لا تزال استغاثات أهالي
العريش شمال جزيرة شبه
سيناء تتوالى
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع إصرار الجيش
المصري على هدم منازلهم وتهجيرهم قسريًا
من المدينة.
أبو الفاتح الأخرسي، الصحفي المختص بالشأن السيناوي، تحدث
عن إخلاء مدينة العريش من سكانها وتهجيرهم، وقال إن "السيسي أصدر قرارا بإخلاء
جميع السكان والمباني في محيط دائرة قطرها خمسة كيلومترات حول مطار العريش لبناء منطقة
عازلة، ما أسفر عنه إخلاء الجزء الجنوبي بالكامل من المدينة من السكان والمزارع والمصانع".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد بينت في تقريرها الصادر في آذار/
مارس 2021 أنه من أجل بناء تلك المنطقة العازلة حول المطار فقد تم هدم أربعة آلاف مبنى في العريش،
بين 4 كانون الأول/ ديسمبر 2017 و1 تموز/ يوليو 2020.
وأوضح الأخرسي في لقاء عبر فضائية "مكملين" أن
إخلاء العريش يتم عبر ثلاث مراحل؛ المطار والميناء وما تبقى من المدينة، وأضاف: "بالنسبة
للميناء البحري بالعريش والذي كان مخصصا للصيد فقط، فإن القرار الجديد يقوم على توسعة
الميناء بطول المدينة شرق الميناء (مسافة 5 كيلومترات) مع اقتطاع جزء من المدينة حتى الشارع
الدولي (مساحة إجمالية 10 كيلومترات مربعة)".
وأضاف الأخرسي أنه تم "منع الصيادين من الصيد شرقا حتى
50 كيلومترا إلى الحدود الدولية في رفح، وكل القيود التي وضعت على الصيادين بدأت مع
عودة الجيش المصري في سيناء وتم نقل تبعية ميناء العريش من هيئة الموانئ إلى الجيش
مباشرة وأصبحت الهيئة الهندسية هي المتحكمة".
وعن الإخلاء البري في العريش قال الأخرسي: "قسّم السيسي
الجزء المتبقي من العريش إلى ثلاثة محاور رئيسية؛ شمالي وأوسط وجنوبي، تقطع العريش
بعرضها من أقصى الغرب لأقصى الشرق، وأصدر أمرا بإزالة جميع المباني والمزارع والمنشآت
على جوانب تلك المحاور".
وأضاف: "السيسي يعتبر العريش صفحة بيضاء يقوم
بتخطيطها كيفما شاء دون النظر إلى جود أهال ومصالح ومنشآت ومزارع".
وردا على ما يروج له نظام السيسي بأن تلك الإخلاءات من أجل
تطوير المنطقة، قال: "نقابة المهندسين الفرعية بالعريش حينما رأت أن الإزالات
تتم بطريقة عشوائية بدون تخطيط، عملوا مخططا بديلا بحيث تحقق الهدف من مخطط التطوير
مع الحفاظ على بيوت الناس وعقاراتهم، وذهبوا للعاصمة الإدارية الجديدة وقابلوا أحد
قيادات الهيئة الهندسية، وقال نقيب مهندسي شمال سيناء إنه تم التوافق على ذلك المخطط"،
ورغم ذلك فلا تزال الإزالات مستمرة.
وحول ما يدور حول الإتيان ببعض مواطني غزة وتوطينهم في سيناء
في إطار ما يسمى "صفقة القرن"، قال الأخرسي: "المنطقة العازلة التي
يتم إنشاؤها الآن هي من رفح والشيخ زويد نزولا إلى العريش، حيث تتم إزالة رفح والشيخ
زويد والآن العريش".
الجدل الدائر حول إزالات الجيش لمساكن العريش وتهجير سكانها
ليس بجديد، فمنذ 2013 أزال الجيش ما يقارب الـ12,350 مبنى، معظمها منازل، كان أحدث
جولاتها في منطقة العريش. وجرف الجيش وأفسد ومنع الوصول إلى ما لا يقل عن 6 آلاف
هكتار (نحو 14,300 فدان) من الأراضي الزراعية، معظمها منذ منتصف 2016، وفق ما أكدته "هيومن رايتس ووتش".
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها حول عمليات
التهجير في
سيناء، الصادر في 17 آذار/ مارس 2021، أن عمليات الهدم الواسعة التي يديرها الجيش في سيناء
وتدمير المنازل وسبل العيش والإخلاء القسري هي جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي
الإنساني وقوانين الحرب.
الجدل امتد إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدر وسم
"سيناء خارج التغطية" قائمة أعلى الوسوم تداولا عبر "تويتر"، وتداول
النشطاء خلاله العديد من استغاثات أهالي العريش وهم يتحدثون عن مكافحتهم لبناء منازلهم
لسنوات ولاستصلاح أراضيهم وزراعتها بما يحتاجونه من طعام لأن البنى التحتية في سيناء
كانت متهالكة لسنوات.
وتداول النشطاء والحقوقيون فيديوهات لأهالي العريش وهم يقبلون
تراب مدينتهم ويؤكدون أنهم يرفضون التهجير القسري الذي يصر الجيش على تنفيذه، موضحين
أن وضعهم قانوني وأنهم يمتلكون الأرض التي بنوا عليها منازلهم منذ عشرات السنين.
ووفق ما يؤكده بعض الحقوقيين فإن هناك سبعة آلاف أسرة معرضة
للتهجير القسري من العريش، فيما أكد البعض الآخر أنها 4500 أسرة.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن "أغلب عمليات الهدم استمرت
دون تحديد إحداثيات المناطق المراد هدمها رسميا، ودون إبداء أسباب تفصيلية محددة، ودون
وضع عملية تعويض عادلة"، مضيفة أن أغلب العائلات التي تم تهجيرها منذ 2013 لم
تحصل على تعويض حتى الآن.
في ذات السياق تداول النشطاء مقطعا صوتيا منسوبا للرئيس الراحل
المخلوع حسني مبارك، تحدث فيه عن مساومات أو ما سماه "محاولات جس النبض"
من الطرف الإسرائيلي حول إفراغ سيناء لتوطين سكان قطاع غزة فيها، وعلق مبارك -وفق
المقطع الصوتي- بقوله: "انس الموضوع ده، هتبقى مشكلة بينا وبينكم، انت عايز
تبدأ حرب بينا وبينك تاني، الحدود ولا أنا ولا اتخن مني يقدم لهم".