نشر موقع "أويل برايس" مقالا للخبير في شؤون النفط، سايمون واتكينز، ترجمته "عربي21"، حلل فيه نشاطات الصين بمنطقة الشرق الأوسط، قائلا إن بكين أقامت لها موطئ قدم في هذا البلد الاستراتيجي المنتج للنفط في الشرق الأوسط، هي سلطنة عمان.
واضاف أن المحادثات الأخيرة بين مساعد قائد هيئة الأركان العماني للعمليات والتخطيط، العميد الركن عبد العزيز عبد الله المنذري، مع رئيس هيئة الأركان للقوات الجوية المسلحة في إيران، الجنرال محمد باقري، ربما تشكل مرحلة جديدة في التعاون العميق والواسع بين عمان وإيران وانحراف السلطنة باتجاه المحور الصيني-الإيراني.
ونقل الكاتب عن مصدر إيراني يعمل مع وزارة النفط قوله: "قام البلدان بتنظيم عدد من المناورات البحرية في السنوات الماضية وفي إطار تأمين المعابر البحرية في الخليج الفارسي إلى خليج عمان وحمايتها من التهريب والتهديدات الأخرى، بما في ذلك الإرهاب.
لكن المحادثات الأخيرة تعلقت بتوسيع التعاون أبعد من القوات العسكرية المشتركة في التعامل مع تهديدات التهريب والتعامل مع الإرهاب".
ويقول الكاتب إن المشكلة الأساسية التي عجلت بتحرك عمان نحو محور إيران-الصين هي افتقادها للمصادر الطبيعية الضرورية لتوليد التمويل المطلوب لكي يستمر اقتصادها متحركا بدون إنشاء صناعات أخرى غير الصناعة التي تتطلع إليها في عمليات التنويع وهي البتروكيمات والتي تحتاج لاستثمارات مالية كبيرة قبل أن تعطي ثمارها.
وبوجود احتياط نفطي بـخمسة مليارات برميل بشكل يضعها في المرتبةالـ22 عالميا واحتياط أقل من الغاز الطبيعي، فقد استكشفت عمان العديد من الخيارات لسد الثغرة المالية، لكن مشاكلها المالية ساءت بسبب حرب أسعار النفط التي بدأتها السعودية في 2014- 2016 و2020.
وتواجه عمان حتى قبل محاولات السعودية في 2020 شل إنتاج شركات الزيت الصخري الأمريكية عبر نفس الاستراتيجية التي استخدمت في الفترة 2014- 2016 ودمرت ميزانيات شقيقاتها الدول الأعضاء في أوبك والتي حللها الكاتب في كتابه الجديد عن الأسواق العالمية، عجزا في الميزانية في ذلك العام بنسبة 18% من مجمل الناتج المحلي العام وعجزا في الميزانية بمستوى الـ15% في السنوات الخمس المقبلة.
وكي تطور أسئلة عن الكثير من مشاكلها المالية.. فستكون مصفاة دقم التي تغير موعد افتتاحها أكثر من مرة مع المشاريع المتعلقة بها لإنتاج وتصدير النفط من ميناء دقم ومصفاة دقم المخصصة لتخصيص الغاز الخام، في رأس مركز.
ولأن السلطنة مصممة على الحفاظ على العجز بطريقة تتمكن من إدارتها، فإنها لم تتخذ فقط إجراءات تشمل خفض النفقات على الرواتب والمنافع والدعم والدفاع ورأسمال الاستثمار من الوزرات المدنية، بشكل خفض النفقات في عام 2016 بنسبة 8% من الناتج المحلي العام، ولكنها تحركت للتحكم بالنفقات المتعلقة بالهيدروكربونات.
وفي هذا السياق قام مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة النفقات العامة وطرق تخفيضها.
اقرأ أيضا: اجتماعات عسكرية عُمانية إيرانية في طهران تنتهي بتمرين بحري
وأكدت الحكومة العمانية أنها ستتبنى سياسة صفرية في التعامل مع الميزانيات في الخطة الخمسية التاسعة والموافقة على المخصصات المتعلقة بمشاريع التنمية التي لن يتم الموافقة عليها إلا بعد استكمال كل دراسات الجدوى والتحليل الحقيقي للثمن.
وأكد المجلس أنه قام بالتأكيد على ضرورة تجنب مطالب إضافية لتمويل المتعهدين بعد بداية العمل بأي مشروع.
لكن مشاكل عمان المتعلقة بمصفاة دقم زادت سوءا عام 2016، عندما قالت شركة الاستثمارات البترولية الدولية الإماراتية إن مشروع دقم لم يعد مناسبا لاستراتيجية الاستثمار العامة، وفي ضوء الاندماج الوشيك، حيئنذ بين الشركة الدولية وشركة مبادلة للتنمية، ولهذا قررت الانسحاب من المشروع.. مع أن الانسحاب تبعه توقيع مذكرة تفاهم بين شركة النفط العمانية وشركة النفط الكويتية للتعاون في بناء المصفاة.
