تعهد رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، الجمعة، بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وحماية بلاده من الانزلاق نحو الفوضى والخراب.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها بمناسبة الذكرى الـ66 لاستقلال البلاد، وفق بيان لمجلس السيادة السوداني.
وقال البرهان: "نجدد تأكيدنا على التمسك بحماية البلاد من الانزلاق نحو الفوضى والخراب، والعمل الجاد للحفاظ علـى نجاح الفتـرة الانتقالية واستكمال مهامها ومواصلة مسيرة السلام".
فيما تعهد بـ"بناء كل مؤسسات الحكم الانتقالي وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في وقتها المُحدد (مقررة في يوليو/تموز المقبل) يفٌوض فيها الشعب السوداني من يختاره لحكم البلاد".
كما دعا إلى التحلي بالحكمة وإعلاء قيمة الوطن والانتماء، قائلا: "التنازع حول السلطة وما ترتب عليه من إزهاق للأرواح وإتلاف للممتلكات يوجب علينا جميعا تحكيم صوت العقل".
ومضى مؤكدا أن "تحقيق التوافق يتم بقبول الحوار الجاد وهو مفتوح للجميع.. السبيل الوحيد للحكم هو التفويض الشعبي عن طريق الانتخابات"، حسب البيان ذاته.
وتأتي كلمة البرهان بالتزامن مع اندلاع مظاهرات حاشدة في الخرطوم وعدة ولايات سودانية، للتنديد بالاتفاق السياسي بين رئيس المجلس السيادي ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك والمطالبة بحكم مدني.
من جهتها، دعت الأمم المتحدة الأطراف السودانية إلى إيجاد أرضية مشتركة لحل الأزمة السياسية في البلاد.
جاء ذلك في بيان لرئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس، بمناسبة الذكرى الـ66 لاستقلال البلد العربي.
وقال بيرتس: "يجب معالجة انعدام الثقة بين جميع الأطراف السودانية بشكل عاجل، بهدف إيجاد أرضية مشتركة لمسار متفق عليه بشكل متبادل للخروج من الأزمة السياسية الحالية".
وأوضح أن "استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين؛ والاعتداءات على الصحفيين، والانتهاكات بحق حرية الصحافة والحقوق الأساسية؛ لا يساهم في خلق بيئة مواتية لاستعادة المسار الديمقراطي".
وأضاف: "يجب وقفُ هذه الانتهاكات والشروع في التحقيق بها بشكل كامل وموثوق وتقديم مُرتكبيها إلى العدالة".
كما حث المبعوث الأممي، السلطات السودانية على "احترام الحق في التجمع السلمي والسماح للمتظاهرين الملتزمين بعدم استخدام العنف بالتعبير عن أنفسهم بحرية"، حسب البيان ذاته.
وارتفع عدد قتلى الاحتجاجات بالسودان إلى 53 قتيلا، منذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحسب ما أعلنت عنه "لجنة أطباء السودان المركزية"، الجمعة.
وقالت اللجنة غير الحكومية، في بيان: "ارتقت قبل قليل روح شهيد مجهول الهوية، إثر إصابته بعبوة (قنبلة) غاز مباشرة في الصدر من جانب قوات السلطة الانقلابية، أدت لتهتك أنسجة الرئة خلال مشاركته في مليونية 30 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في مواكب (تظاهرات) محلية الخرطوم".
وأضاف البيان: "بهذا يرتفع عدد شهداء الاحتجاجات إلى 53 منذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي".
وكانت اللجنة قد أعلنت، في بيان سابق، تسجيل 4 قتلى و200 إصابة بينها 40 بالرصاص الحي، خلال مظاهرات الخميس، للمطالبة بـ"الحكم المدني".
والخميس، شهدت الخرطوم وعدد من مدن البلاد تظاهرات دعا إليها "تجمع المهنيين" و"لجان المقاومة" تنديدا بالاتفاق السياسي الموقع بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وللمطالبة بعودة الحكم المدني الديمقراطي.
