على مساحة 4700 متر مربع في الحي من أجل إقامة حديقة عامة.
ولعل ضرورة الالتزام الدولي وتنفيذ
التعهدات الصادرة عن الأمم المتحدة بما يتعلق بالحقوق التاريخية الخاصة بالشعب
الفلسطيني، يعكس أهمية استمرار دعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة خاصة مع تزامن
الذكرى الـ 104 لإعلان بلفور، ولتشكل في هذه المناسبة علامة سوداء في تاريخ
الإنسانية وضميرها، وانتكاسة لقيم الحرية والعدالة وبداية النكبة الفلسطينية
المستمرة بكامل أبعادها، نتيجة إنشاء دولة الاحتلال الاستعماري القائمة على سياسات
العدوان والتهجير القسري والتطهير العرقي والاستيطان والتهويد، والاستيلاء على
الأرض وتدمير الممتلكات وإنكار الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
وفي ظل استمرار فصول المأساة
الفلسطينية، لا بد من قبل المجتمع الدولي وضع حد للمخاطر الصعبة التي يواجهها الشعب
الفلسطيني، وأهمية تجديد الالتزام الدولي بدعم نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه
المشروعة، وضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته التاريخية والقانونية
والسياسية في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه
غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في العودة وإقامة دولته المستقلة على حدود
الرابع من حزيران لعام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وتحقيق رؤية حل الدولتين
استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
المجتمع الدولي ودول الاتحاد الأوروبي
وتحديدا دولة بريطانيا، باتت مطالبة بأهمية الاعتراف بدولة فلسطين، كجزء آخر من
تكفيرها عن هذا الإثم والعدوان الذي ارتكبته بحق الشعب العربي الفلسطيني، وما لحق
به من عذابات وظلم تاريخي ما زال قائما ومتواصلا، ووضع حد لأطول احتلال يعرفه
العالم، ويشكل الاعتراف الدولي بدولة فلسطين بداية لتصحيح مسار إعلان بلفور الظالم
ولوضع حد لمشاريع الاستيطان والاستيلاء على أراضي الشيخ جراح، ولمساعدة شعبنا
وتمكينه من نيل حقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، وحقه في العودة وتقرير المصير
وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، ولا بد من تواصل الجهود الدولية الدبلوماسية
من أجل العمل على وقف كل أشكال العدوان واتخاذ المجتمع الدولي لقرارات خاصة ينصف فيها
الشعب الفلسطيني، ويضع حدا لإعلان وتصريح بلفور المشؤوم وما نتج عنه من تشريد
وويلات حلت بالشعب الفلسطيني.