شرع مجلس النواب الليبي قبيل انقضاء الموعد المقرر لإجراء الانتخابات في وضع خارطة طريق للاستدراك على الإخفاق الذي وقع وقاد إلى تأجيل الانتخابات العامة إلى أجل غير معلوم.
البرلمان شكل لجنة لوضع خارطة الطريق، دون أن يضع أسسا لهذه الخارطة، فيما أعلنت اللجنة أنها ستنفتح على الجميع للاسترشاد بآراء المكونات السياسية المختلفة لوضع الخارطة، وظل الموعد البديل للانتخابات مجهولا، ويبدو من مداولات اللجنة أن الأجل قد يطول.
اللجنة ليست المحدد الأهم لتحديد الإطار العام للخارطة، فهناك رئيس البرلمان، عقيلة صالح، والذي يبدو أنه يعود بقوة للمشهد بعد الفترة التي قضاها بعيدا عن منصبه نزولا عند بنود قانون انتخاب الرئيس، وما تسرب من لقاء الأخير برئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، هو الأهم فيما يتعلق بمضامين الخارطة.
تحدث بعض أعضاء البرلمان عن التأسيس لمسار صحيح للانتخابات بعد الانحراف الكبير الذي وقع، فقد جاء على لسان بعض أعضاء لجنة الخارطة العودة إلى مسودة الدستور التي أعدتها الهيئة المنتخبة لوضع الدستور، وهو تطور مهم ينبغي الوقوف على دوافعه ذلك أن التغيير الذي وقع يستدعي فهم ما الذي يجري، وهل يمكن اعتبار الحديث عن الأساس الدستوري "رشدا" يمكن أن يأسس للانتخابات بشكل يحقق الهدف منها بعد أن تفرد البرلمان بوضع إطار قانوني قاصر للعملية الانتخابية وتجاهل القاعدة الدستورية، أم أنه من المبكر القطع بهذا وذلك بالنظر إلى أن قواعد اللعبة لم تتغير وأن منطق المغالبة الذي يطغى على سلوك الفاعلين في البرلمان ما يزال سائدا.
إذ لا يمكن أن يكون العودة إلى مسودة الدستور والتفكير في طرحها للاستفتاء أو جعلها هي الأساس الدستوري الذي يحكم العملية الانتخابية بالتوافق مع الأعلى للدولة مقبولا من قبل حفتر الذي لا يزال يتمتع بنفوذ مؤثر داخل البرلمان. فالمسودة تتضمن بنودا صريحة تمنع ترشحه، وتغييرها سيثير ردة فعل قوية ستكون كافية لإفشال المحاولة الثانية لإجراء الانتخابات.
من المتوقع أن تلجأ ستيفاني إلى الضغوط لتثبيت الأجل المقرر في خارطة طريق جنيف كسقف زماني للعملية الانتخابية، وقد تنجح في ذلك، إلا إن عوائق قد تحول دون الدفع باتجاه توافق يعالج الانحرافات التي برزت قبل وخلال الإعداد الانتخابات التي تم تأجيلها والتي في مقدمتها الخلل في الأساس القانوني وفي ملف المترشحين للانتخابات الرئاسية.
عليه يمكن القول إن المضي في هذا المسار سيعزز فرضية تحدث عنها كل من لا يثق في البرلمان وفي الأعلى للدولة من أن الغاية هي تمطيط المسار السياسي وتغييره لينتهي إلى توافق حول إطار زمني يمتد لعام أو حتى عامين، مع إجراء تعديل في حكومة الوحدة الوطنية والذي يمثل مطلبا رئيسيا لقوى الشرق وتوافقهم عليه أطراف فاعلة في الغرب.
يبدو أن ستيفاني ويليامز، ومن خلفها الإدارة الأمريكية، لا تقبل بمقاربة هلامية والحديث عن خارطة فضفاضة يمكن أن يطول أجل إعدادها والتوافق حولها إلى تاريخ يتجاوز الأمد المتفق عليه لخارطة طريق جنيف التي أشرفت على وضعها ستيفاني وأقرها ملتقى الحوار السياسي.
تصريح ستيفاني الأخير من أن أجل خارطة جنيف يمتد حتى يونيو القادم، وأنها عادت للمشهد الليبي لتصحيح مسار خارطة جنيف بعد أن تم الانحراف عنها والشروع في عملية انتخابية هزيلة آلت إلى الفشل، هو بمثابة رد على توجه البرلمان ومقاربته لمعالجة ما وقع أثناء الترتيب للانتخابات، وقولها إنها ستنتظر ما يسفر عنه عمل لجنة خارطة الطريق التي شكلها البرلمان لا يعني أنها تتوقع شيئا بناء، وأكاد أجزم أنها موقنة أن الخطوة لن تسفر عن شي مهم يحقق توافق يأسس لعملية انتخابية صحيحة.
بناء على ما سبق عرضه، من المتوقع أن تلجأ ستيفاني إلى الضغوط لتثبيت الأجل المقرر في خارطة طريق جنيف كسقف زماني للعملية الانتخابية، وقد تنجح في ذلك، إلا إن عوائق قد تحول دون الدفع باتجاه توافق يعالج الانحرافات التي برزت قبل وخلال الإعداد الانتخابات التي تم تأجيلها والتي في مقدمتها الخلل في الأساس القانوني وفي ملف المترشحين للانتخابات الرئاسية.
اتجاهات الأطراف السياسية بعد تأجيل الانتخابات في ليبيا
الاقتصاد أبرز منافسي العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة