ما زالت
المخاوف الإسرائيلية من الأخطار التي تمثلها الحدود الجنوبية مع قطاع
غزة قائمة، لا سيما
إمكانية استمرار مشروع الأنفاق الذي تهدد به قوى
المقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وفرضية
تسلل مقاومين باتجاه المستوطنات الإسرائيلية الجنوبية، ما قد يسفر عن سقوط خسائر إسرائيلية:
بشرية وأمنية.
في الوقت
ذاته، شكلت هذه المخاوف دافعاً لدى المؤسسة العسكرية للاحتلال للشروع في مشروع لإقامة
جدار تحت أرضي للتصدي لهذه الأنفاق، التي زادت خطورتها منذ حرب الخمسين يوما في
2014، وشهدت تنفيذ عدة عمليات مسلحة، نجمت عن سقوط قتلى إسرائيليين.
أمير
بوخبوط الخبير العسكري الإسرائيلي ذكر في تقرير على موقع واللا الإخباري، ترجمته
"عربي21" أن "الجيش الإسرائيلي أعلن الانتهاء من بناء الجدار الحدودي
الذي يهدف لإحباط خطر الأنفاق الهجومية، وقد بدأ العمل به منذ ثلاث سنوات ونصف، ويضم
عوائق سطحية وبحرية تجمع مختلف أشكال التكنولوجيا المتقدمة، وقد واجه خلال مسيرة إنشائه
عشرات الأنفاق".
ونقل
عن الجنرال عيران أوفير رئيس مديرية الحدود والمدرعات في الجيش أن "نهاية مشروع
الجدار الحدودي أسفرت عن بناء 65 كلم بمحاذاة الحدود، وكشف عشرات الأنفاق، وبلغت تكلفته
3.5 مليار شيكل (1.1 مليار دولار)، واصفا إياها بالعملية المعقدة للغاية من النواحي التشغيلية والهندسية
والأدائية، لكنه وسيلة أخرى للتسييج، حيث يحيط الجدار بقطاع غزة بأكمله، وفي شمال القطاع
يستمر الجدار في البحر أيضا".
جاءت
فكرة الاحتلال بإقامة مشروع الجدار مع غزة بعد أن شن 15 عدوانا، وانخرط في المشروع
1200 عامل، معظمهم من دول حول العالم وأوروبا.. وبلغة الأرقام فإن طول الجدار 65 كم،
وارتفاعه عن سطح الأرض 6 أمتار، وتحت الأرض بعشرات الأمتار، ونظام العمل شمل 28 مصنعا،
بحيث وقفت ألف شاحنة واحدة تلو الأخرى، وكمية الخرسانة أكثر من مليوني متر مكعب، ما
يعادل 220 ألف شاحنة، وكمية الحديد 140 ألف طن من الحديد والصلب المستورد من أستراليا.
في الوقت
ذاته، لا تتردد المحافل العسكرية الإسرائيلية بالاعتراف بأن مشروع الجدار الحدودي مع
غزة ليس مثاليا، لأنه لا توجد مؤشرات على أن أجزاء السياج تشمل كل حدود القطاع بحذافيره،
لأن رغبة المقاومين تتركز في القدرة على الوصول إلى المستوطنات على بعد 200 متر من الحدود
الشرقية والشمالية لقطاع غزة مع الاحتلال، ورغم ذلك فإن هناك نقاط ضعف في مشروع الجدار
الحدودي، مع أنه من حيث المبدأ بات يمثل عقبة كبيرة للغاية أمام المقاومة.
من
جهتها ذكرت هيئة البث الإسرائيلي الرسمي "كان"، أن العمل من أجل إنجاز العائق
المحيط بقطاع غزة المحاصر والذي بلغ طوله 65 كيلومترا استمر ثلاث سنوات ونصف.
وأوضحت
أن "العائق يضم جدارا تحت الأرض وسياجا فوقها وعائقا بحريا ومئات كاميرات المراقبة
ووسائل إنذار ومواقع عملياتية، من أجل التصدي لمحاولات التسلل إلى داخل إسرائيل (فلسطين
المحتلة)".
وفي
هذه المناسبة التي يحاول الاحتلال من خلالها إحكام سيطرته العسكرية على قطاع غزة المحاصر
منذ أكثر من 15 عاما، قدر وزير الحرب بيني غانتس، أن "العائق يمنع حماس من تعريض
حياة سكان المستوطنات للخطر"، زاعما أنه "يمنح الأمن الذاتي لسكان المستوطنات
الجنوبية ويمكنهم من الازدهار".
واشترط
الجنرال غانتس، أنه "من أجل تغيير الواقع في غزة، يجب علينا منع حماس من التطور، والحفاظ
على الهدوء لفترة طويلة وإعادة جنودنا الأسرى في غزة".
وقال:
"نحن نعمل على مدار الساعة من أجل تحقيق هذه الغاية في الميدان وخارجه"،
مضيفا: "أقترح على حماس أن تقوم بالعمل على هذه النقاط بدلا من التهديدات التي
تطلقها".
ويعاني
القطاع المحاصر، من تردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والمعيشية جراء حصار الاحتلال
المتواصل والمشدد، والعقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع، ما تسبب في تفاقم الفقر
والبطالة واستمرار مشكلة انقطاع التيار الكهربائي التي تزيد من معاناة مختلف الفئات.
ومما
ساهم في زيادة معاناة سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، الحروب الإسرائيلية
المتعددة ضد القطاع، وتفشي وباء كورونا، ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتجمد
عملية إعادة الإعمار.
يذكر
أن "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، أعلنت في 20 تموز/
يوليو 2014، أنها أسرت الجندي الإسرائيلي آرون شاؤول خلال الحرب، في حين كشف الاحتلال
في مطلع آب/ أغسطس 2015، عن فقدانه الاتصال بالضابط الإسرائيلي هدار غولدن في رفح،
جنوب القطاع.
وفي
تموز/ يوليو 2015 كشف الاحتلال عن اختفاء الجندي أبراهام منغستو، بعد تسلله عبر السياج
الأمني إلى شمال قطاع غزة، وهو جندي في حرس الحدود من أصول إثيوبية، فر إلى غزة في
السابع من أيلول/ سبتمبر 2014، إضافة إلى جندي آخر من أصول بدوية يدعى هشام السيد،
كان قد فقد على حدود غزة بداية 2016.
وترفض
"كتائب القسام" الكشف عن عدد أو مصير الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها،
وتشترط من أجل البدء في مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي لعقد صفقة تبادل
جديد للأسرى، إفراج الاحتلال عن كافة الأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار (صفقة جلعاد
شاليط) ممن أعاد الاحتلال اعتقالهم مرة أخرى.