ملفات وتقارير

كيف سينعكس إغلاق ملف "تعويضات الكويت" على العراق؟

أكد محلل السياسي أن "العراق بحاجة إلى إصلاح وضعه الدبلوماسي"- الأناضول

مع إنهاء العراق ملف التعويضات للكويت عن الغزو العسكري عام 1990، التي بلغت 52.4 مليار دولار، ينتظر البلد خروجه من الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، فضلا عن الاستفادة من المبالغ كانت تستقطع منه لإيفاء دينه الخارجي الذي لازمه 30 عاما.


وأعلن البنك المركزي العراقي في بيان، الثلاثاء، سداد الدفعة الأخيرة المتبقية من تعويضات دولة الكويت البالغة 44 مليون دولار أمريكي، وبذلك يكون العراق قد أتم سداد كامل مبالغ التعويضات.


وأعرب "المركز العراقي" عن أمله في أن يسهم إنهاء دفع التعويضات إلى إخراج العراق من البند السادي، فضلا عن أثره في إعادة دمج النظام المصرفي العراقي بالنظام المصرفي العالمي والإفادة من الوفرة المالية التي ستتحقق.


مرحلة جديدة


وبخصوص انعكاس ذلك سياسيا على العراق، قال المحلل السياسي علي البيدر في حديث لـ"عربي21"؛ إن "المتتبع لسلسة ملف التعويضات، يجد أن العراق أنهى الدفعة الأخيرة للكويت التي تتجاوز الأربعين مليون دولار قبل الموعد المحدد، وهذا يدل على وجود نوايا عراقية طيبة أن يكون البلد محطة سلام".


وأضاف البيدر، قائلا: "لذلك على الدول الإقليمية والفاعلة في المسرح الدولي أن تتعامل مع العراق بطريقة مختلفة، بعدما أثبت نواياه وسلوكه السياسي والدبلوماسي الإيجابي ضمن المحيط".


وتابع: "أصبح العراق منذ عام 2003 محطة سلام بعدما كان حلبة للصراعات، لذلك يجب أخذ هذا بنظر الاعتبار، وأن تتعامل معه الدول بطريقة مختلفة بعيدا عن فرض الإرادات، أو جعل الساحة العراقية مكانا للصراع كما يحصل بين الولايات المتحدة وإيران".

 

اقرأ أيضا: دول الخليج تتصدر مؤشر الرخاء والازدهار والمغاربية تتوسط


وأكد البيدر أن "هذه الخطوة ستعزز حظوظ العراق في مستوى التعامل الدولي، وفي قضية أن يكون دولة مستقلة ذات سيادة، وربما يجعل الثقة تزداد به أكثر ويكون أقرب للدول التي ترعى السلام، بدلا من الدول التي تعتبر مصدر إزعاج للمحيط الإقليمي".


وانتقد الخبير العراقي ما وصفه بـ"عدم اهتمام" المنظومة السياسية في العراق لسمعة البلد وسيادته، والوضع الذي لا يليق بمكانته وموقعه الجيوسياسي، فالعراق يحتاج إلى إرادة والتفاتة سياسية للخروج من الفصل السادس حاليا.


وأوضح البيدر أن "الأزمات المتلاحقة والحرب الأخيرة على تنظيم الدولة، جعلت الحكومة لا تلتفت إلى الدبلوماسية الخارجية، لذلك نتمنى على الحكومة المقبلة أن تفعّل هذا الجانب لإخراج العراق من الفصل السادس، حتى يكون دولة ذات قيمة وصاحب مبادرة في المنطقة؛ لأن موقعه الجغرافي يؤهله لذلك".


وأكد المحلل السياسي أن "العراق بحاجة إلى إصلاح وضعه الدبلوماسي؛ لأننا نرى أن هناك تباينات في السياسة الخارجية، وضعفا في الوعي السياسي للشخصيات التي تتولى مواقع دبلوماسية مهمة، فالبعض يميل قوميا ومذهبيا وحزبيا وحتى مناطقيا، ويتجاهل القضايا التي وجد من أجلها في المحافل الدولية".


