عبر مرصد الحقوق والحريات بتونس عن رفضه لتوجيه وزير الداخلية تهمة الإرهاب لنائب رئيس حركة "النهضة" نور الدين البحيري، باعتباره ليس جهة قضائية.
وفي تصريح لـ"عربي21"، قال كاتب عام المرصد مالك بن عمر إنه لا يمكن لموظف في الدولة مهما كان موقعه فعل ذلك، موضحا: "الجهات القضائية هي الوحيدة المخول لها توجيه التهم".
وأضاف: "إما أن تتصرف النيابة العامة على أساس تهمة أو شبهة، أو أن يوجه قاضي التحقيق التهم في ختم بحثه، أو دائرة الاتهام مثلا، أو غيرها من الهياكل القضائية فقط".
وأردف ابن عمر: "وزير الداخلية نصب نفسه هيكلا قضائيا واعتدى على السلطات القضائية"، مشددا على أنه "من حيث المبدأ، السلطة التنفيذية لا علاقة لها بتوجيه التهم".
وأوضح المحامي مالك بن عمر أنه لا يملك أي فكرة عن الملف مستشهدا ببلاغ المحكمة الابتدائية بتونس، الذي استغرب فيه تصريحات وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين.
وعبرت المحكمة عن استغرابها من تصريحات وزير الداخلية حول تعطيل النيابة العامة لإجراءاتها في بعض القضايا منها ملف الإقامة الجبرية للقيادي بحركة النهضة والبرلماني نور الدين البحيري.
وأكد مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس أن النيابة العامة استغربت من تصريحات الوزير التونسي حول تعطيل النيابة للإجراءات الخاصة بقضية حصول سوري وزوجته على جوازي سفر تونسيين خلال فترة إشراف البحيري على وزارة العدل.
وأوضح البيان أن النيابة "تعاملت بكل جدية ووفق الإجراءات المقرة قانونا مع موضوع قضية الحال ورتبت الآثار القانونية المتمثلة في فتح بحث تحقيقي في أجل لم يتجاوز أربعة أيام من تاريخ توصلها بالتقرير التكميلي الصادر عن الإدارة الفرعية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني".
ومساء الاثنين، أكد وزير الداخلية أن الإجراءات القانونية تعطلت كثيرا دون موجب لذلك في قضية قرارات الإقامة الجبرية الأخيرة، في حق وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري والمستشار الأسبق لوزير الداخلية الأسبق، فتحي البلدي.
وجدد مالك بن عمر موقف مرصد الحقوق والحريات الرافض لإيقاف نور الدين البحيري دون توجيه تهمة قضائية أو وجود ملف ضده، قائلا: "منذ اليوم الأول اعتبرنا أن الأمر يتعلق باختطاف، ثم تحول إلى جريمة إخفاء قسري بما أن الدولة اعترفت بأنها هي من قامت باختطاف الشخص، ورفضت الكشف عن مكان تواجده، وهو ما ينطبق عليه مفهوم الإخفاء القسري من خلال حرمان الشخص من حقوقه القانونية".
من جهتها، طالبت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وزارة الداخلية بتوضيح طريقة إيقاف نائب رئيس حركة "النهضة" نور الدين البحيري، في أول تعليق لها على الحادثة.
وقال رئيس الرابطة جمال مسلم، لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، إن "وزارة الداخلية مطالبة اليوم بتوضيح طريقة إيقاف نور الدين البحيري وما إذا كانت هناك تجاوزات واعتداءات على الحرمة الجسدية للمعني بالأمر ولزوجته".
وأضاف أن "وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين، لم يتطرق أمس الاثنين، إلى الطريقة التي تم بها إيقاف البحيري".
اقرأ أيضا: داخلية تونس تتحدث عن "شبهة إرهاب" باحتجاز البحيري وآخر
وتابع: "التوضيح مهم لكي لا يتم الاقتصار على الرواية التي قدمتها زوجة البحيري سعيدة العكرمي والتي تحدثت فيها عن اختطاف واحتجاز واختفاء قسري".
وشدد مسلم، على أن رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان "مع كشف الحقيقة للرأي العام ومحاسبة المعتدين، في صورة وجود اعتداءات، نظرا لرفضها كل أشكال الاعتداء والإفلات من العقاب".
وأشار إلى أن الرابطة كانت قدمت إلى رئاسة الجمهورية في وقت سابق، "تقريرا حول مئات الاعتداءات حصلت في مراكز الشرطة، لكن لم يقع محاسبة المعتدين كما أن رجال الأمن تمتعوا بالإفلات من العقاب".