واتهمت لجنة الأطباء المركزية قوات الأمن بقطع الطريق على سيارات الإسعاف وإخراج جريح واحد بالقوة من إحداها، فيما تظهر العديد من مقاطع الفيديو، التي نشرت الجمعة، رجالا بالزي العسكري يضربون المتظاهرين بالعصي.
في المقابل، أعلنت الشرطة السودانية، في بيان الجمعة، مقتل 4 متظاهرين، وإصابة 298 آخرين، وإصابة 53 في صفوف قوات الشرطة، بينهم ضابطان، وحرق 3 مركبات للشرطة خلال تظاهرات الخميس، للمطالبة بـ "الحكم المدني".
وفي تعليق، قال مستشار البرهان العميد الطاهر أبو هاجة إن "استمرار التظاهرات بطريقتها الحالية ما هي إلا إستنزاف مادي ونفسي وذهني للبلاد وإهدار للطاقات والوقت"، مضيفا أن "التظاهرات لن توصل البلاد إلى حل سياسي".
إدانة محلية ودولية
إلى ذلك، أعلن وكيل وزارة الصحة هيثم محمد استقالته الجمعة، احتجاجا على الهجمات التي يتعرض لها الأطباء والمستشفيات التي تتولى معالجة الجرحى.
بدوره، أعلن عبد الباقي عبد القادر الذي سماه البرهان أخيرا عضوا في مجلس السيادة الانتقالي، نيته الاستقالة.
وقال في رسالة رسمية، "قبل قليل أرسلت رسالة إلى مدير مكتب السيد رئيس المجلس السيادي لتحديد موعد معه لتقديم استقالتي"، مضيفًا "السبب هو استمرار التعامل العنيف مع المتظاهرين".
وأعلن الحزب الشيوعي السوداني أنه "يدين بشدّة القمع الدموي"، مطلقًا "الدعوة للعمل على تحريك تضامن دولي لوقف القمع الدموي، ولإطلاق السراح الفوري عن المعتقلين السياسيين، وخصوصا قيادات لجان المقاومة".
ودوليا، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه "منزعج للغاية" من أعمال العنف التي حصلت الخميس، فيما احتجت السفارات الغربية على سقوط قتلى وانقطاع الاتصالات والهجمات على وسائل الإعلام.
من جانبه، أعرب فولكر بيرتس، رئيس بعثة الأمم المتحدة بالسودان "يونتاميس"، عن انزعاجه الشديد من تقارير تحدثت عن مقتل 4 متظاهرين في احتجاجات وقعت، الخميس، بالعاصمة، الخرطوم.
وقال المبعوث الأممي في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع "تويتر": "أثارت التقارير عن مقتل
4 متظاهرين سودانيين الخميس، والاعتداءات على حرية الصحافة انزعاجي الشديد".
وأضاف: "بالرغم من الحاجة لمزيد من الوقت لتأكيدها، إلا أن التقارير الأولية تدعو للقلق".
فتح تحقيق
واستنكر مجلس السيادة الانتقالي، الصدامات التي وقعت خلال تظاهرات الخميس، المنددة بالاتفاق السياسي بين الجيش ورئيس ورزاء عبد الله حمدوك.
وقال المجلس في بيان عبر "فيسبوك" إنه "يستنكر الأحداث التي صاحبت تظاهرات الثلاثين من كانون الأول/ ديسمبر، والتي نتج عنها سقوط شهداء وجرحى".
ووجه المجلس السلطات المختصة في السودان باتخاذ الإجراءات القانونية والعسكرية اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث، وكي لا يفلت أي معتد من العقاب.
وأكد المجلس على حق المواطنين الأصيل في التظاهر السلمي والذي قال إن "ثورة ديسمبر المجيدة" هي التي أقرته، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين.
