على نحو غير مسبوق، تكثف
المليشيات والمنظمات
المدعومة من
إيران في
سوريا أنشطتها غير العسكرية في ريف
دير الزور الشرقي،
مستهدفة بالدرجة الأولى النساء والأطفال.
فبعد نجاح المليشيات في تثبيت وجودها العسكري،
اتجهت مؤخراً نحو زيادة الأنشطة المجتمعية بهدف تأسيس موطئ قدم لها.
وفي هذا السياق، خرّج المركز الثقافي الإيراني
في مدينة البوكمال شرقي دير الزور، الدفعة الأولى من الممرضات، في حين أعلنت
مليشيات إيرانية أخرى عن افتتاح باب التطوع للنساء في مهمات غير قتالية.
وأكد الصحفي صهيب الجابر من شبكة "فرات
بوست"، أن المليشيات الإيرانية ألحقت الممرضات بالنقاط الطبية التابعة لها في
ريف دير الزور الشرقي، مشيراً إلى تكثيف الحرس الثوري الإيراني للندوات والمحاضرات
العامة والنسائية في عموم مناطق دير الزور.
وتابع الجابر، بالإشارة كذلك إلى فتح المجال
أمام النساء للعمل في تدريس الأطفال في الروضات الممولة من الحرس الثوري الإيراني.
وقال، بعد سيطرة المليشيات على دير الزور
وريفها، كانت الأنشطة التي تستهدف النساء متواضعة جداً، وتقتصر على الزيارات
المنزلية التي تجريها نساء الشيعة بهدف تشييع العائلات، مستدركا بقوله: لكن اليوم
بدأت المليشيات بتنويع أساليبها لجذب النساء، عبر الوظائف الممولة من المنظمات
الإيرانية التي اكتسحت المنطقة، وفي مقدمتها منظمة "جهاد البناء".
والهدف من كل ذلك، بحسب الجابر زيادة التغلغل
داخل المجتمع المحلي لتأسيس قاعدة شعبية محلية "شيعية" في دير الزور،
مضيفا: "تتبع المليشيات الأساليب الناعمة، لتحقيق هذا الغرض، وحتى لو كان
تنفيذ ذلك يتطلب وقتاً طويلاً".
استراتيجية طويلة الأمد
من جهته، يقول الكاتب المهتم بالشأن الإيراني،
عمار جلو، إن إيران والمليشيات التابعة لها تعمل وفق سياسة النفس الطويل لبناء جيل
مجتمعي يؤمن بمشروعها الديني السياسي، حتى يكون هذا الجيل حاملاً للمشروع الفارسي
المطعم بالفكر المذهبي.
ويضيف لـ"عربي21" أن "إيران
تعمل على خلق الحاضنة الشعبية، بتطويع النساء والرجال لغايات مدنية أو عسكرية
ولكنها بالمحصلة كلها تصب في خدمة المشروع العسكري الفارسي الشيعي"، وفق
تأكيده.
وحسب جلو، فإن الجيل المطلوب إيرانياً يحتاج
إلى مربين ومربيات، للقيام بمهامه في زمن قادم، كذلك التمريض وسواه كلها لغاية
مشروع المد الإيراني في المنطقة، مختتماً بقوله: "هذا البناء المجتمعي الذي
تخطط له إيران، سيكون مخلبها الباقي في دولنا بعد خروجها من المنطقة بإرادتها أو
العكس".
وهنا أشار جلو، إلى الاتفاقيات في المجالات
الثقافية والتعليمية التي توقعها إيران تباعاً مع النظام السوري، وآخرها اتفاقية
التعاون بين الجامعات السورية والإيرانية في مجال البحث والإنتاج والمشاريع
العلمية والمعرفية.
وفي وقت سابق من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي،
وقعت جامعتا دمشق وطهران مذكرة تفاهم تضمن الأسس الأولية لجميع الاتفاقيات اللاحقة
بين الطرفين في مجال الاختصاصات الدراسية، وكذلك زيادة عدد المنح الدراسية للجانب
السوري وإقامة مشاريع بحثية مشتركة.
وبحسب مراقبين فإن إيران المسيطرة على جزء كبير
من قرار حليفها النظام السوري، تخطط لإطالة وجودها في سوريا، بالاعتماد على
استراتيجيات غير عسكرية، مستفيدة من تواطؤ النظام، وحالة الفقر وتردي الأوضاع
المعيشية في البلاد التي أنهت فيها الحرب عقدها الأول.