شكوى لمجلس الشيوخ الأمريكي
وفي تصريح خاص لـ"عربي21"، أكد النائب ماهر مذيوب، مساعد راشد الغنوشي بالبرلمان، أنه راسل عضو مجلس الشيوخ الأمريكي كريس ميرفي لإبلاغه بحادثة وضع نور الدين البحيري رهن الإقامة الجبرية.
وقال مذيوب: "من الطبيعي جدا أن تكون لعضو مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية علاقات بزملائه في المجالس المنتخبة عربيا وإقليميا ودوليا".
وأضاف: "السيناتور كريس ميرفي صديق لتونس وشعبها ومدافع شرس على ديمقراطياتها الناشئة، وسبق أن زار تونس يومي 4 و5 أيلول/ سبتمبر 2021".
وأردف: "أثناء زيارته لتونس، تحدث ميرفي مع الرئيس قيس سعيد، وكذلك مع ثلة من الشخصيات التونسية حول حالة الاستثناء وضرورة العودة للنظام الدستوري".
وأوضح النائب أن "السيناتور الأمريكي متابع عن قرب للحالة التونسية، ومن الطبيعي جدا أن تكون هناك رسائل متبادلة بين النواب حول العالم وخاصة بين نواب العالم الحر".
وقال مذيوب في رسالته إلى ميرفي التي وصلت "عربي21" نسخة منها: "زميلي الأستاذ نور الدين البحيري النائب بمجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية وزميلكم المحامي لدى التعقيب، يقبع في مكان غير معلوم منذ أكثر من 100 ساعة، يواجه واقفا صامدا، كل الضغوطات الممكنة في ظل إخفاء قسري مع البرد الشديد والوحدة القاتلة والمرض الخطير".
كما أشار مذيوب في مراسلته إلى إضراب الجوع الذي يخوضه عدد من الشخصيات الوطنية، بدعوة من مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، احتجاجا على سياسات رئيس البلاد قيس سعيّد.
وأضاف: "بعيد مغادرتكم لتونس في أيلول/ سبتمبر 2021، جسد قيس سعيّد وعوده لكم، بتعليقه فعليا وعمليا للدستور التونسي بالأوامر الرئاسية عدد 117، التي جمعت كل السلطات تحت إمرته، ثم أعلن في 13 كانون الأول/ ديسمبر خريطة طريق من أجل ضرب كل المؤسسات والحركات".
تعليق حركة النهضة
عبرت حركة النهضة، على لسان كتلتها بالبرلمان، عن استغرابها إزاء اتهام النائب فيها نور الدين البحيري بـشبهة إرهاب من قبل وزير الداخلية، مطالبة بالإفراج عنه دون قيد أو شرط.
جاء ذلك في بيان أصدرته الكتلة، عقب اجتماع لأعضائها، تداولت خلاله الوضع العام بالبلاد، بحضور رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
وقالت الكتلة إنها "تستغرب ما جاء في مداخلة القائم بأعمال وزارة الداخلية (في إشارة إلى شرف الدين) بخصوص التهم الموجهة إلى البحيري".
وأضافت أن ذلك "من اختصاص القضاء وحده للبت فيه دون سواه، وهو ما يؤكد الصبغة السياسية لكل ما تعرض له البحيري منذ اختطافه الجمعة الماضية، ويعيد بلادنا مجددا إلى مربع الاستبداد والمحاكمات السياسية".
اقرأ أيضا: محكمة تونسية تدحض اتهامات الداخلية.. ودفاع البحيري يتهم
وطالبت الكتلة "بالإفراج الفوري عن البحيري دون قيد أو شرط ومحاسبة كل من تورط في هذه العملية"، منددة بما سمته "عملية الاختطاف التي تعرض لها مع ما صاحبها من عنف وما ترتب عنها من إخفاء قسري له في خرق صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية".
وجددت رفضها "لكل القرارات المصادرة لدستور الجمهورية التونسية 2014 وتعتبرها نزوعا بيّنا نحو الحكم الاستبدادي الفردي المطلق وانقلابا مكتمل الأركان على الشرعية الدستورية وعلى المسار الديمقراطي واغتصابا لكل السلطات عبر توظيف أجهزة الدولة الصلبة".
محامي البحيري لـ"عربي21": قضية موكلي فضيحة مدوية للدولة
"عربي21" تحصل على تفاصيل جديدة حول البحيري.. حالته خطرة
القضاء في تونس يحرك ملف "البحيري" وتشديدات على زيارته