أثار حديث رئيس
الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي عن إنفاق 6 تريليونات جنيه أو ما يعادل 400
مليار دولار منذ سبع سنوات من أجل محاربة الفقر وتحسين مستوى المعيشة، في ظل إعلان
الحكومة عن إنفاق 4.4 تريليونات جنيه (280 مليار دولار) تساؤلات عن أسباب تفاقم
الفقر في البلاد.
وأشارت الوزيرة هالة
السعيد إلى أن الحكومة تنفذ جهودا جبارة لتنمية البلاد على مدار الـ 7 سنوات الماضية،
أسفرت عن تغيير شكل الحياة بكافة ربوع الدولة المصرية مما انعكس على المواطن
المصري بالإيجاب وتحسين مستوى الخدمة المقدمة وأيضا تحسين مستوى معيشة المواطن
المصري فقد أنفقت الدولة ما يقارب 4.4 تريليونات جنيه استثمارات مشروعات نفذتها
الدولة في كل محافظات مصر.
وزعم السيسي، خلال
فعاليات النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم، الأربعاء، أنه حين تولت حكومته
المسؤولية لم يكن يشغلها سوى محاربة الفقر، مضيفا: "خلال السبع سنين اللي فاتو
دول حجم الإنفاق إلى تم عشان نحاول نخرج من متاهة الفقر أكتر من 6 تريليون جنيه
يعني حوالي 400 مليار دولار".
تجميل الأرقام في نظام
السيسي
أيا كان المبلغ سواء 6
تريليونات أو 4.5 تريليونات جنيه، فالأرقام الحكومية الرسمية - رغم التشكيك في
دقتها- تؤكد أن مستوى الفقر في زيادة، وأن عدد الفقراء في ارتفاع، وأن الطبقة
المتوسطة مهددة بالتآكل، ووصل عدد الفقراء لأول مرة في تاريخ البلاد أكثر بقليل من
30 مليون مواطن.
أظهرت إحصائيات الجهاز
المركزي للتعبئة والإحصاء (رسمي) وصول معدل الفقر في مصر إلى 29.7 بالمئة من عدد
السكان في العام المالي 2019-2020، فيما أكد تقرير للبنك الدولي عام 2016، أن نسب
الفقر في البلاد وصلت إلى 60 بالمئة.
مقابل ارتفاع نسبة
الفقر، قفز الدين الخارجي لمستوى تاريخي جديد، في حزيران/ يونيو 2021، بلغ إجمالي
ديون مصر الخارجية 137 مليارا و850 مليون دولار مقارنة بـ123 مليارا و490 مليون
دولار حزيران/ يونيو 2020، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري، فيما تعدت ديون مصر
هذا الرقم بكثير في الأشهر الستة الأخيرة من العام.
من أين جاءت 400 مليار
دولار وأين تذهب؟
يرى مراقبون وخبراء، أنه إن صحت هذه الأرقام، فهي تتوزع على ثلاثة مصادر، الجزء الأول هو من زيادة الضرائب
والرسوم والدمغات التي تضاعفت وتم استحداث الكثير منها، والجزء الثاني هو أموال
الدعم التي كانت تذهب للمصريين وخاصة الفقراء ومحدودي الدخل والطبقة المتوسطة وحرمانهم
منها، والجزء الثالث هو ديون داخلية وخارجية يقترضها النظام ويحملها على عاتق
المصريين والأجيال المقبلة؛ وبالتالي كيف تنخفض نسبة الفقر؟
وأكدوا في تصريحات
لـ"عربي21" أن المغالطة الأكبر في الأمر، أن غالبية تلك الأموال -
المهدرة- ذهبت لمشروعات السيسي أو لمشروعات غير ذات جدوى مثل العاصمة الإدارية، والتفريعة الجديدة لقناة السويس، ومدينة العلمين الجديدة والمدن الأخرى، والطرق
والكباري والقطارات الجديدة في الصحراء، وصفقات السلاح وغيرها من المشاريع غير
الإنتاجية والتي الهدف منها التباهي بها فحسب.
ويلتهم قطاع واحد فقط
نحو 1.7 تريليون جنيه؛ وهو قطاع النقل والمواصلات، بحسب وزير النقل كامل الوزير، حيث
يتكلف مشروع قطار كهربائي يمتد في الصحراء لمئات الكيلومترات نحو 32 مليار دولار
أي 360 مليار جنيه. (الدولار يساوي 15.75 جنيها).
فقاعة الفقر تكبر في
مصر
ويرى الباحث في
الاقتصاد السياسي، الدكتور مصطفى يوسف، أن "نظام السيسي انخرط في مشروعات
بمئات مليارات الجنيهات دون دراسة جدوى من رفع الدعم والاقتراض وزيادة الضرائب، وإذا
كانت مناقصات المشروعات توزع على الهواء على المقاولين كما تابع ملايين المصريين،
فأي نظام اقتصادي هذا، وفي أي بلد في العالم شاهدنا هذا الهراء! ما يجري هو نوع من
السفه الاقتصادي، والتلاعب بعقول المصريين".
