في ظل أزمة سياسية يشهدها العراق؛ نتيجة اعتراض قوى وأحزاب على نتائج الانتخابات البرلمانية، طرح زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم، "ورقة تسوية"، يحاول من خلالها الوصول إلى اتفاقات بين القوى الرئيسة؛ "للخروج من الانسداد السياسي" في البلد.
الحكيم أطلق مبادرته خلال منتدى حواري بعنوان "السلام والأمن في الشرق الأوسط"، عقدته الجامعة الأمريكية في مدينة دهوك، الاثنين، بحضور عدد من القيادات السياسية والرسمية، أبرزها الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس إقليم كردستان مسرور البارزاني، وشخصيات سياسية من بغداد.
"ورقة تسوية"
مبادرة الحكيم تجمع كل القوى الفائزة على مستوى المقاعد أو الأصوات، والمتقبل للنتائج أو المعترض عليها، والقوى الكبيرة أو الناشئة الشبابية والمستقلة، لوضع صيغة تفاهم تفضي إلى إعادة التوازن للعملية السياسية من خلال اتفاق وطني جامع، متبنى من الجميع، بآليات ونقاط وتوقيتات واضحة وعملية.
وأوصى زعيم تيار "الحكمة" بضرورة التزام جميع الأطراف بالآليات القانونية والسلمية في الاعتراض والتفاوض، واعتبار الدم العراقي خطا أحمر لا يجوز تجاوزه من قبل الجميع.
وكذلك دعا إلى الالتزام بالحوار الوطني المستقل، بعيدا عن التدخلات الخارجية بكافة أنواعها وأطرافها، وضرورة معالجة جميع المقدمات والمخرجات الانتخابية في أي اتفاق قادم.
اقرأ أيضا: طرح العبادي مجددا لقيادة حكومة العراق المقبلة.. ما حظوظه؟
وحث الحكيم على وضع آليات واضحة لحل الخلافات أثناء وبعد تشكيل الحكومة، ورفع الفيتو المسبق، وعقلنة سقوف التفاوض من قبل جميع الأطراف، فضلا عن إبداء أعلى درجات المرونة والاحتواء والتطمين لكافة الأطراف المشاركة في التفاوض.
وشدد على ضرورة احترام خيارات الأطراف التي ترغب بالمشاركة أو المعارضة أو الممانعة حكوميا أو برلمانيا، وكذلك تقسيم الأدوار بين الحكومة والبرلمان القادم، من حيث تمكين الفائزين في الحكومة كما المعارضين والممتنعين في البرلمان، لإيجاد حالة من التوازن السياسي.
لكن وسائل إعلام عراقية كشفت، الثلاثاء، عن تفاصيل المبادرة التي قدمها زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، حيث قالت إنها تتضمن إلغاء قانون الانتخابات متعدد الدوائر، وحلّ المفوضية العليا للانتخابات، وإلغاء العمل بالتصويت الإلكتروني، والتعامل بالفرز اليدوي.
وتحدد المبادرة إجراء انتخابات برلمانية بعد سنتين، على أن يجري حاليا اختيار رئيس وزراء "توافقي"، فضلا عن الحفاظ على تشكيل "الحشد الشعبي"، وعدم المساس به أو بقانونه، إضافة إلى تشكيل مجلس استشاري سياسي يرسم القرار السياسي.
"المستحيلات السبعة"
من جهته، قال الخبير بالشأن العراقي، مؤيد الجحيشي، لـ"عربي21"، إن "مبادرة الحكيم التي تتضمن سبع نقاط أراها من المستحيلات، فهي غير قابلة للتطبيق، وإن طرحها مجرد تمرير للوقت لحين يوم 29 من الشهر الجاري، موعد اجتماع إيران ومجموعة أربعة زائد واحد".
وأوضح الجحيشي أنه "لا يوجد أي قوى سياسية تستطيع تنفيذ بنود مبادرة الحكيم، لو أنه طرح نقطتين منها ربما تناقش أو يجري المتفاوضات عليهما لمريرها، لكن بهذه الصيغة أنا اعتبرها جميعها مستحيلات سبعة، غير قابلة للتطبيق".
