انطلقت النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم، بمدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، الاثنين، برعاية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي من 10 إلى 13 كانون الثاني/ يناير الجاري، بحضور رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، وولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله.
وسجل نحو 500 ألف شاب من 196 دولة لحضور المنتدى الذي يشارك به 5 آلاف شاب يناقشون ملفات، "حقوق الإنسان، تغير المناخ، تأثيرات ما بعد فيروس كورونا، مستقبل الطاقة، البيئة، الدراسة عن بُعد، التحول الرقمي، التكنولوجيا والجيل الخامس، ريادة الأعمال".
مخرجات سابقة
النسخ الثلاث السابقة شهدت حضور 15 ألف شاب من 160 دولة، كما خرجت بالكثير من التوصيات والاقتراحات والقرارات، رأى مراقبون أن الهدف منها كان دعائيا وبهدف الترويج السياحي.
المنتدى الأول أوصى بتدشين مركز دولي للحوار العربي الأفريقي الدولي بين شباب العالم، وإنشاء المركز الأفريقي للشباب، وتوفير منح دراسية للشباب من آسيا وأفريقيا، ووضع استراتيجية لمواجهة التطرف والإرهاب والأمية.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، انطلقت النسخة الثانية للمنتدى بحضور 5 آلاف شاب من 160 دولة، ليوصي بإعلان مدينة أسوان عاصمة للشباب الأفريقي لعام 2019 وإقامة ملتقى الشباب العربي والأفريقي بها.
النسخة الثالثة للمنتدى شهدها كانون الأول/ ديسمبر 2019، بحضور 7 آلاف شاب من 196 دولة، حيث أوصت بإطلاق مبادرة أفريقية للتحول الرقمي والتميز الحكومي، وإنشاء منصة إلكترونية عربية أفريقية للمرأة، ودعوة الأمم المتحدة لتبني بروتوكول لمكافحة الكراهية والتطرف والتنمر.
اقرأ أيضا: شبكة حقوقية توقف عملها بسبب انتهاكات أجهزة الأمن المصرية
وحول ما تحقق من مخرجات عبر منتديات شباب العالم السابقة، قال الائتلاف الوطني للأحزاب المصرية إن للمنتدى رسائل خارجية، أهمها أن مصر آمنة ومستقرة، ونجحت بحصار الإرهاب، وجاهزة لاستقبال السياح.
الائتلاف، أضاف في بيان وصل "عربي21"، أن المنتدى يوضح للعالم أن مصر قادرة على استضافة 5 آلاف شاب رغم جائحة كورونا، مؤكدا أن منتديات شباب العالم الأربعة من "أهم قوى مصر الناعمة".
ورصد الخبير الاقتصادي، أشرف غراب، أبرز المكاسب الاقتصادية من المنتدى في تصريحات صحفية الاثنين، مشيرا للترويج السياحي، وظهور مصر بوضع مستقر صحيا رغم جائحة كورونا، وكذلك حالة الاستقرار الأمني، في رسالة للشركات والسائحين الأجانب.
انتقادات للمنتدى
لكن، مع كل نسخة من منتديات شباب العالم يوجه نشطاء انتقادات لها، مؤكدين أنها لا تغير واقع شباب مصر الذي يعاني تهميش النظام وإهمال الدولة والبطالة والفقر، والبطش والاعتقال والأحكام القاسية المسيسة، والهجرة غير الشرعية.
ويأتي المنتدى الرابع للشباب في ظل دعوات حقوقية مصرية وغربية تطالب النظام بالإفراج عن أكثر من 60 ألف معتقل مصري أغلبهم شباب، ومطالب بوقف تنفيذ المئات من أحكام الإعدام والمؤبد بحقهم.
مراقبون انتقدوا أيضا ما تتكلفه الدولة من نفقات باهظة خلال المنتدى من السفر بالطائرات والإقامة بفنادق شرم الشيخ، والرعاية الصحية والأمنية.
الناشط والأكاديمي الدكتور عادل دوبان، أكد أن رعاة المنتدى هم بنوك وشركات حكومية، متوقعا أن تبلغ ميزانية المنتدى نحو مليار جنيه، من المال العام، معتبرا أن هذا سفه حكومي.
