نشرت صحيفة "الغارديان"
البريطانية تقريرا لمراسلها مارتن شولوف قال فيه إن الملك سلمان بن عبد العزيز غاب
عن مناسبة إقليمية مهمة عقدت في الرياض الثلاثاء، وتحت عنوان "مع اجتماع قادة دول العالم كان غياب الملك سلمان ملاحظا"، أوضح أن الملك سلمان لم يظهر منذ 20
شهرا مما يعطي صورة أن ولي عهده، الأمير محمد بن سلمان بات يمسك بكل مقاليد السلطة.
وبدأ شولوف تقريره بالقول إن الأمير
كان راضيا عن نفسه عندما وصل الحكام العرب
إلى الرياض يوم الثلاثاء، وبدا كرجل يمسك بزمام الأمور. ومع هبوط عدد متتابع من
الطائرات التي خرج منها رؤساء الدول لحضور قمة إقليمية، كان ولي العهد حاضرا
لاستقبالهم حيث أخذ مكان والده في مناسبة كبيرة أخرى.
وعندما رافق ابن سلمان قادة الكويت
والإمارات العربية وقطر وعمان والبحرين على طول السجاد الأرجواني إلى قاعة الاستقبال،
كان غياب الملك ملاحظا. فلو كان الملك المريض سيظهر في مناسبة تعقد مرة كل خمس
سنوات، فهذا هو الوقت والمكان. وبالنسبة لقادة الدول في المنطقة ففشل الملك سلمان
بتولي دوره أعطى إشارة مهمة أكثر من كونه فوض ابنه بتولي مسؤوليات أوسع.
وكان غياب الملك مهما لدرجة أدت
بمراقبي الشأن السعودي للقول إن التحول في السلطة الوراثية من الأب للابن قد حدث
فعلا.
ولم يظهر الملك سلمان في العلن سوى مرة
واحدة خلال الـ 20 شهرا الماضية، وقضى معظم فترة وباء كوفيد-19 في المدينة الجديدة
نيوم، وهي المشروع المفضل للرجل الذي سيتولى يوما العرش وبشكل رسمي. ولم يزر مركز
السلطة في الرياض سوى مرة واحدة في آب/أغسطس 2020 حيث أجريت له عملية مرارة كانت
ناجحة. وكانت آخر مرة استقبل فيها مسؤولين غربيين هي عندما التقى وزير الخارجية
البريطاني السابق دومينيك راب، وذلك قبل خمسة أشهر.
وعندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل
ماكرون السعودية والتقى مع محمد بن سلمان في مدينة جدة، لم ير الملك في أي مكان.
اقرأ أيضا: مضاوي الرشيد: هل غيّر ابن سلمان فعلا من سلوكه؟
وكانت زيارة ماكرون هي الأولى التي
يقوم بها رئيس دولة غربي منذ مقتل الصحافي جمال خاشقجي، حيث نظر إليها كلحظة مهمة
للمملكة الراغبة وبقلق بتجاوز تبعات الجريمة الدولية وأثرها على صورتها.
ومهما كانت المقاصد والأغراض، فالملك سلمان هو
ملك غائب ولا يبدو أنه يمارس واجباته. ويمسك الأمير محمد بكل مفاصل السلطة في البلاد.
ويرتبط غياب الملك بالسؤال القديم الذي يدور حول صحة الملك، فسيصبح عمره في رأس
السنة الميلادية الجديدة 86 عاما، ولكنه أبطأ ممارسة واجباته ومنذ أن كان وليا
للعهد. ويعرف في واشنطن ولندن بأنه يعاني من حالة بطيئة من الخرف الوعائي (أو ضعف
الإدراك الوعائي) وأعراضه خفيفة.
وقال مسؤول استخباراتي غربي: "لم يكن هذا
عاملا كبيرا في السنوات الماضية، ومن الصعب فهم الوضع الآن مع كوفيد" مضيفا: "يعتقد أنها باتت إشكالية اليوم. وهي بالتأكيد مبرر لمحمد بن سلمان لكي يترك
والده على الهامش". وعندما أعلن الملك الميزانية في يوم الإثنين عبر الفيديو،
تحدث ببطء وقليل من الوضوح. وقال الضيوف الذين رأوه قبل أن يقفل كوفيد أبواب
السعودية إنه كان يتحرك ويتحدث بحذر. لكن ظهوره في عدد من اجتماعات الحكومة
الأخيرة أثار التكهنات حول صحته.
وسواء كان وضع الملك سلمان كشبه منفي
بمحض إرادته أو خارجا عن سيطرته، فإنه لم يمنع من انتشار التكهنات في داخل المملكة
وفي الخليج.
وفي أعقاب مقتل خاشقجي في القنصلية
السعودية في إسطنبول بدأ الملك بتعزيز حضوره واتخذ موقفا حازما وأعاد تجميع الحرس
القديم كـ "هيئة الحكماء"، واعتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن
"أصحاب اللحى الرمادية" أو التي شابت قد عادوا إلى مركز اتخاذ القرار،
وأرسل رسالة إلى الملك عبر القريب الموثوق من الملك، خالد الفيصل قال فيها إنه يحترم
آل سعود، ولكن ليس العائلة التي تحولت لها، في تلميح إلى الأمير محمد الذي تحمله
تركيا والمخابرات الأمريكية مسؤولية قتل خاشقجي. لكن الحادثة لو أدت إلى تغيير في
سلوك الأمير إلا أن هذا لم يطل حيث عاد وبثقة في عام 2019 وبدأ بزيادة الإصلاحات
الاقتصادية ووقع على القرارات بشأن التغيرات الثقافية والتي لم يكن أحد يتوقعها
قبل عدة سنوات.
وقال مسؤول أمني سابق: "لقد فتح
الطريق أمام تنصيبه" على العرش، في إشارة للأمير محمد بن سلمان.
The Hill: نفط السعودية يلعب دورا بالتحول نحو الطاقة الخضراء
مضاوي الرشيد: هل غيّر ابن سلمان فعلا من سلوكه؟
MEE: تغاضي الغرب عن "إجرام السعودية" لن يحقق العدالة