اضطرت
الحكومة المصرية للمرة الأولى إلى إعلان سعر توريد القمح المحلي للموسم المقبل مسبقا،
ورفعته إلى 820 جنيهاً للأردب (يساوي 150 كغم) لأعلى درجة نظافة بأعلى من الأسعار العالمية
الحالية، مقابل 725 جنيها الموسم الماضي بارتفاع قدره 13 بالمئة (الدولار يساوي
15.70 جنيه).
يأتي
قرار الحكومة بناء على توصيات وزارة الزراعة والتموين في ظل الارتفاع الحاد في أسعار
القمح عالميا مع استمرار التوقعات العالمية بوجود نقص في حجم إنتاج القمح العالمي الموسم
المقبل، ما دفع الحكومة إلى إعلان أسعار التعاقد قبل بدء موسم الزراعة وليس عند الحصاد
كما جرت العادة.
المثير
في الأمر، أن الحكومة ترفض دائما مطالب الفلاحين بإعلان أسعار تعاقدية مسبقة للمحاصيل
الزراعية من أجل تشجيعهم على زراعة محاصيل بعينها خاصة تلك الاستراتيجية والمكلفة،
ولكنها هذه المرة بادرت بإعلان الأسعار من أجل زيادة المساحة المزروعة، ويبدأ موسم
زراعة القمح منتصف الشهر الجاري وينتهي في نيسان/ أبريل".
وانتقد
خبراء ومتخصصون في حديثهم لـ"عربي21" مسارعة الحكومة لإعلان السعر مسبقا
عندما رأت أن مصلحتها مع هذا الأمر، ولكن عندما كان يتعلق بالفلاح كانت ترفضه، مشيرين
إلى أن السعر المحلي لطن القمح سيكون 5400 جنيه، وهو القمح المصري أعلى جودة عالميا،
وهو نفس سعر طن القمح الروسي (الرديء)، ومع توقعات بارتفاع الأسعار مجددا الموسم المقبل
فإن السعر الحكومي المعلن مجحف.
وتستورد
مصر نحو 12 مليون طن من القمح سنويا (حكومي وخاص) وتستهلك قرابة الـ18 مليون طن من بينها
نحو 9 ملايين طن لإنتاج الخبز المدعوم الذي يُصرف على البطاقات التموينية لإنتاج ما
يقرب من 270 مليون رغيف يوميا.
ومن
المتوقع أن ترتفع فاتورة استيراد القمح نحو مليار دولار، وأن تصل قرابة 4 مليارات دولار
مقارنة بنحو 3 مليارات نتيجة ارتفاع متوسط أسعار طن القمح الروسي والأوكراني والروماني
(الرديء) 100 دولار على الأقل، حيث وصلت الأسعار إلى أعلى مستوى منذ عام 2012.
استغلال
أزمة القمح
وحذر
مستشار وزير التموين الأسبق إسماعيل تركي، من قيام الحكومة بتحويل الأزمة إلى فرصة،
ورفع سعر الخبز المدعم، استجابة لرغبة رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيبسي، وقال:
"خفض دعم رغيف الخبز أصبح مسألة وقت وسيكون كبيرا، والحكومة تسعى لخفضه من أجل
تخفيف الضغط على الموازنة".
في آب/
أغسطس الماضي، قال السيسي، إن الوقت حان لزيادة سعر رغيف الخبز المدعم، وإعادة تسعيره
مرة أخرى، مشيرا إلى أن "رغيف الخبز يكلف الدولة 65 قرشا (3.9 سنت)، وهذا الأمر
(الدعم) يجب أن يتوقف".
وانتقد
في حديثه لـ"عربي21" السعر الحكومي المعلن للقمح، وقال إن "السعر الذى
حددته الحكومة هو سعر القمح الأقل جودة من القمح المصري الآن والذى من المنتظر أن يرتفع
خلال الفترة القادمة نظرا لشح المعروض من القمح والحبوب بصفة عامة".
وأضاف:
"لجأت الحكومة لإعلان السعر مسبقا لضرب عصفورين بحجر واحد؛ الأول وهو من أجل تشجيع
الفلاح على زراعة القمح، أما الثاني فهو الحصول على القمح من الفلاح بأقل من السعر
العالمي".
تخبط
الحكومة مع الأسعار
تستورد
مصر -أكبر مستورد للقمح في العالم- معظم احتياجاتها من القمح الروسي، وتعد روسيا أكبر
مصدر للقمح في العالم، ولكن مع تنامي الطلب وتراجع الإنتاج وفرض قيود على التصدير قفزت
الأسعار بقوة، وبلغت الأسعار للتوريد في النصف الثاني من تشرين الأول/ نوفمبر 324 دولارا.
واضطرت
الحكومة المصرية، للمرة الرابعة، إلى إلغاء مناقصة عالمية للقمح بسبب ارتفاع الأسعار
حيث كان من المقرر شحن الكميات المطلوبة في المناقصة، خلال الفترة ما بين 23 تشرين
الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر.
اشترت
مصر في آخر مناقصة 240 ألف طن من القمح الروسي والروماني بمتوسط سعر 320.51 دولار للطن
تسليم ظهر السفينة، و351.61 دولار للطن شاملة التكلفة والشحن.
السعر
العادل للقمح المصري
وصف
الإعلامي المصري المتخصص في الشأن الزراعي جلال جادو قرار الحكومة "بأنه خطوة
جيدة، لكن السعر غير مرض للفلاحين بسبب الزيادة الكبيرة فى سعر مدخلات الزراعة والارتفاع
الكبير في الأسعار العالمية التي يقيس عليها النظام تحديد السعر، إلى جانب أن القمح
المصري من أجود أنواع القمح".
وأضاف
في حديثه لـ"عربي21": "كان على الحكومة عندما أعلنت أسعار توريد القمح
للموسم المقبل أن تقول إن هذا سعر أولي أي قابل للتعديل لو زادت أسعار القمح عالميا
كما هو متوقع؛ فما زال أمامنا أكثر من 6 أشهر على حصاد القمح فى مصر، لكن يبدو أنها
استبقت الزيادة المتوقعة عالميا في أسعار القمح وحتى تتجنب تحديد سعر أعلى من ذلك فى
حال أجل الإعلان عن السعر للحصاد".
ورأى
جادو أن "السعر العادل لطن القمح هو 1200 جنيه للطن، ربما كان يغري الفلاحين للتوسع
في زراعة القمح هذا العام، لكن يبدو أن هذه مسألة لا تشغل بال النظام الحاكم الذي يفضل
القمح المستورد مهما علا سعره".
ولم
تعلن وزارة الزراعة حجم المساحة المزروعة بالقمح للموسم المقبل، ولكن ذهبت غالبية
التوقعات إلى زيادتها مقارنة بالموسم الماضي الذي بلغ 3.5 مليون فدان، وهي تعادل ثلث
المساحة الزراعية في مصر، وفق نقيب الفلاحين المصريين.
قناة السويس ترفع رسوم العبور بنسبة 6 % لجميع السفن
هل ينخفض الجنيه المصري في الذكرى الخامسة لتعويمه؟
للمرة الأولى منذ 2017.. ما دلالة عودة ودائع السعودية لمصر؟