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، حصر رعاة المنتدى في بنوك الأهلي، ومصر، والقاهرة، والتعمير والإسكان، وفيصل، والعربي الأفريقي، والمصري لتنمية الصادرات، والزراعي، وقناة السويس، والتنمية الصناعية، وشركتي المصرية للاتصالات، ومصر للطيران.
وقال إن الحكومة التي تريد أن تمنع الدعم عن المواطن أو الشباب حديثي الزواج، وتستكثر عليه دعم رغيف العيش، بحجة عدم وجود موارد كافية، تنفق موارد الدولة وأموال الشعب على مؤتمرات دعائية وفعاليات لا داعي لها.
وفي المقابل، دافع رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، عن المنتدى، قائلا في بيان وصل "عربي21": إن الدولة لا تتحمل النفقات وأن الرعاة يتنافسون لرعاية المنتديات والإعلان فيها.
ويأتي المنتدى إثر ما أعلنه السيسي، خلال "أسبوع الصعيد" الشهر الماضي، بتقليص دعم الشباب، ومنع إصدار بطاقات تموينية تشمل رغيف العيش والسلع الأساسية للمتزوجين حديثا.
"220 مليون دولار"
وقال الباحث مصطفى خضري، إن منتدى شباب العالم "إحدى نزوات الجنرال، التي زينها محيطون به ومنتفعون منها، ووافقت مزاجه النرجسي وذاته الممتلئة بجنون العظمة".
رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"، لفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "السيسي يكون بأعلى حالات النشوة النفسية؛ وهو يخاطب المحيطين بالندوات والمؤتمرات، وكأن ذاته تتغذى على تلك الأجواء التبجيلية المصطنعة".
وأشار إلى أنه "في ذلك يقلد التنظيم الطليعي لجمال عبد الناصر، وهو ليس بدعا في الطغاة، فحال السيسي مع منتداه أشبه بما كان فعله الليبي معمر القذافي باجتماعات القبائل الأفريقية عندما قلدوه لقب ملك ملوك القارة، قبل مقتله بثلاث سنوات".
وأضاف: "ربما كان القذافي أكثر حنكة حيث كان يستهدف من اجتماع القبائل الأفريقية وضع دولته قليلة السكان ضعيفة القوة بمصاف دول صنع القرار بالقارة نظير بعض التكلفة المالية التي لا ترهق ميزانية دولته البترولية الغنية".
وتابع: "وعبد الناصر كان أكثر حكمة حيث استهدف بتنظيمه الطليعي صناعة كوادر شبابية مصرية تحمل نظامه السياسي وتروج لمشروعه الفكري، بعكس السيسي الذي يحمل منتداه من البروباغاندا الإعلامية أكبر مما يحمل من فائدة مرجوة".
اقرأ أيضا: منظمة حقوقية: السيسي قلّد ابن سلمان بملاحقة المعارضين
الخبير في التحليل المعلوماتي وقياس الرأي العام، أكد أنه "لا يرفع من أسهم مصر بالسياسة العالمية، ولا هو يدعم السياسة الداخلية، بالإضافة إلى ما تتحمله الدولة من تكلفة تزيد من أعباء الموازنة المثقلة بنزوات الجنرال الأخرى".
وحول ما تعود به منتديات السيسي على شباب مصر، قال خضري: "لا شيء ذا قيمة، فهي فعاليات ترويجية لتسويق الصورة الإعلامية للجنرال، ولو وجه ما ينفق عليها للتعليم أو الصحة أو مراكز الشباب لكان لها قيمة نافعة للشباب".
وبشأن أرقام كلفة عقد هذه المنتديات، أوضح أنه "حسب تقدير الوحدة الاقتصادية بـ(تكامل مصر)، فإن المنتديات الثلاثة السابقة تكلفت نحو (120 مليون دولار)، كتكلفة مباشرة لانتقال وإقامة المشاركين".
وأضاف: "ومثلها تقريبا كتكلفة غير مباشرة مثل الهدايا التي تقدم للحضور وتكلفة التأمين للمشاركين الأجانب والمسؤولين الرسميين... إلخ".
