أثار قرار للبنك المركزي المصري جدلا في الأوساط الاقتصادية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مخاوف أثارها بعض الاقتصاديين من احتمالات دخول مصر على مشارف أزمة مالية جديدة، قد يترتب عليها إفلاس بعض البنوك.
وقرر البنك المركزي المصري، الاثنين، الموافقة على مجموعة من القواعد التي ستسمح له بتقديم سيولة طارئة للبنوك المحلية.
وقال البنك في بيان إنه سيمنح السيولة للبنوك في حالة عدم قدرتها على توفيرها من سوق الإنتربنك أو من الأسواق المالية الأخرى، مؤكدا أن السيولة ستُتاح للبنوك ذات الملاءة المالية فقط ولفترة حدها الأقصى 180 يوما، ويمكن مد التمويل أو جزء منه لفترات أخرى.
وبحسب البيان، فإن سعر العائد للسيولة الطارئة سيتحدد عند سعر البنك المركزي للإقراض لليلة واحدة زائد هامش يحدده البنك بحد أدنى 5 بالمئة.
وفي تفسيره للقرار، اعتبر أستاذ الاقتصاد ورجل الأعمال المصري، محمود وهبة، أنه بمثابة اعتراف ضمني من البنك المركزي المصري بوجود أزمة سيولة في مصر، لافتا إلى أن اقتصار دور البنك المركزي على توفير السيولة الطارئة للبنوك ذات الملاءة المالية فقط يعني أن هناك بنوكا بلا ملاءة مالية.
وأوضح وهبة في تدوينة نشرها عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن وجود بنوك بلا ملاءة مالية في مصر يعني أن هذه البنوك تواجه خطر الإفلاس، أي "موتها ماليا أو إكلينيكيا
لأن أصولها لا تسمح بسداد التزاماتها".
وتساءل وهبة: "إذا كانت هناك بنوك في مصر بلا ملاءة مالية، فلماذا يسمح لها بالاستمرار في تلقي أموال المودعين؟"، داعيا البنك المركزي إلى ضرورة الإفصاح عن أسماء هذه البنوك حتى يتسنى للمودعين توجيه ودائعهم إلى البنوك ذات الملاءة المالية التي سيتدخل البنك المركزي لإنقاذها.
وأضاف: "وجود بنوك في مصر بلا ملاءة مالية قد يأخذ النظام المصرفي كله إلي الهاوية، فلو ذهب عدد كبير من المودعين ليستردوا أموالهم لدي هذه البنوك فلن يجدوها".
ووفقا لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، فإنه يلتزم بضمان جميع الودائع فى كل البنوك العاملة في مصر، المصرية أو العربية أو الأجنبية، سواء كانت بالعملة المحلية أم بالعملات الأجنبية، ويتوجب عليه اتخاذ كل التدابير للحفاظ على استقرار وسلامة القطاع المصرفي المصري وبما يضمن الحفاظ على أموال المودعين.
وبلغ إجمالي ودائع الجهاز المصرفي المصري بنهاية أيلول/ سبتمبر الماضي 6.1 تريليون جنيه (نحو 388.4 مليار دولار) مقابل 5.98 تريليون جنيه (نحو 380.7 مليار دولار) في آب/ أغسطس من نفس العام، وبلغ إجمالي الودائع غير الحكومية 4.911 تريليون جنيه في أيلول/ سبتمبر 2021 مقابل 4.83 تريليون جنيه في آب/ أغسطس من نفس العام، بحسب أحدث تقرير صادر عن البنك المركزي.
وقالت وكالة رويترز، إن البنوك المصرية تواجه تراجعا في جودة الأصول بسبب التأثير الاقتصادي لجائحة كورونا، لكنها في الوقت ذاته نقلت عن مصرفيين قولهما إن البنوك من المستبعد أن تستفيد من قرار البنك المركزي، الذي تجري مناقشته منذ أكثر من عام، لأن الأموال المتاحة في إطار تسهيل البنك المركزي للإقراض لليلة واحدة أرخص.
وفي المقابل قال نائب رئيس قطاع المعاملات الدولية في "ميد بنك"، تامر الصادق، إن ضوابط البنك المركزي الجديدة بشأن منح السيولة الطارئة للبنوك التي تعاني من عدم الاستيفاء بالتزاماتها قرار جيد يهدف إلى اتخاذ الجهاز المصرفي حذره في إدارة استثمارته وتقوية ملاءته المالية تجنبا للتعرض لمخاطر نقص السيولة.
وأوضح، بحسب موقع "مصراوي"، أن تحديد المركزي سعر فائدة مرتفعا بحد أدنى 5 بالمئة فوق سعر الكوريدو الحالي على البنك الذي يتقدم للحصول على تمويل من المركزي لمواجهة نقص طارئ في السيولة جاء من أجل أن يقتصر إقدام البنك على هذا الطلب في حالة الضرورة القصوى فقط.
وأكد الصادق أن البنك المركزي لا يعد أداة للتمويل إلا لضرورة ملحة، لافتا إلى أن "لجوء بنك لطلب دعم من المركزي بشأن السيولة الطارئة يتطلب منه توضيح أسباب وقوعه في هذا التعثر وخطط المعالجة".
وفي أول تعليق على قرار البنك المركزي المصري، قال نائب محافظ البنك المركزي المصري جمال نجم، في تصريحات تلفزيونية، إن قرار إتاحة السيولة الطارئة للبنوك المحلية يأتي التزاما بقانون البنك المركزي 194 لسنة 2020.
وأكد أن القرار مجرد "إجراء مستقبلي لأن نسب السيولة لدى البنوك المصرية في الوقت الحالي تعد الأعلى في المنطقة"، لافتا إلى أن أزمات السيولة يمكن أن تهدد عمل البنوك وتؤثر على عمل المؤسسات المالية الأخرى.
وتستعرض "عربي21" في ما يأتي أبرز تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن قرار البنك المركزي الخاص بمنح السيول الطارئة للبنوك العاملة في مصر:
مشروعات مليارية أرهقت موازنة مصر في 2021.. هذه أبرزها
"قناة السويس" تسجل أعلى إيراد سنوي على الإطلاق
ماذا يعني تلويح السيسي بوقف البناء 10 أعوام؟.. "مؤشر كارثي"