أصبحنا نسمع بين الحين والآخر قمع سجن من السجون
الإسرائيلية، وقد كُتب في تبيان حجم التوحّش والعنف المفرط كثيرا؛ من تكسير للعظام وشجّ للرؤوس والعقوبات الجماعية، واقتحام السجن من قبل قوات مدرّبة على القمع من نحشون وميتسادا وجتر والتي لا تعرف سوى لغة البطش والعربدة والتنكيل.
وفي السنوات الأخيرة ومع جنوح الحكومات الإسرائيلية الى المزيد من التطرّف تضاعف الضغط على أسرانا، وفي حالة القمع فإنه أصبح غير مسبوق وبكل الطرق الجهنميّه التي يتفنّن فيها الصهاينة ويُظهرون كلّ قوتهم على أسرى مكبلين من الأمام والخلف، بعد أن يغرقوهم في الغاز وينهكوهم بالرصاص المطاطي. ويجري نقل الحالات الحرجة التي تصل حافة الموت، ويبقى من يبقي في السجن ليتجرّع كثيرا من الألم وقهر الرجال.
وفي خضمّ الهجمة الشرسة على قسم من أقسام
حماس في سجن نفحة قبل يومين، تحرّكت أقسام
فتح بالضرب على الأبواب والتهديد بخلعها، وأرسلت رسالة شديدة اللهجة حملت تهديدا واضحا لا لبس فيه لإدارة السجن لوقف حالة تفرّدهم بفصيل دون الآخر واللعب على هذا الوتر.
وهذا الموقف الأصيل يحمل كثيرا من الدلالات أهمّها: أنه أمام هذا التحدّي الكبير الذي يشكّله هذا الاحتلال بكل ما يحمل من عدوانية شرسة تستهدف الكلّ
الفلسطيني، فلا أقلّ من أن يتوحّد الجسم الفلسطيني. وكذلك فإن هذه الوحدة كفيلة بردع هذا المحتل والحد من هذه الصلف الذي لا يقف عند حدّ معين. وهذا أيضا يؤكد لنا المرة تلو الأخرى أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وأن تاريخنا وثقافتنا وأعرافنا والانتماء لقضيتنا بكلّ أبعادها يدفع للوقوف موحّدين أمام كلّ عدوان نتعرض له أو يتعرّض له أي طرف أو فصيل من الفصائل الفلسطينية، وأنه باختصار شديد "الدم ما بصير ميّ" أبدا.
ولنا نحن المتواجدين في السجن الأكبر أن نعي هذا الدرس من أسرانا البواسل، وأن نوحّد على الأقل حراكنا الداعم لأسرانا، وأن ننتبه جيّدا ونعمل بكلّ ما أوتينا من قوّة على تشكيل جبهة واحدة داعمة ومؤلفة من الكلّ الفلسطيني، خاصة أكبر فصيلين، فهما الدعامتان الأساسيتان لنجاح أية فعالية في الشارع الفلسطيني.
وهذا من شأن نجاحه على صعيد مؤازرة الأسرى أن يؤسس لنجاحات في ملفّات أخرى، لتصل الى مفاصل العمل الفلسطيني كافة. وإذا لم تستطع زعامة الفصائل الفلسطينية الراهنة توحيد الجهد الفلسطيني فلتعمل على ذلك القواعد الطيبة لهذه الفصائل، وإذا فرقتنا السياسة فلتوحدنا الثقافة المشتركة، وليوحّدنا الهمّ المشترك ولتوحدنا التحديّات القاسية والاستفزازات الصهيونية التي تزداد توحشا يوما بعد يوم، خاصة على أسرانا الذين هم روح القضية الفلسطينية وعمادها.