وتساءل في حديثه
لـ"عربي21": "كيف يتحسن مستوى معيشة المصريين ولا يوجد إنتاج زراعي
وصناعي وتكنولوجي حقيقي لتصديره للخارج، وما قيل عن مضاعفة الصادرات قبل عملية
التعويم في 2016 لم يتحقق منها شيء، والوعود تلو الأخرى بعدم زيادة الأسعار وإنعاش
جيوب المواطنين ذهبت هباء، وليتهم سكتوا، بل واصلوا فرض المزيد من الضرائب والرسوم
ورفع الدعم حتى تآكلت الطبقة المتوسطة، وهو مؤشر خطير على بدء انهيار النسيج
المجتمعي".
وأضاف: "يقدر
البنك الدولي حجم الفقر في مصر بـ60 بالمئة، ونحن أمام بالونة ضخمة من الفقر
ممتلئة بملايين الفقراء توشك على الانفجار، ولو تم استثمار هذه الأموال (6
تريليونات جنيه) على الصحة والتعليم والزراعة والمشروعات الصناعية الصغيرة
والمتناهية الصغر لكان خيرا لمصر وللمصريين ولتغيرت أحوالهم بشكل كبير، ولكن سياسة
الفرد الواحد في إدارة اقتصاد بلد بحجم مصر ستؤدي إلى كارثة عاجلا أم آجلا".
وهذا ما ذهب إليه
أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، مصطفى شاهين، حيث أكد أن "غالبية هذه
الأموال يتم إنفاقها بشكل مباشر وغير مباشر على مشروعات ضخمة غير إنتاجية ولا
علاقة لها بتحسين أحوال الفقراء ومحدودي الدخل الذين يبحثون عن الحد الأدنى من
لقمة العيش في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة".
وأكد في تصريحات
لـ"عربي21": "الحكومة تطلق في كل مناسبة بيانات وأرقاما لا يقرأها
إلا هي؛ لأن المواطن لا يعنيه سوى تقديم خدمات حقيقية تتناسب مع حجم ما تم
استقطاعه من ضرائب وخفضه من دعم، فأين مصر من جودة التعليم والصحة، وأين مصر من
حجم الصادرات، ما هو متوسط قيمة أجور المصريين، وما هو حجم الديون الخارجية
والداخلية، هذه هي المؤشرات الحقيقية لتحسين مستوى معيشة المصريين".
بيانات اقتصادية عكس
الواقع
بدوره يرى الخبير
الاقتصادي، ممدوح الولي، أن غالبية المصريين لم تتحسن أحوالهم المعيشية في ضوء ما
تذكره البيانات الرسمية من تحسن في إيرادات قناة السويس والتصدير والاحتياطيات من
النقد الأجنبي.
وأرجع الولي السبب، في
مقابلة مع "ميدل ايست مونيتور"، ترجمتها "عربي21"، إلى أن
المصريين لا يأكلون المؤشرات الاقتصادية التي تعلنها الحكومة، لافتا إلى أن معدلات التضخم الحقيقي أعلى من نسبة الزيادات
السنوية بالأجور سواء من القطاع العام أو الخاص، ما ينعكس على معاناة العاملين
بسبب زيادة أسعار السلع والخدمات وخاصة المقدمة من قبل الحكومة من كهرباء وغاز
طبيعي ووقود وخدمات حكومية.
أظهرت دراسة مطولة عن
الأوضاع الاقتصادية في الدول العربية أن مستويات الفقر ارتفعت في المنطقة بصورة
صادمة، وقالت الدراسة، التي أعدها الباحث في الجامعة الأمريكية في بيروت رامي خوري
ونشرها موقع "العلوم السياسية في الشرق الأوسط"، أن أرقام قياس الفقر
متعدد الأبعاد تشير إلى وجود معدلات فقر أربع مرات أعلى مما كان مفترضاً من قبل.
لقد تم تصنيف 116
مليون نسمة ضمن الفقراء في عشر دول عربية شملها مسح الإسكوا (أي ما نسبته 41
بالمئة من التعداد الإجمالي للسكان)، بينما صنف ما نسبته 25 بالمئة من السكان ضمن
فئة المعرضين للفقر. وازدادت نسبة الفقراء في مصر من 19.5 بالمئة في عام 2005 إلى
28 بالمئة في عام 2015.
خبير: مصر أصبحت دولة متسولة.. وهذه حقيقة اقتصاد السيسي
ماذا يعني تلويح السيسي بوقف البناء 10 أعوام؟.. "مؤشر كارثي"
MEMO: السيسي يعيش حياة فاخرة ويدعو المصريين للتقشف