وتابع: "يضاف لما سبق خسارة مداخيل الفرصة البديلة بالعملة الصعبة والتي ستفقدها مصر من عوائد أجنبية في قمة الموسم السياحي الحالي نظرا لما ستعانيه المدينة الساحلية من ضوابط أمنية وانشغال بفنادقها وخطوطها الجوية طوال مدة التجهيز والفعاليات للمنتدى".
خضري خلص للقول إنه "وبحسب تقدير (تكامل مصر) لتكلفة النسخة الرابعة من المنتدى ٢٠٢٢، شاملة التكلفة المباشرة وغير المباشرة وخسارة المداخيل السياحية الأجنبية؛ تقدر بـ(100 مليون دولار) على الأقل".
"يخالف أحلام الشباب"
وفي رؤيته قال الكاتب والباحث الإعلامي سيد الجعفري: "منتدى شباب العالم أحد أساليب النظام للترويج لنجاحات يدّعيها بمواجهة معارضة تحظى بنجاح كبير بوسائل التواصل الاجتماعي".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن المنتدى "امتداد لفكرة الحشد والحشد المضاد التي راجت في مصر عقب ثورة يناير 2011، واتبعها نظام السيسي عقب استيلائه على السلطة بالقوة عام 2013".
ولفت إلى أنه "يحشد أنصارا ومؤيدين يختارهم بعناية، ويحدّد لهم ما يقولون، ويكونون أقرب لديكور يصنعه المخرج لإيصال رسالته".
اقرأ أيضا: علاء مبارك يتصدر الترند بمصر بسبب السيسي.. ويثير جدلا
وأشار الجعفري، إلى أن المنتدى "يمثّل نوعا من البروباغندا والدعاية للنظام بمواجهة صورة سيئة تلطخ سمعته دوليا بمجال حقوق الإنسان، وداخليا بكثير من احتياجات الشعب الحقيقية وقضايا الفساد".
وأضاف: "كما يعد منصةً للترويج لبعض مبادرات النظام ومشروعاته التي يطلقها على هامش المنتدى لإحداث نوع من الزخم السياسي والدعم الشعبي من الحضور".
وأكد أن "المنتدى يظل نوعا من الكلام المستهلك بعيدا عن الأحلام الحقيقية لشباب مصر اللاهث خلف لقمة العيش والباحث عن تنمية حقيقية توفر له وظيفة مناسبة، ودخلا يمكّنه من الاستقرار الأسري، وحياة كريمة فعلية، وليست شعارا تلوكه ألسنة النظام وإعلامه بالمنتدى".
وشدد على أهمية تلك المنتديات ودورها "التثقيفي والتدريبي"، منتقدا "الضجيج الرسمي والإعلامي"، مطابا بتقدير "الجوانب التربوية والتنافسية والتدريبية وتقديم الأفكار والاقتراحات والمبادرات الشبابية".
وأضاف: "أما أن تنفق الدولة الأموال الطائلة على مثل هذه المنتديات لعرض أفكارها ورؤاها هي؛ فهذا إهدار للمال العام؛ إذ لا حاجة لمحلّل لأفكارها ومشروعاتها، خصوصا أن المنتديات تحتاج لأموال طائلة".
وتابع: "وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن التكلفة الفعلية للمنتدى مع عدم شفافية النظام بكل ملفاته وقضاياه، وفي ظل الحاجة للإنفاق على الصحة والتعليم".
وختم الجعفري بالقول: "شباب مصر يحتاجون إلى أكثر من مجرد لقاء مع شباب العالم، على الأقلّ في المرحلة الصعبة التي تعاني فيها اقتصادات الدول وسوق العمل الخليجي الذي يستوعب كثيراً من هؤلاء الشباب الذين أصبحوا في مهب رياح العودة إلى مصر خاليي الوفاض".
هل يتأثر نظام السيسي دوليا بقضية العميل "جرجس"؟
تحول غير مسبوق في علاقات مصر مع الاحتلال خلال 2021
تعرف إلى أبرز محطات أزمة سد النهضة خلال عام 2021