سيادة متكاملة


وعلى صعيد الاقتصاد، رأى الخبير الاقتصادي العراقي أسامة التميمي أنه "بعدما أنهى العراق تسديد التعويضات المترتبة عليه للكويت بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة المقرة في العام 1991 ومنها القرار 687، فإنه سيعود إلى وضعه الدولي الطبيعي، ويندمج البرنامج المصرفي العراقي ضمن البرنامج الدولي".


وأضاف التميمي في حديث لـ"عربي21"، أن "العراق سيصبح دولة ذات سيادة متكاملة شأنه شأن بقية دول العالم، وأن إنهاء هذا الملف بالكامل (تعويضات الكويت) يجعل العراق متحررا من الالتزامات التي كانت عليه بموجب الميثاق الدولي للأمم المتحدة".


ورأى الخبير الاقتصادي أنه "بات لزاما على الحكومات المقبلة استثمار الفائض المالي الذي يمثل المبالغ المستقطعة من العراق لصالح صندوق الأمم المتحدة للتعويضات وبشكل دوري، وتوجيهها إلى عجلة التنمية الوطنية لإقامة مشاريع متنوعة تخدم الاقتصاد المتنامي، وفق خطط اقتصادية واعدة، على اعتبار أن هذه المبالغ كانت تشكل ما نسبته تصل إلى حولي خمسة بالمئة من الموازنات الاتحادية".

 

اقرأ أيضا: المحكمة الاتحادية بالعراق تؤجل جلسة الطعن بنتائج الانتخابات


وفي السياق ذاته، دعا المرشح البرلماني الفائز مثنى عبد الصمد السامرائي، الأربعاء، الحكومة العراقية إلى إنشاء صندوق سيادي تحت مسمى "صندوق الأجيال"، بنفس قيمة مبلغ الاستقطاع للتعويضات السابقة للكويت.


وقال السامرائي في تغريدة على "تويتر"؛ إنه "آن الأوان للعمل على حماية مستقبل الأجيال بعد أن تخلصنا من ربقة الديون باستكمال الدفعة الأخيرة من التعويضات لدولة الكويت".


وأضاف نائب رئيس اللجنة المالية البرلمانية السابق، أنه بموجب قانون الإدارة المالية أدعو وزارة المالية والحكومة العراقية لإنشاء صندوق سيادي بنفس قيمة مبلغ الاستقطاع للتعويضات السابقة سنويا، وذات الآلية المتبعة وتحت مسمى "صندوق الأجيال".

 

 

 

 

 

عام الازدهار

 

من جهته، قال مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي، الخميس؛ إن ملف التعويضات كان يكلف العراق يوميا من 6-7 ملايين دولار، مؤكدا أن قيمة هذه الأموال من صادرات العراق الحالية التي تبلغ أكثر من ملياري دولار سنويا، ستضاف إلى موازنة العراق وتسد بابا من أبواب الصرف بالحقيقة.


وأعرب صالح في حديث لوكالة الأنباء العراقي عن أمله بأن "تذهب هذه الأموال إلى التنمية، أي المشروعات الاستثمارية المشغِّلة للقوى العاملة والمنتجة للدخل"، لافتا إلى أن "العراق فرض عليه نحو 40 قرارا بسبب حرب الكويت من مجلس الأمن وكبِّل تماما حتى الوقت الحاضر".


ونوه إلى أن "للعراق آفاقا كبيرة باندماجه بالاقتصاد العالمي"، موضحا أن "العزلة التي يعيش فيها العراق عزلة كبيرة جدا، ولاتزال طائرات العالم لا تصل إلى مطار بغداد إلا بعض البلدان الإقليمية، وهذا جزء من الحصار الذي لايزال العراق يعدّ منطقة حرب بتكاليف التأمين والشحن في نقل التكنولوجيا وفي التعاطي مع التقدم الاقتصادي".


وشدد صالح على "الحاجة إلى خطة تنمية عشرية تستمر لعشر سنوات للاستفادة من واردات النفط، حيث نبدأ بالبنية التحتية وننتهي بالمشاريع المدرة للدخل في كل الحالات"، متوقعا أن "يكون عام 2022 عام تقدم وازدهار للعراق، ومؤشرات إيجابية واسعة تبدأ بإغلاق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وانتهاء تعويضات حرب الكويت، والعودة إلى الحياة الاقتصادية الطبيعية والاندماج بالمجتمع الدولي".