ورأى الخبير العراقي أن "طرح المبادرة هو محاولة لإقناع جماهير القوى الخاسرة بأنهم يعملون على إيجاد حل للأزمة وتحصيل الحقوق، وكذلك يبررون تأخير إعلان نتائج الانتخابات النهائية، لأنه بمجرد إعلانها قبل التوصل إلى اتفاقات، فإن الأمور تكون قد حسمت ساعتها".
ولفت إلى أن "الحكيم حصل على مقعدين، وبذلك انتهى كقوة برلمانية، فمن المتوقع أن يذهب للانضمام مع التيار الصدري بعد إعلان نتائج الانتخابات النهائية، فكل شيء غير مستبعد خلال المرحلة المقبلة".
وأشار الجحيشي إلى أن "الإطار التنسيقي الشيعي غير متجانس، فهو مجرد تجمع للخاسرين، إذ من المستحيل أن ينضم الولائيين (قوى موالية لإيران) تحت عباءة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وكذلك الحال مع حيدر العبادي رئيس تحالف النصر، لذلك لا يوجد ما يجمعهم سوى الخسارة".
ونوه إلى أن "الإطار التنسيقي الشيعي ليس جميعه مع مبادرة عمار الحكيم، لأنه رغم اتفاق الكثير مع المجيء برئيس وزراء توافقي، وإجراء انتخابات بعد عامين، لكن المالكي ليس مع إعادة الانتخابات كونه فائزا، بل وجوده مع قوى الإطار للحصول على رئاسة الحكومة".
تبرير الخسارة
وفي السياق ذاته، قال الخبير السياسي والقانون العراقي، طارق حرب، لـ"عربي21"، إن "المبادرة مستحيلة التحقيق، فهي عبارة عن أمنية أو رجاء، لأن كل ما ورد فيها مرهون تحقيقه من عدمه بالبرلمان الجديد".
اقرأ أيضا: احتجاجات في بغداد ضد نتائج الانتخابات.. وغلق المنطقة الخضراء
وتابع: "فهل من المعقول أن يفرط بمفوضية الانتخابات التي أوصلته إلى الكراسي، وكذلك مع قانون الانتخابات، إضافة إلى أنه لا يمكن أن يحل نفسه بعد عامين ويجري انتخابات جديدة".
وأكد حرب أن "مجلس الأمن الدولي والعالم كله يتعامل مع البرلمان العراقي الجديد، وأن من طرح المبادرة لا بد أن يبرر خسارته في الانتخابات الأخيرة، لا سيما أمام قيادات قريبة منه كانت قد شكلت أحزابا عدة وشاركت بالانتخابات، لكنها لم تفز أيضا".
وأشار إلى أن "الأمور الآن في العراق لا حساسة ولا خطيرة، لأن الكتلة البرلمانية الأكبر ليس لها قيمة في هذه الانتخابات، لأنه لأول مرة تحصل كتلة شيعية وحدها على 74 مقعدا، وبالتالي هي من تشكل الحكومة".
وأردف: "كذلك اليوم المكون السني لم يعد متفرقا مثل السابق، ولديهم الآن تحالف (تقدم) برئاسة محمد الحلبوسي، وكذلك الأكراد لم يعودوا متفرقين، لأن لديهم الحزب الديمقراطي الكردستاني حصل على مقاعد أكبر".
ورأى حرب أن "الأمور حاليا تسير نحو تشكيل حكومة فائزين، من التيار الصدري، وتقدم، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وأن مصطفى الكاظمي سيكون رئيسا للوزراء لولاية ثانية، والحلبوسي رئيسا للبرلمان مجددا، والقيادي الكردي هوشيار زيباري رئيسا للجمهورية".
هل تقف نتائج الانتخابات وراء أحداث ديالى العراقية؟
تحالف مرتقب يمثل "تشرين" ببرلمان العراق.. هل يغير الموازين؟
8 شخصيات تتنافس على رئاسة الوزراء بالعراق.. هذه فرصهم