سلط تقرير نشرته
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، الضوء على صراع افتراضي وإعلامي ساحته
الإنترنت ووسائل الإعلام الرقمية والتقليدية، توازيا مع تواصل الحرب الدائرة في
الأراضي اليمنية، التي أودت بحياة ما يصل إلى 377 ألف شخص وأجبرت 4 ملايين آخرين
على النزوح.
وذكر التقرير أن
تلك الحرب تتمثل في نشر معلومات مضللة عبر الإنترنت وخطاب الكراهية والتطرف، مشيرا إلى أنها تعمق العداوات بين اليمنيين وتقوض فرص التسوية السلمية للأزمة.
ويعيش اليمن على
وقع صراعات دموية منذ اندلاع الحرب الأهلية في العام 2014 والتي سرعان ما تحولت
إلى صراع إقليمي بالوكالة بعد أن سيطر المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على
العاصمة صنعاء، مما أجبر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وإدارته على الاستقالة
في عام 2015، وذلك قبل تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية بغية "دعم الحكم
الشرعي في البلاد".
صراع الجيل الخامس
وتابعت المجلة
الأمريكية أن قوات الحوثي سيطرت على نطاق الاتصالات "ye"، والذي يمكن للمواقع
اليمنية استخدامه بدلاً من النطاق "دوت كوم"
بالإضافة إلى
سيطرتهم على مزود خدمة الإنترنت المحلي شركة "يمن نت" من أجل السيطرة
على المحتوى وإدارة المواقع المحلية.
كما عمد
الحوثيون إلى تقييد استخدام الإنترنت من خلال فرض رقابة المواقع وحجب العديد من
مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بالتزامن مع شن حملات إلكترونية لحشد الدعم ضد
الهجمات السعودية والضربات الجوية الأمريكية وما يصفونه بـ"المؤامرة السعودية
الأمريكية الإسرائيلية ضدهم".
وذكرت المجلة، أن السكان المحليين يصفون المواقع الموالية للحوثيين بأنها عبارة عن
"حرب ناعمة" مدعمة بأفلام وثائقية وقصص إعلامية ورسوم كاريكاتورية ساخرة
ومنشورات على الإنترنت لجذب الجمهور.
وقالت الصحيفة إن جماعة الحوثي أقدمت على قطع الكابلات البحرية بدعم إيراني بغية محاربة المحاولات الأجنبية لعرقلة
جهودهم الدعائية المضللة.
ويبدو أن تلك
الجهود، وفقا لتقرير "فورين بوليسي"، قد ساعدت الحوثيين في السيطرة على
تدفق المعلومات والبيانات عبر الفضاء الإلكتروني وعززت دعاية تلك القوات في
الخارج، وزادت من "شرعيتهم" في الداخل.
ورجحت المجلة
الأمريكية أن اليمنيين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي يثقون في وسائل إعلامها حتى لو كانت تنشر معلومات مضللة بشكل واضح وصريح.
وفي السياق
ذاته، وجدت دراسة استقصائية أجرتها شبكة "دي تي غلوبال" أن الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر
عليها الحوثيون يعتبرون قناة المسيرة، الناطقة بلسان الحوثيين المحظورة في عدة دول
خارج اليمن، من بين أكثر وسائل الإعلام موثوقية.
وأظهرت الأبحاث التي قامت بها دي تي غلوبال ومنظمة حقوق الإنسان "أرك" أن معظم اليمنيين يشكون بمحطات التلفزة والإذاعة والصحافة المطبوعة التي يعتقدون أنها لا تقدم الصورة الحقيقية للوضع الأمني والمفاوضات السياسية والإقتصاد في البلاد.
فيما لا يثق الكثير منهم بتغطية الإعلام المحلي لكورونا، مما أدى لانتشار نظريات المؤامرة عن الفيروس واللقاحات.
وفي المقابل يصدق الكثيرون المعلومات التي يقدمها المسؤولون الحوثيون عن الفيروس رغم عدم صحتها.
كما حدد استطلاع
سابق في العام 2020 أن ما يقرب من 80 بالمئة من أولئك الذين يعيشون في المناطق
التي يسيطر عليها الحوثيون يثقون بمسؤوليهم المحليين، مقارنة بحوالي بـ 25 بالمئة
في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
بدورها، تصدت الحكومة اليمنية، لتحركات الحوثيين في العام 2018، عبر إطلاق
مزود الإنترنت الخاص بها "عدن نت" من الأراضي السعودية بغية انتزاع
السيطرة من مزود الخدمة "يمن نت" الذي يسيطر عليه الحوثيون، إلا أن المشاركة لا تزال محدودة.
ومثل منافستها، لا تقدم عدن نت أي تفاصيل حول الخصوصية أو شروط الخدمة مما أثار مخاوف المشاركين المحتملين. وهذا ما يفسر زيادة الاعتماد على الشبكات الافتراضية من قبل المستخدمين اليمنيين للتكنولوجيا والذين يبحثون عن طرق للتحايل على التدخل في الخصوصية وانقطاع خدمة الإنترنت المتكررة.
وأكدت المجلة في
تقريرها أن "الوصول إلى المعلومات الموثوقة أمر ضروري لتجنب
المواجهة العنيفة، والحصول على مساعدات الإغاثة، وإرساء السلام والمصالحة"، مشددة على أن الاتصال المستمر بالأخبار المزيفة يؤدي إلى اضطراب في البيئات المستقرة، فما بالك في مناطق الحروب حيث يمكن أن تصبح المعلومات المزيفة والمضللة قاتلة.
وذكر التقرير أن زعيم جماعة الحوثي،
عبد الملك الحوثي، قد وصف العاملين في مجال الإعلام بأنهم "أكثر خطورة"
من القوات المسلحة التي كانوا يقاتلونها، وبالتالي هذا يؤشر إلى أن هدف جميع
الأطراف المتحاربة هو السيطرة على السرد الإعلامي ومن خلال الحد من الوصول إلى
مقدمي الأخبار الدوليين والمحليين والافتراء عليهم.
جبهة قتال افتراضية
وأكد تقرير "فورين بوليسي" أن وسائل
التواصل الاجتماعي باتت تعد جبهة حاسمة، حيث يوجد في اليمن ما يقرب من 3.2 ملايين مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي، ما
يقارب الـ10 في المائة من السكان، وأكثر من ثلثي هؤلاء موجودون على فيسبوك، و24
بالمئة يستخدمون يوتيوب بانتظام، ونسبة أقل بكثير على تويتر، وهنا قد تكثر حملات
شيطنة أطراف معينة في الصراع بالإضافة إلى استهداف مجموعات اجتماعية مختلفة.
ولكن بحسب فورين بوليسي، يتزعم جيل من نشطاء اليمن البارعين في مجال التكنولوجيا زمام المبادرة في التصدي للأضرار الرقمية، من خلال استفادة الشباب من إنستغرام وتويتر وتيك توك للدعوة إلى مزيد من الاهتمام بالأزمة، إذ يقوم بعض المستخدمين بنسخ الحقائق والأرقام الثابتة حول النزاع المسلح في مقاطع فيديو مصغرة جذابة تصل إلى مئات الآلاف من المشاهدين.
إنترسبت: محامية يمنية تقدم روايتها عن سجون الإمارات السرية
WP: أزمات العالم المنسية ازدادت سوءا في 2021