ما زال التعاون
الإسرائيلي مع
الصين يمثل تحديا جديا أمام
العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، حيث تبدي إدارة الرئيس جو بايدن رفضا واضحا لأي تقارب
بين تل أبيب وبكين، خشية أن يكون ذلك على حساب مصالحها في المنطقة وحول العالم، ما
جعل هذه المسألة تتصدر أجندة لقاءات المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين خلال الآونة
الأخيرة.
محافل سياسية إسرائيلية كشفت في تقرير نشرته صحيفة "يديعوت
أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن "المواجهة بين الولايات المتحدة
والصين، تضع تل أبيب في معضلة استراتيجية صعبة، دفعت بها لأن تكون مطروحة أمام مناقشة
وزارية إسرائيلية موسعة، لأن المعضلة الإسرائيلية تتمثل في الوقوف إلى جانب أكبر حليف
لها، وهو الولايات المتحدة، أو البقاء تحت الرادار، حتى لا تضر بأعمالها التجارية مع
الصين، التي تعد ثالث أكبر شريك تجاري لها".
وأضافت أن "شركات البنية التحتية الصينية ما زالت تقدم
عطاءات لما تطرحه الوزارات الإسرائيلية والمؤسسات الحكومية من مناقصات تجارية واقتصادية، ما يثير استياء الدبلوماسيين الأمريكيين، ويدفعهم إلى تحذير نظرائهم الإسرائيليين من
أن ذلك قد يضر بالعلاقات مع الولايات المتحدة، ولذلك فقد طلبت الأخيرة من إسرائيل في
عدة مناسبات منع مشاركة الصين في مناقصات البنية التحتية، على خلفية الحرب الاقتصادية
بين القوتين".
اللافت أنه رغم الغضب الأمريكي، فإن تل أبيب تواصل في الوقت
الحالي بث الأعمال كالمعتاد مع الصين، رغم أن جميع المشاركين في العلاقات الإسرائيلية
الصينية يدركون أن الوضع الحالي ليس معتادا، مع العلم أن وزير الخارجية يائير لابيد
التقى قبل أيام قليلة مع وزير العلوم الصيني، تحضيرا لانعقاد مؤتمر الابتكار الإسرائيلي
الصيني الذي سيحدث قريبًا، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر تحدث الرئيس يتسحاق هرتسوغ مع
نظيره الصيني، وأعلن الاثنان عزمهما على تعزيز المشاريع المشتركة بين البلدين.
مصادر إسرائيلية مطلعة تؤكد أنها لن تتشاجر مع الأمريكيين
في نهاية المطاف بسبب الصينيين، لأنها لا تتردد في معرفة من هو حليفها الحقيقي، لأن
التقييم السلبي الأمريكي تجاه تزايد النفوذ الصيني في إسرائيل يؤثر على علاقة الأخيرة
بالولايات المتحدة، لا سيما في عهدي إدارتي ترامب وبايدن، اللذين اتخذا سياسات متطرفة
ضد بكين، بسب حروب التجارة بينهما والتوتر في بحر الصين.
الأهم من ذلك، أن تل أبيب لديها حساسية من العلاقات مع الدول
العظمى، حيث يربطها بالولايات المتحدة تحالف غير مسبوق، ولا يوجد لها بديل، وفي الوقت
ذاته تربطها بالصين شراكة اقتصادية متصاعدة، كما أن المشكلة الماثلة أمام تل أبيب
هي أن هاتين القوتين العظميين تخوضان حربا تجارية، سواء بسبب خلافهما على القواعد العامة
للسوق العالمي، أو على صعيد تنامي التأثير والنفوذ الصيني في العالم، ما قد يمنحها
تفوقا استراتيجيا، لا ترضى عنه الولايات المتحدة.
على سبيل المثال، تعتقد المنظومة الأمنية والعسكرية الأمريكية
أن تزايد السيطرة الصينية على ميناء حيفا، يعني أن الأسطول السادس الأمريكي لن يستطيع
أن يشعر بعد اليوم بأن هذا الميناء خاصته، وفي ظل أن الأمريكان يوجهون جل قدراتهم وإمكانياتهم
نحو بحر الصين الجنوبي والخليج العربي على حساب شرق البحر المتوسط، فإن هذا يتطلب من تل
أبيب أن تبقي على نفسها قاعدة استراتيجية له، ما يدفع الأمريكيين للقول إن تل
أبيب أصيبت بالجنون حين منحت الصين مفاتيح ميناء حيفا.