وفهمت المجلة أن هذا لم يوفر حتى نصف الكلفة المقدرة وهي 6 مليارات دولار أمريكي. ونتيجة للتوقعات السلبية للتصنيفات الائتمانية وتخفيض التصنيفات في السنوات الماضية فقد ظلت خيارات عمان للحصول على المال من خلال السندات التقليدية مقيدة، وقلت معها شهية المستثمرين الدوليين لشراء حصص في الجزء المخصص من أي شركة تملكها الدولة العمانية، وحتى في الشركة الممولة جيدا وهي شركة النفط العمانية للمصافي والصناعات البترولية.
وعند هذه النقطة رأت الصين فرصة لتوسيع موطئ قدمها في عمان والتي تعتبر أرضا مهمة ومركزا بحريا ضمن مشروعها الجيلي المتعدد "طريق واحد وحزام واحد".
وفي نفس الوقت الذي انسحبت فيه شركة الاستثمارات البترولية الدولية من المشروع قامت الشركة المشغلة لمشروع دقم وهي شركة مصفاة دقم والصناعات البتروكيماوية بالترادف مع شركة النفط العمانية، بتعيين عدد من البنوك الدولية بقيادة شركة كريدت أغريكول لتقديم الاستشارة حول الطرق المثلى للحصول على تمويل للمشروع.
ووجدت هذه المبادرات استحسانا جيدا من الصين التي وعدت كجزء من استثمارات واسعة في عمان بتوفير المال المطلوب لاستكمال مصفاة دقم.
إلا أن الموافقة جاءت بشروط تسمح للصين ببناء مشاريع بنى تحتية ضخمة. وسارعت الصين التي تمثل نسبة 90% من صادرات النفط العمانية وغالبية صادراتها من البتروكيماويات، للاستفادة من الفرصة والتعهد بـ 10 مليارات دولار حالا من أجل الاستثمار بالمشروع الملحق بمصفاة دقم، وذلك بعد فترة من توقيع الاتفاقية النووية مع إيران بداية عام 2016.
وفي ذلك الوقت أعلنت عمان عن زيادة ميزانية مشروع دقم من 6 مليارات دولار إلى 18 مليار دولار وتشمل كل عناصر المشروع.
وبهذا، فإنه سيزيد الإنتاج من 15 مليون طن في الوقت الحالي إلى 25 مليون طن في عام 2030، وسيتضاعف حجم مبيعات السلع الأساسية من 21 مليون طن إلى 40 مليون طن بنفس الفترة.
ومع أن استثمار الصين موجه لإكمال مصفاة دقم بما فيها خطوط التصدير من ميناء دقم وخزانات النفط الخام في رأس مركز إلا أن المال الصيني سيستخدم في بناء وإنشاء مركز صناعي بمساحة 1.172 كليومتر مربع في دقم ويشمل ثلاث صناعات، ثقيلة وخفيفة واستخدامات مزجية.
ومنح هذا الصين فرصة لتأمين مناطق استراتيجية في السلطنة الحيوية من الناحية الجيوسياسية.
ولديها سواحل طويلة على طول خليج عمان وبحر العرب وبعيدة عن مضيق هرمز الحساس. وسيكون لديها منفذ غير مقيد على الأسواق في جنوب وغرب آسيا وأفريقيا بالإضافة للجيران في الشرق الأوسط.
وبناء على الطريقة المعروفة في الاستثمار، فقد سمحت هذه المشاريع للصين بتعيين الصينيين فيها من مدراء المشاريع إلى الحرس.
وبناء على هذا المكسب الجديد في مناطق الشرق الأوسط، فستتمكن بكين من تسريع خطوط النقل بين إيران وعمان.
وهناك خطة طال الحديث عنها وتعزز الدور الصيني وتقوم على الاستفادة من الغاز الطبيعي المسال غير المستخدم في إيران وعمان.
وتم الحديث عن هذه الخطة بين طهران ومسقط وهي جزء من طموحات إيران التحول إلى قوة عظمى في مجال تصدير الغاز الطبيعي المسال وبناء على الثروة في حقول جنوب بارس وشمال بارس.
وبدورها ستمنح عمان لإيران فرصة استخدام 25% من إجمالي 1.5 مليون من قدرات إنتاج الغاز المسال سنويا في محطة قلهات.
وربما تم تحقيق هذا من خلال بناء قسم طوله 192 كيلومترا بأنابيب نفط حجمها 36 بوصة في قاع بحر عمان وعلى عمق 1,340 مترا من جبل مبارك في ولاية هورمزغان في جنوب إيران إلى ميناء صحار في عمان.
وقد يفتح هذا المجال أمام خطوط غاز أخرى من إيران إلى باكستان ومنها إلى الصين وبالعكس، ويتم هذا بحماية أمنية صينية وبعيدا عن أي خطة أمريكية في جنوب الهلال الشيعي التي ناقشها الكاتب في كتابه الجديد وبتفصيل تام.