وفي المقابل، أغلق سودانيون مناهضون للحكم العسكري طرقا في الخرطوم الجمعة احتجاجا على قمع قوات الأمن لتظاهرات الخميس أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وموجة من الاعتقالات.
وقطع المحتجون الجمعة الشوارع الرئيسية في الخرطوم بحري شمال العاصمة وفي بري والمعمورة شرق العاصمة مستخدمين الحجارة وجذوع الأشجار وإحراق الإطارات القديمة، احتجاجا على عنف القوات الأمنية.
وأطلقت قوات الأمن السودانية الغازات المسيلة للدموع على المتظاهرين على بعد بضع مئات الأمتار من القصر الرئاسي، مقر الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش.
كما تعرض مكتبي قناتي "العربية" و"الحدث" في الخرطوم من قبل السلطات، بحسب ما قالت قناة العربية على "تويتر".
إيقافات لمتهمين بأعمال نهب
وفي سياق منفصل، أعلنت السلطات السودانية مساء الجمعة، القبض على 15 من المتهمين في أعمال نهب مخازن برنامج الغذاء العالمي بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غربي البلاد.
وقال وزارة الخارجية في بيان لها: "قامت اللجنة الأمنية بولاية شمال دارفور باستعادة عدد مقدر من المسروقات، وألقت القبض على 15 من المتورطين في أعمال النهب، هذا بجانب فتح تحقيق فوري بشأن هذا الحادث المشين والمؤسف".
وأدانت الخارجية "بأشد العبارات عمليات النهب والاعتداء الذي تعرضت له مخازن برنامج الغذاء العالمي"، واتهمت من وصفتهم ببعض "الجماعات المتفلتة والخارجة عن القانون (دون تسميتهم) بالقيام بالحادثة".
وتابعت: "في استجابة فورية لهذا الحادث المؤسف، شرعت اللجنة الأمنية بالولاية في تشكيل قوات مشتركة مفوضة بكامل الصلاحيات لحراسة وتأمين المخازن ومواقع سكن الموظفين".
وأكدت التزام الحكومة السودانية التام بالتعاون اللصيق مع برنامج الغذاء العالمي وكافة منظومة الأمم المتحدة العاملة بالسودان من اجل الحفاظ على مقارها وممتلكاتها وحماية العاملين بها ومساعدتهم على اداء مهامهم على الوجه الأكمل.
اقرأ أيضا: سلطات السودان تفرض حظرا للتجول بولاية شمال دارفور
والأربعاء، أدان مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا) هجوم جماعات مسلحة على مستودع برنامج الأغذية العالمي في الفاشر.
وهذا المستودع كان يحتوي على 1900 طن من المواد الغذائية، وليس معلوما بعد مقدار ما جرى نهبه، وفق مسؤول في البرنامج.
وفي اليوم ذاته، أعلنت السلطات فرض حظر تجوال جزئي في شمال دارفور، على خلفية عمليات النهب، ودعا حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، الأمم المتحدة إلى التعاون لإجراء تحقيق في نهب مخازن برنامج الأغذية العالمي.
ومنذ 25 أكتوبر الماضي، يشهد السودان احتجاجات رفضا لإجراءات اتخذها البرهان، تتضمن إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقالي، واعتقال قيادات حزبية ومسؤولين.
واعتبرت قوى سياسية ومدنية تلك الإجراءات "انقلابا عسكريا".
ووقع البرهان وحمدوك في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اتفاقا سياسيا تضمن عودة الأخير إلى منصبه، وتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل معا لاستكمال المسار الديمقراطي.
لكن قوى سياسية ومدنية سودانية تعتبر الاتفاق "محاولة لشرعنة الانقلاب"، وتتعهد بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل خلال الفترة الانتقالية.
قتلى في قمع متظاهرين بالسودان.. ومنع نقل المصابين (شاهد)
حشد لمظاهرات جديدة بالسودان تطالب بـ"تأسيس سلطة مدنية"
مصادر يمنية: مقتل 14 جنديا سودانيا في هجوم للحوثيين